الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرانق الجهل

بكر ناطق

2013 / 8 / 24
كتابات ساخرة


ترتفع حمى الانتماء الى الكتلة الواحدة حينما تهدد مخاطر التغيير تشكيلاً ديموغرافياً معيناً اعتادت عليه بعض المجموعات. ويزداد الشعور بالدفاع والمظلومية تجاه القيم السلوكية التي أخذت طابعاً ثابتاً لا يميل الى التحرك في هواجس أبناء البيئة التقليدية المحتكرة للحقيقة.
انتشرت التجمعات البشرية في مختلف بقاع الأرض، ووضعت القوالب الاجتماعية والأخلاقية المتوافقة مع أنماط حياتها بحسب الجغرافيا والمناخ.
إن عالم الصراعات لا يعرف الاستقرار، في ظل ديناميكية السباق الانساني نحو إظهار التفوق والسيطرة على الموجودات منذ القدم والى الوقت الحالي. وأصبحت قناعات المطلق الراسخة في عقول الأمم السابقة والحالية ملاذاً آمناً للذين لا يشغلون ماكينة العقل في البحث والتحليل، فاندفعت تلك القناعات نحو التقوقع.
تلتف خيوط الحرير الناعمة والدافئة لتشكل شرانق فكرية لا تنسجم مع شرانق أخرى نشأت في بيئات مختلفة. ويظهر التباين في التفسير بين العقائد التي شهدت تغيرات عديدة رافقت عملية تشكيل ونضج الوعي البشري خلال مسيرته الطويلة. فهذه العقائد لم توجد من فراغ وإنما نتيجة حتمية لمنظومات اجتماعية تطورت عبر الأزمان. ورغم الاختلاف بين المنظومات المتعددة نجد تقارباً في الطرح وجوهر الفكرة باعتبار الحاجات الانسانية متشابهة باختلاف المسميات.
بات الصراع مكشوفاً بين أصحاب شرانق الجهل، التي تظن أنها مالكة الحق المطلق فيما تقول وتحلل، دون أن تنفتح على الآخر. وكثرت هذه الشرانق في عصرنا الحالي عند المجتمعات التي تتسابق في الوصول الى البدائية ورفض الآخر والاتكال على عناقيد الوهم التي تعطل الحواس. وظهرت الحروب والخلافات العقائدية بين البشر، رغم أن التاريخ يشير الى أن المعتقدات تتشابه في طقوسها ونهجها وتأخذ من بعضها البعض في أدبياتها. وعندما نغوص في عمق تاريخ هذه الشرانق نجده لا يرتبط بالواقع ويمثل صناعة متأخرة لا تتناغم مع المنطق والدراسات العلمية الحديثة.
تخلصت معظم الأراضي الأوروبية من شرانقها المزعجة التي كانت مزدهرة في القرون الوسطى، بعد أن استقت أولى قيمها الإنسانية من عقول العلماء والمفكرين في الشرق والغرب، وقادت تيار الحداثة في الفن والصناعة والتنظيم. أما نحن فسقطنا في مستنقع الفوضى في القرن الحادي والعشرين الذي كثرت الشرانق الغبية فيه، نتيجة إقفال العقول وإطلاق العنان للجهل وقيمه الفاشلة المستوحاة من قداسة فارغة.
لا يمكن لنا أن نتقدم الى الأمام ونحن نتقوقع في عقد متراكمة لا تنفصل عن منظوماتها التي يسخر التمدن منها. فالشعور بالأمان لا ينضج إلا بالانفتاح والدراسة الموضوعية والمطالعة التي للأسف تخلت عنها أجيالنا المعاصرة. وتؤكد جمالية العقل أنها تستمد رونقها من أجنحة الفراشات التي تحررت من شرانق الكبت والانغلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ناطق
Me Amine Bachir ( 2013 / 8 / 25 - 20:00 )
مرة بعد مرة ...مقالة بعد مقالة ....تترسخ قناعتي انك صاحب عقل و ثقافة مميّزين....انت تنطق بما نفكر به في زوايا تفكيرنا....فاكتب و انطق دوماً يا ....ناطق

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟