الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرد العراقي الثائر - بين الواقعية والافتراضية

سنان الخالدي

2013 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الفيس بوك و التويتر، موقعان اجتماعيان استخدما مؤخراً في الحشد والتعبئة لما يسمى بثورات الربيع العربي، فقد نجح نشطاء عرب من خلال هذين الموقعين بالتثقيف لحركات ناهضت الأنظمة الدكتاتورية المتسلطة والتي كانت تحكم دول الربيع العربي بعدما انتقل نشاط تلك الحركات من الفضاء الإلكتروني إلى ارض الواقع. وبغض النظر عن ما آلت إليه تلك الثورات مؤخراً لكن الحركات التي اُطلقت في الفيس بوك او التويتر نجحت في التعبئة لتظاهرات مليونية في دول اتفقت كل الأطياف بداخلها على ضرورة التغيير.
لقد اكتسبت هذه الحركات في الفضاء الكتروني ثقة الجماهير بعدما رأت الأخيرة أن قدرة الثوريون من رواد الفيس بوك او التويتر أصبحت ملموسة وبإمكانها أن تعيد الأمل للجماهير الحالمة ببلدان يتوافر فيها العيش الكريم. وعلى سبيل المثال ما قامت به حركة تمرد حينما استغلت صفحتها على الفيس بوك في خلق نوع من الشبكات الضامنة لاستمرار نشاطها، بعدما استفادت من تسليط الإعلام على إعلانها الحصول على 2 مليون توقيع خلال 10 أيام في أيار 2013، حيث قامت بنشر عشرات الصور للإعلاميين المصريين والشخصيات العامة في مصر والتي وقعت على البيان مثل محمود سعد، وعلاء الأسواني وآثار الحكيم ويوسف زيدان وجمال فهمي. بالإضافة إلى نشر صور لعشرات التوقيعات لمصريين ينتمون لطبقات اجتماعية مختلفة مثل ربات المنازل وعمال المقاهي وموظفين الإدارات الحكومية للتأكيد منهم على أن الحملة تستوعب جميع المصريين على اختلاف فئاتهم وانتمائهم، لذا يمكننا أن نعتبر حركة تمرد نموذجاً جديداً للحركات الاحتجاجية في دول الربيع العربي التي تعيش مرحلة انتقالية قلقة. وهو النموذج القائم على الجميع بين الواقعي والافتراضي ولكنه يؤسس حركته على أساس النجاح في تعبئة الغضب في الواقع عبر الملموس. هذا ما يجب ان نتحصل عليه عبر نشاطنا في الفيس بوك او التويتر, أما البقاء وراء شاشات الحاسوب والظهور كثوريين على الواقع المرير بما ننشر، فليس هناك امل في تحسين الحال وما نعاني يومياً في محافظاتنا. فما الفائدة إن كتب سنان الخالدي منشوراً في الليل يقول فيه: " بعد أن عرف العراقيون مدى الظلم والحيف الذي طالهم منذ أن تسلط على رقابهم أصحاب القلاع العاجية والمصالح الشخصية وبعد أن يأسوا من الوعود العرقوبية الكاذبة التي يرددها السلاطين المستبدين طيلة فترة حكمهم الزائف لابد من الخروج إلى الشارع بتظاهرة سلمية تزلزل عروش الظلمة، من اجل الفقراء والمساكين، من اجل إنعاش أرواح الأرامل والأيتام، من اجل الخروج ضد من ظلم الشعب وما يمارس ضده من التعذيب وسرق الحريات ونهب الأموال وزرع الطائفية المقيتة داخل أحشاء هذا الشعب الواحد، من اجل إسقاط ثان اكبر دكتاتور عرفه العراق، من اجل برلمان كاذب جاء إلى الحكم بفتاوى خبيثة من قبل بعض المتلبسين بزي الدين وهو منهم براء " ثم يصحوا سنان الخالدي صباحاً على أصوات التفجيرات في بغداد المسبية ويعود إلى الفيس بوك ليكتب : " إن هذا الذي حدث إنما هو اجرام منظم الغرض منه قتل العراقيين كل العراقيين، ويجب علينا الانتفاض على هذه الحكومة المجرمة التي تساهم بقتل الناس عبر تغاضيها عن هذه المجازر المروعة " فتراني إمعة أنتظر معجزة إلهية في تغيير الواقع، ومدمن على الاستخدام المفرط للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتي أتاحت لي التعبير والتنفيس عن معاناتي اليومية، وأنا في الحقيقة واقع في شرك أعده لي أعداء بلدي لغايتين نفعيّتين لهم. الأولى؛ هي ان الحكومة على علم كامل بنشاطاتنا اليومية في المواقع الاجتماعية ولكنها غير خائفة من هذا النشاط لعلمها بأنه لا يعدو كونه كلمات اكتتبها أصحابها بوجل وهم على علم مسبق بأن تلك الكلمات لا يمكن رسمها على لافتات يخرج بها ثوار الفيس بوك اوالتويتر في الشوارع، وإن تجرءوا على ذلك فسيكون مصيرهم كمصير هادي المهدي وهشام جار الله ومهند حمزة وغيرهم من شهداء الاحتجاجات العراقية. وفي هذا ايضاً فائدة للحكومة بعدما تسمح لنا بفضاء محدد من الحرية كي تظهر كحكومة ديمقراطية لن تحاسب أصحاب الرأي الحر! وهي في الحقيقة مطمأنة من أن آراءنا لن تتكلل بثورة على الأرض، وبينها وبين الإيجابية في التغيير الحقيقي للواقع بون شاسع. والغاية الثانية هي ان نشاطاتنا في هذه المواقع تقلل من قدرتنا على خلق حركة اجتماعية نهضوية على الأرض، بعدما نستنفر كل طاقاتنا في التعبير عن غضبنا عبر صفحاتنا الشخصية. وهذا ما يوعز فشل الكثير من الحركات والحملات التي أطلقناها والتي لم تؤسس على ارض الواقع قاعدة شعبية واجتماعية واسعة. إننا وكجمهور افتراضي يجب علينا أن نعي هذه الحقيقة المرة، وإن نتقبل حقيقة فشلنا حين نقبع خلف شاشات الحاسوب لساعات طويلة هاربين من المعاناة اليومية التي يمكن ان تستمر لخمسين سنة قادمة إن بقينا راضخين بصوامعنا. كل منا جعل من صومعته مقهى لأصدقائه. يجلس أمامهم ثم يطرح موضوعاً مثيراً للنقاش والحوار او المناكفة ليلعب بعدها دوره المثالي كشرطي مرور بين التعليقات. أليست هذه حقيقتنا يا أصدقاء؟ الشعب يموت في الشوارع ويأتي صديق لي فيكتب
( لا لإراقة الدماء ) طيب، ثم ماذا ؟ ويأتي آخر فيكتب (الانقلابات تعيدنا لزمن الدكتاتورية) نعم هذا صحيح، أرجوك بادر وبجدية لتجد لي حلاً فقد أموت غداً وستنشر حضرتك صورةً لجسدي الممزق بالشظايا. هيا انهض واكتب لي مشروعاً نهضوياً كي ننفذه على ارض الواقع غداً، وإلا فما الفائدة من طرحك المتحضر؟ قل لي هل اطعم سطورك للفقراء في وطني؟ هل سنشكل بها درعاً واقيا من شظايا الانفجارات؟ إما أن تكون فاعلاً في تغيير ما نعاني او أن سكوتك الآن من ذهب كي لا تشتتني بما تفسبك. فيا أيها الحالمون بتغيير واقعنا المزري عبر طروحاتكم الأفتراضية التي لا تلامس الواقع، اعترفوا بالفشل فيما مضى، فأعترافكم هذا بداية للنجاح الذي ارجوه، وهو غاية كل ذي سريرة طيبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث