الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخمسين, بين ماضي الهزائم و حقيقة الانتصار

خالد قنوت

2013 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم أكمل الخمسين من عمري, يعني أني من مواليد سنة 1963, السنة التي استولى بها حزب البعث على السلطة في سورية بانقلاب عسكري. لا أشك بوطنية و نوايا البعثيين الذين تسلموا السلطة في سورية آنذاك, لأن أي حزب سياسي ذاك الوقت كان يضع نصب عينيه السلطة و إقصاء الآخرين في فهم سطحي لمفهوم العمل السياسي مع أن الجميع كانوا يتبجحون بمبادئ الديمقراطية و الحرية الانسانية.
من يذكر تلك الأحزاب يعي أنها كانت متشابه بنيوياً في فهمها الخاطئ و الملتبس للسلطة و لتداولها و لمفهوم المعارضة فهل كان حزب الإخوان المسلمون أو الحزب الشيوعي السوري أو الحزب السوري القومي مختلفين في طموح الوصول للسلطة في سورية و تحطيم و إقصاء الآخرين؟ طبعاً, لا يختلفون عن حزب البعث سوى بالطروحات.
قبل الانقلابات العسكرية التي خربت مساراً طويلاً لتجربة تبلور مفاهيم الديمقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية في سورية, كان من الممكن لو استمر هذا المسار أن يصل بالسوريين لأرفع و أرقى أشكال العمل السياسي في المنطقة و في العالم.
قبل أشهر من مولدي, كانت حركة البعث الانقلابية التي استولت بها على السلطة في سورية و اليوم بعد خمسين سنة أفرزت نظاماً عائلياً همجياً أخذ الوطن إلى أقصى حدود العنف و الدمار. بعد 44 سنة من استلام عائلة الأسد استنفذت فيها القيم الوطنية و الانسانية بين شرائح سورية عديدة وصلت ببعضها لتوزيع الحلوى بعد مجازر راح فيها سوريين بسلاح كان من المفروض أن يكون الرادع لأعداء الوطن. لا ننسى أن نعرج على استنفاذ سورية اقتصادياً و سياسياً بفعل اللصوصية التي تعاملت بها هذه العائلة و ازلامها و المستفيدين من فتات موائدها حيث تم تصفية سورية من الفكر و العمل الخلاق سياسياً و اقتصادياً إما بالتصفية الجسدية أو بالملاحقة و الحصار و إما بالدفع للهجرة في دول الاغتراب.
و كأن التاريخ ينذر و يبشر في نفس الوقت بأن أفول نظام البعث الذي صادرته عائلة الأسد و سلطته و زبانيته صار واقعاً و حقيقةً رغم مرارته و دمويته بعد أن عشنا خمسين سنة على حلم لمسناه بعيداً جداً.
قبل سنتين و أشهر, كانت هذه الثورة العظيمة و اليتيمة و كانت انوف عفنة و أيادي سوداء تعبث بها و تفرق شمل أهلها متضامنة متوافقة في مصالحها مع نظام العار الأسدي في نشر الفوضى و الخوف و تسلط المجهول. لكن الثورة الأصيلة مازالت أصيلة و ما كل البروماغاندا الإعلامية المحلية و العربية و العالمية التي تسلط بقع الضوء فقط على اللون الأسود فيها و تستبعد نصاعة و تألق الألوان الأخرى إلا في سياق تلك البروماغندا.
اليوم و قد أتممت الخمسين من عمري, أنظر إلى سورية الغد, دون حزب بعث أسدي و أي حزب يشابهه.
أنظر إلى سورية حرة كريمة, منارة عروبية و شرق أوسطية, للحرية و للديمقراطية و للكرامة الانسانية و لمفهوم الوطن و المواطنة, بعد عصر الهزائم البعثي الذي أقام في أعماقنا قدرية الهزيمة و جعلنا محكومين بالأمل و فقط بالأمل و أفقدنا ثقة القيام بالفعل و بالعمل.
الثورة المستمرة منذ سنتين و نصف, هي أعظم فعل إنساني يقوم به السوريون قبل أن يكون فعلاً وطنياً و اقتصادياً و سياسياً. السوريون, و منذ أن أسقطوا جدار خوفهم العالي, يعودون لآدميتهم بعد أن عمل النظام على فصلهم عنها و ترسيخ مفاهيم لاإنسانية و لاأخلاقية و لاوطنية في ضمائرهم و أعد العدة لمعركته الموعودة مع شعبه بكل دونية و خبث و ما ظهور العفن و العلق و المرتزقة في شوارع سورية سوى نتيجة طبيعية لتحريك مستنقع الموت السوري حيث كانت تتراكم في قاعه بمعية نظام هو سيد العفن و الارتزاق و اللصوصية.
مشوار السوريين طويل و صعب و بكل الأسف و الأسى دامي و عنفي, و لكن شعباً يملك القدرة على الصمود وحيداً لأكثر من ثلاثين شهراً في مستنقع الموت و في ضميره و يقينه أن لحريته الحمراء باب و قد طرقه بكلتا يديه المضرجتين حتى كاد أن يحطمه, هذا شعب لا يهزم و لا يساوم على نصره و سيعود السوريون لتاريخ توقفوا عنده قبل خمسين سنة لاستكمال مسار تحويل العمل السياسي الوطني الواعي من مجرد إلتباس إلى مفاهيم راسخة و ثقافة مجتمعية يحميها رجال و نساء أحرار ليس في قلوبهم سوى الخوف على الوطن و في عقولهم إصرارعلى رقيه و سموه.
دمتم أحرار في سورية الحرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع