الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواتب المؤلفة قلوبهم في البرلمان العراقي

فرات المحسن

2013 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تدور اليوم معركة خطابات وشعارات وتصريحات سياسية انتخابية بين الفرقاء من الذين يديرون العملية السياسية ويحتلون كراسي البرلمان العراقي تجاوزا على من أستحق الكرسي وهم فقط خمسة عشر نائبا دون سواهم نالوا القاسم الانتخابي والباقي توزع بين ناهب أو مرشح عن قائمته أو بديل لملء الفراغ. المعركة تتصارع فيها شخصيات وكتل وتختفي بين طيات تلك الصراعات أغراض ونوازع ومنافع شخصية وطائفية وسياسية دون أن يعتمد فيها الجانب القانوني الذي يوجب اتخاذ قرار يغير أو ينسخ النص الدستوري الذي يمنع سحب أو إسقاط أو التنازل عن راتب النائب التقاعدي. وتلك الآلية تبنى لو أريد لها الحل من خلال تقديم مشروع قانون يطرح من قبل مجلس الوزراء على مجلس النواب، وهو يعنى بتشريع جديد لتقاعد النواب وأعضاء مجالس المحافظات والاقضية والنواحي أو إلغاء تقاعدهم . وإن صالت وجالت التصريحات بعيدا عن تلك الآلية فهي لا تعدوا في جلها غير مزايدات ودعاية انتخابية. فالقانون الذي شرعه مجلس النواب برقم 50 لسنة 2007 الناص في المادة الأولى منه على سريان أحكام قانون الجمعية الوطنية العراقية رقم 3 لسنة 2005 على مجلس النواب منحهم كافة الحقوق والامتيازات الممنوحة لعضو الجمعية الوطنية بما فيها الحق في التقاعد والبالغ 80% من أخر راتب يتقاضاه والنص الدستوري أغلق بدوره الدائرة بالكامل مضيفا بمادته عدم السماح بالتنازل أو إسقاط الراتب التقاعدي للنائب بأية صيغة أو حجة كانت.
هذه المجموعة الكبيرة من نواب البرلمان العراقي وأصحاب الوظائف العليا ممن ينتظر نهاية الخدمة بعد مضي الأربع سنوات لاستلام الراتب التقاعدي والركون لراحة وبحبوحة غير مسبوقة، وليصبحوا بين ليلة وضحاها من علية القوم ماليا، وبالرغم من ما ينطوي عليه هذا الموقف من مكاسب مادية لهم ولعوائلهم، فأن تلك السمعة أو الموقف الشخصي لن ينال رضا الناس بقدر ما يضمن غضبهم وسخطهم واعتبار هؤلاء أعداء للشعب ونهاب للمال العام وهم وعوائلهم يعتاشون ويأكلون من مال سحت حرام، وهم عملوا ونالوا أموالا مثل المؤلفة قلوبهم الذين اعتاشوا في صدر الإسلام على الصدقات ، فهؤلاء يسرقون مالا عراقيا ويأخذون رواتب تقاعدية دون استحقاق عن أقصر فترة خدمة وظيفية وهم مثلما جاء في القرآن في سورة التوبة الآية السادسة والعشرين التي جاء فيها :
إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
أي أن ما يمنح لهم صدقة جارية حالهم حال الفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين، وهؤلاء المؤلفة قلوبهم كانوا يتقبلون صدقة الزكاة دون حياء واستحياء كون أيمانهم بالإسلام أيمانا ضعيفا وما يمنح لهم يكون اتقاء لشرهم، جاء عن ابن عباس : أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أعطاهم من الصدقات مدحوا الإسلام ، وقالوا : هذا دين حسن ، وإن منعهم ذموا وعابوا . والمؤلفة قلوبهم قوم دخلوا في الإسلام من غير أن يرسخ الإيمان في قرارة نفوسهم، وكان النبي يعطيهم نصيباً من الزكاة لأجل تأليفهم ودفع شرهم ومنهم أبو سفيان بن حرب ويعلى بن أمية.
ومثل هؤلاء لن يكون لهم نفعا مثلما عليه حال حنون في الإسلام الذي ما زاده خردله، ولذا أفتى أول مجتهد في الإسلام الفاروق عمر بن الخطاب بقطع تلك الهبات وخيرهم بين الكفر والإسلام عندها عملوا على تحريض الناس ضده ثم دفعوا مبالغ طائلة لحين تم اغتياله من قبل اللعين أبو لؤلؤة.
الكثير من أعضاء البرلمان العراقي وأعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي وقبلهم أعضاء الجمعية الوطنية التي انتخبت في 30 يناير 2005 ،هم على شاكلة المؤلفة قلوبهم فمغريات الوظيفة كعضو برلمان تتعدى الوجاهة الاجتماعية إلى راتب مغري، سفرات وإيفاد، حضور كيفي للجلسات، قدرة على الوساطات والرشا، منح وتسهيلات مالية ومخصصات، حمايات، قطع أراضي ، صفقات تجارية، ومع كل هذا وذاك حصانة برلمانية تضعه فوق القانون. كل تلك المغريات تدفع الكثير من الناس نحو خوض غمار التجربة والترشح إلى البرلمان والمجالس ضمانة لحياة رغد ووعود تستحق التضحية حتى بالعمر، فالنائب ضمن بشكل كامل مستقبله ومستقبل عائلته وقدم الكثير لعائلته وعشيرته بعد أن كان لا يعرف الجك من البك أو حافي خال الوفاض لا يملك من الدنيا شرو نقير غير انتمائه الحزبي أو ارتزاقه السياسي وتنطعه بين يد هذا وذاك قبولا لصدقة وتكسبا لصداقة تنفع في يوم موعود، والكثير من أعضاء البرلمان العراقي هم على تلك الشاكلة وغيرها والأجر عندهم على قدر المشقة والمشقة هي أتباع رأس الكتلة بغباء وخنوع والتغيب حسب المزاج والحضور لاستلام الراتب الشهري وتجهيز الحقائب للسفر عمرة أو إيفادا.
واليوم لو أعيد النظر وفق فكرة الفاروق عمر بن الخطاب وسنت قوانين لدولة عراقية فعلية بمؤسسات حقيقية توضع لها تشريعات تحد من كل تلك المكاسب والصدقات التي يتلقاها النائب بدأ بالراتب والامتيازات والمخصصات الشهرية وانتهاءً بالراتب التقاعدي لوجدنا كيف يستنكف الكثير من هؤلاء وأمثالهم للترشيح في أي دورة انتخابية ولذهبوا نحو مصادر وطرق ارتزاق ونهب أخرى وما أكثرها في العراق اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر