الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح بين عدالة القانون والضمير

ثائر الربيعي

2013 / 8 / 23
حقوق الانسان


ان فكرة محاربة الفساد الذي تحول من ممارسة انفرادية منبوذة حقيرة يسلكها ذوي النفوس الضعيفة المنحرفة الى ظاهرة مقبولة ادارياً واجتماعياً ،وثقافة ينتهجها الانسان وكانها جزء من موروث تاريخي يتفخر به ،فهوليس وليدة ساعتها, والسبب يعود لاسباب عديدة منها سياسية ,واجتماعية ,واقتصادية ،وخلل يصيب المنظومة القيمية والخلقية لشريحة واسعة من المجتمع ،حتى قيل في المثل (الي ما يسرق موسبع,والشاطر ليعبي بالسكلة ركي),ان قوة القانون وحدها لا تعطي النتائج الملموسة للإصلاح والتماثل للشفاء من هذا المرض الخطير،لأن سلامة الضمير وإصلاحه هو النقطة الجوهرية التي ينطلق منها المرء في اصلاح مامن حولة بعد اصلاح ذاته ,فالقانون هوالحد الادني الذي يحكم الاخلاقيات ,لانه يحكم على الاعمال الظاهرة الملموسة والتي لها دليل مادي يثبتها ,كما ان هنالك من يؤول القانون ويفسره وفق ماتشتهيه نفسه ومصالحه الشخصية ,بينما الضمير هو الحد الاعلى للأخلاقيات فهو يحكم ويراقب ويتابع اولاً بأول حركة الفكر والنية وحتى على مشاعر القلب الداخلية الامور التي لايمكن ان يصل اليها القانون ,فهو اسمى بكثير من القانون ,فعملية الاصلاح تبدأ من النفس الانسانية قبل كل شيء ،من خلال تحريرها من العقد والمشاكل والانانية التي تكبل الفرد وتجعله اسيراً لنزوات وشهوات حيوانية ،وقول الباري عز وجل ))إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) الرعد:11, فقد حمل كل الأنبياء والرسل امانة الإصلاح على اكتافهم غير مبالين بما يلاقونه من الهمج الرعاع ,لينشروا العدل والمساواة بين البشر والعيش بسلام وطمأنينة بعيداً عن واقع الغابة ,فهم جميعاً متفقين من حيث المبدأ في العمل لهذا العنوان خدمة للانسانية ,بغض النظر عن الانتماء العرقي والطائفي والديني ،لكن التطبيق يختلف من نبي ورسول لآخر ,حسب طبيعة المجتمع والظروف التي تحيط بالمصلح او المنقذ الذي وكلت اليه مهمة الاصلاح،فهم منزهين من العقد الذاتية لديهم اكتمال نفسي ,فمن غير الممكن ان يضع الله خاتمة الارض وإصلاحها ومقدرات البشرية ومصائرهم وكراماتهم بيد طغاة ومستبدين وظلمة لا يعرفون اي شيء عن حرمة الانسان,وهذا يعززه قول الباري (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الانبياء (105), فقد استخدم الرسول محمد (ص) منهج الاصلاح كمعيار اساسي في دعوته الاسلامية مبتدئاً في تهذيب النفس من الافكار الجاهلية التي تدعوا للتعصب القبلي والعلو عن الاخرين من العبيد وغيرهم ,والخرافة التي تسيطرعلى اذهانهم وتحت عناوين عديدة ,فقوله (إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) هذا يعني ان لكل فئة من المجتمع كان لها نمط واسلوب خاص بها في عملية الاصلاح ،فهنالك من أصلحه عن طريق الحوار والمجادلة والنقاش الفكري ,وهنالك جاء به للاسلام عن طريق المال والصدقات وهم المؤلفة قلوبهم,واخرين عن طريق الاعجاز الماورائيات , واستخدام السيف كان آخر المطاف مع الذين يؤثرون على مشروع الاصلاح الالهي ,فالكثير منا ينظر الى الاصلاح حسب فهمه الانطباعي وثقافته ,ورؤيته للزاوية التي يتحقق من خلالها ,وليس كما يريد هو الاصلاح تطبيقه على ارض الواقع ,فهنالك من يغض ويعفو ويتسامح لانه يترفع عن صغائر الامور ،واما الاخرين فيجدون في إيذاء الناس والنفاق عليهم ,وكتابة التقاريرعن كل صغيروكبيرة ورصد تحركاتهم ,وابلاغ المسؤول عنها اولاً بأول هو الاصلاح ,وهنالك من يبني ويعمر ويزرع وينجزعمله في اسرع وقت ,ويتسارع في قضاء حوائج الناس ،وآخر يريد الاصلاح بتفجير السيارات المفخخة وقتل الابرياء بأي ذنباً اقترفوه ؟مقطعين الاوصال متناثرين الاجساد ,ويغتال ويقتل على الهوية بدم بارد , ونجد هنالك من يعطل ويؤخر توقيعه على تنفيذ مشروع معين بحجة الخوف من المساءلة على تبعات الفساد والبلد بأمس الحاجة اليه ,فمنع الصرف افضل منه ,انهم يفسرون الاصلاح حسب اهوائهم الشخصية ,وآخر لديه الوطن محطة عبور بمعنى ترانسيت ينطلق منها لوطن آخر ,ولايهمه ان قامت الدنيا وقعدت المهم انه في منأى عن الخطر ،وعند سؤالهم يقولون هذا هو الاصلاح بأم عينه , الى متى سيبقون بعيدين عن الانظار وهم يرتكبون الاخطاء والذنوب ؟ ان جواب لهم وضعه الامام علي (ع) قائلاً لكل الذين يرتكبون المعاصي في الخفاء ويرتدون قناع الفضيلة ليستتر خلفه وجههم الحقيقي(اتقوا معاصي الله في الخلوات فأن الشاهد هو الحاكم ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل #العربية فادي الداهوك: ‏طلاب جامعة السوربون ونواب فرنس


.. رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية: نتهم ا




.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا