الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجه آخر عصري للتطرف، والساحة المصرية لا تقبل القسمة على متطرِفَيْن

عزالدين التميمي

2013 / 8 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية




ان الثورات الشعبية على مستوى العالم وعلى مدار التاريخ واجهت هذا الكم الهائل من التناقضات التي تعيشها الانتفاضات العربية حاليا، فالثورة في مواجهة استبداد ما كانت تنتج اخرا، والثورة على تطرف كانت تنتج تطرفا اخرا على جهة اخرى، وهذا أمر متوقع ان لم يكن طبيعيا اذا استندنا الى التسلسل المنطقي لمسببات انتاج هذا التطرف الثوري، والتي من اهمها ان الانفجار والانتقال السريع الذي غالبا ما تحدثه الثورة في حياة الثوار ان كان الفردية او العامة، يساهم في تغييب الموضوعية في تقييم أي شيء معاكس، ومن جهة اخرى فلا يمكن تجاهل ان الثورة الشعبية تقوم بالأساس على التعبوية الثورية، هذا لا ينفي انها نشأت بفعل وعي نخبوي ممنهج، الا ان افتراض ان القيام بالثورات يشترط وجود وعي شعبي جماعي هو افتراض غالبا ما كان غير واقعي ابدا ويؤجل الصراع الحقيقي المباشر، وبالتالي فان التعبوية التي كانت ضرورة في انتاج اي ثورة شعبية، تمثل سببا اخرا في انتاج تطرف في صدد تطرف اخر يتم الثورة عليه، وذلك لأن تعبوية الفكرة مع غياب وعي لاعادة صياغتها او انتقادها او التفكير في اصلاحها، كل ذلك يساهم في تصنيمها وانتاج التطرف الذي سبق وصفه.
لملاحظة هذه الظاهرة في الثورة المصرية بشكل خاص، علينا ملاحظة اعتبار نتائج الثورة الاولى على نظام مبارك نتائجا لا يمكن نقاشها، بل وباعتبار اي تقصير ان كان من الحكومات التي تتالت على هذه الفترة او من الجيش هو تقصير ناتج عن التفريط بما حققته الثورة، والتساؤل المطروح هنا: لماذا لم يتم تحميل الخلل - ان كان في الفساد بكامل اشكاله او في امور اخرى - الى خطأ في الثورة نفسها ممثلة بكوادرها او في مطالبها او فيما ما حققته وليس الى تفريط فيما حققته ؟ والجواب الذي اريد الوصول اليه هو ليس جوابا للسؤال نفسه، ولكنه استنتاج من خلال السؤال وهو ظهور نخبة اخرى نتيجة للثورة وجزءا من بنيتها .

لكن في ظل ما تعيشه الساحة المصرية حاليا، يبدو الوضع مختلفا وأكثر حدة، خاصة بعد المرحلة الثانية من الثورة والتي كانت في مواجهة نظام الاخوان المسلمين، فبعيدا عن اسباب هذه الثورة التي اؤمن تماما بشرعيتها، الا ان نتائج هذه الثورة _ التي قامت على أساس مواجهة التطرف الديني المتمثل ببعض حركات الاسلام السياسي يرأسها الاخوان المسلمين _ كانت انتاجا لتطرف ضد الاسلام السياسي مع التعميم، بل وأدى الى شعبية شبه مطلقة في صفوف رافضي الاسلام السياسي لأي من يقف في وجه الاخوان، أي ان الثقة المطلقة التي منحها طبقة كبيرة من الشعب المصري لبعض قيادة الشخص رغم الظهور الجديد لهم على الساحة السياسة، وربما بدون أي فكرة عن تاريخهم، هذا كله يعتبر ظاهرة خطيرة أزاحت الموضوعية في تقييم أي تصرف ناتج عن هذه الحركات، والاخطر من ذلك تغير في هيكلة مجتمع عربي متماسك قائم على التكافل والعلاقات الاجتماعية مثل المجتمع المصري، نتيجة للقمع المؤدلج ضد افراد المجتمع المؤيدين للاسلام السياسي .

اذن واذا تتبعنا الوضع المصري بداية من ثورة يناير، نلاحظ ان الثورة بالجزء الاول أطاحت بنظام استبادي وأنتجت نظاما متطرفا أدى الى تدهور الوضع المصري على مدار عام كامل، أما عن الثورة في الجزء الثاني؛ فقد أطاحت بتطرف الاسلام السياسي وأنتجت تطرفا ضده، السؤال المطروح هنا: هل اقتصرت الثورات العربية على استبدال تطرف بآخر واستبداد بغيره ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية