الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسباب وتداعيات النزوح الجماعي للكورد

جاسم زندي

2013 / 8 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


شهدت الحدود السورية مع إقليم كوردستان العراق حركة نزوح كبيرة خلال الأيام الأخيرة، إذ تدفق آلاف اللاجئين من الكورد القادمين من مختلف القرى والبلدات الكردية القريبة من حدود اقليم كوردستان؛ بل حتى أن هناك من نزح من منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب في أقصى شمال غربي سوريا.
نزح هؤلاء هرباً من الموت والجوع الذي يتهددهم، خاصة بعد محاصرة ومهاجمة قرى وبلدات كوردية من قبل المجموعات الاسلامية المتطرفة المسلحة التابعة لجبهة النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية المرتبطة بالقاعدة، والتي قامت بأرتكاب جرائم بشعة بحق السكان الامنين من الكورد من سلب ونهب وقتل وهتك للاعراض
هذا النزوح الجماعي لكورد سوريا إلى إقليم كوردستان العراق، والذي يعد الأكبر منذ بدء الأزمة السورية فاجأ سلطات الإقليم التي استنفرت وبذلت كل جهودها لتأمين المأوى والمساعدات الإنسانية والطبية لهؤلاء اللاجئين الذين تجاوز عددهم خلال أقل من أسبوع الـ 35 ألف حسب إحصائيات مؤسسات الأمم المتحدة، وهو ما دفع سلطات الإقليم إلى اتخاذ قرار بالسماح لثلاثة آلاف لاجئ فقط بعبور الحدود السورية والدخول إلى إقليم كوردستان يومياً.
موجة النزوح الأخيرة لكورد سوريا إلى إقليم كوردستان الذي يعد عمقا قوميا واستراتيجيا لهم، تثير أكثر من تساؤل حول أسبابها وتداعياتها المحلية والإقليمية. كما وتثير المخاوف حول إمكانية تورط الإقليم في الأزمة السورية أكثر.
وأسباب هذه الهجرة الجماعية تعود إلى الوضع المأساوي السائد في المناطق الكوردية ومعاناة السكان جراء ذلك، حيث الحصار المفروض على المدن والبلدات والقرى الكوردية. إذ أن الحدود الشمالية مع تركيا مغلقة والاتصال مع المناطق الأخرى في سوريا مقطوعة ولا يصل المنطقة أي شيء من خارجها، وهناك أسباب ذاتية أيضاً تتحمل مسؤوليتها الأحزاب والتنظيمات الكوردية وعلى رأسها الهيئة الكوردية العليا، التي هي ائتلاف يضم المجلس الوطني الكوردي ومجلس غربي كوردستان، لعدم تحملها لمسؤوليتها السياسية والأخلاقية تجاه الشعب الكوردي في سوريا.وينبغي لهذا الحدث الجلل والمهم أن يدفع السلطة المحلية (الأحزاب والتنظيمات والهيئة الكوردية العليا) لمراجعة نفسها وكشف الخلل". وتحمّلها مسؤولية تأمين "حياة آمنة وكريمة للناس" وهو ما تقاعست عنه، رغم وجود الإمكانيات لديها لفعل ذلك وعلى الاحزاب الكوردية في تركيا ولاسيما حزب السلام والديمقراطية الذي لديه كتلة في البرلمان التركي،التحرك وبسرعة لمساعدة إخوانهم الكورد في سوريا بالضغط على الحكومة التركية لفتح الحدود والسماح للمؤسسات والمنظمات الدولية والإنسانية لإدخال المساعدات إلى المناطق الكردية.
لقد كرست حكومة إقليم كوردستان كل إمكانياتها ولم تتلق المساعدة سوى من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وقد أصدر رئيس وزراء الإقليم نجيرفان برزاني قرارا بتخصيص مبلغ 25 مليون دولار إضافية لتأمين حاجات اللاجئين، كما بعث رئيس الإقيم مسعود برزاني رسالة إلى رئاسة الحكومة اقترح فيها "تخصيص 20% من ميزانية شهر واحد للرئاسات الثلاث (الإقليم والورزاء والبرلمان) في إقليم كوردستان وكافة المؤسسات الإدارية لحكومة الإقليم، وذلك لمساعدة الأخوات والأخوة اللاجئين من غرب كوردستان".
لكن لو تم تأمين ملاذ آمن لهؤلاء اللاجئين في سوريا ضمن المناطق التي يديرها الكورد، لكان ذلك أسهل واقل تكلفة، وحفظ كرامة هؤلاء النازحين ببقائهم في مناطقهم وعدم النزوح. لانه لو تم ذلك، على الأقل كان يمكن التخفيف من الأزمة، وأن "معاناة الناس ليست فقط في تأمين المأكل والملبس، وإنما هم بحاجة للإحساس بالأمان والكرامة وحرية التعبير عن الرأي، فكلها قضايا تهم المجتمع وينبغي معالجتها".
ولكن امكانية تأمين ملاذ امن لهؤلاء اللاجئين داخل الاراضي السورية صعب للغاية إذ تم تطويق المنطقة (الكوردية) وتشديد الحصار المفروض عليها، فحتى الممرات الآمنة التي كانت موجودة سابقا ويتم عبرها إدخال بعض المواد قد تم إغلاقها"
ان نزوح هذا العدد من الكورد السوريين يضافون إلى أكثر من 150 ألف كانوا قد نزحوا إلى إقليم كوردستان منذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من عامين. يثير مخاوف البعض من افراغ المنطقة من سكانها الكورد ويساهم في توريط حكومة الإقليم وغرقها في مستنقع الأزمة السورية أكثر، سيما وأن إقليم كوردستان يعتبر عمقاً قومياً واستراتيجياً لكورد سوريا، وقد هدد رئيس إقليم كوردستان بالتدخل عسكريا وإرسال قوات البشمركة الكوردية للدفاع عن الكورد الذين يتعرضون لهجمات تنظيم القاعدة وتنظيمات إسلامية متطرفة أخرى. وموقف حكومة الإقليم والبرزاني، منحاز للثورة السورية ورفض زيارة دمشق" ومن هنا نرى أن حكومة الإقليم متورطة في الأزمة السورية من البوابة الكوردية واستقبال البرزاني لقيادة الائتلاف وقوى المعارضة السورية. ولكن ليس من المتوقع أن يصل انخراط الإقليم في الأزمة السورية إلى حد المجازفة والتدخل العسكري الذي هدد به البرزاني، قبل الحصول على ضوء أخضر وتفاهمات إقليمية ودولية.
أما بشأن الحيلولة دون حدوث موجات نزوح جديدة مثل الأخيرة مستقبلاً ومساعدة الناس وحثهم على البقاء في بيوتهم وعدم النزوح أو الهجرة إلى خارج البلاد، وما يمكن أن تقوم به السلطات الكوردية المحلية، فأن هناك برامج وخطط وإجراءات سيتم اتخاذها في هذا الصدد، وعلى رأسها كسر الحصار المفروض على المناطق الكوردية من خلال فتح الحدود والمعابر بالتواصل والاتفاق مع حكومة إقليم كوردستان والحكومة التركية وتأمين الحاجات الأساسية للناس، بالإضافة إلى "تأمين الاستقرار والحماية والأمن للسكان، ومن الضروري بناء مخيمات ضمن حدود مناطق غرب كوردستان لتأوي من يضطرون لترك ديارهم". للحد من نزوج السكان أن فتح الحدود ومعابر جديدة لإدخال المساعدات والبضائع من تركيا إلى المناطق الكوردية كان محور محادثات الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، مع المسؤولين الأتراك خلال زيارته الأخيرة لتركيا.

وهكذا يبدو أن القيادات الكوردية في سوريا قد أدركت خطورة النزوح الكبير وإخلاء المناطق الكوردية، مما سيؤثر سلباً على خططها ومشاريعها السياسية المستقبلية في سوريا وعلاقاتها مع المعارضة والحوار معها حول وضع الكورد في سوريا المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في