الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس 7

ياسين لمقدم

2013 / 8 / 26
الادب والفن


الدْفوعْ

بعد أن التحق بالقافلة الرابضة بين جنبات أشجار البطم آخر المدعوين، ولم يكن سوى خال العريس متأففا من الأثقال التي كُلف بحملها على عربته الخشبية التي تجرها دابتان، غاضبا على من تسبب في إنهاك حماره العجوز وساخطا على الجحش الذي لا يقدم أي عون. و بعد أن انتظم أهل العريس في صفوف متراصة، وبعد أن نفضوا ما علق بأثوابهم وأمتعتهم من غبار هبوا للدخول إلى مدشر العروس على قلب رجل واحد. ارتفعت الحلوق بالأهازيج ورنت في كل جنبات الموكب الزغردات، ولم يعد أي صوت يعلو على صوت الأفراح. وشوهد من بعيد أهلُ العروس وهم يرتبون آخر اللمسات لاستقبال الموكب السعيد.

وبعد أن وصل الموكب إلى خيام العروس استقبِل بحفاوة وترحيب، وعلت نغمات الموسيقى الفلكلورية "النْهاريَّة"، ودوَّت طلقات البارود في كل مكان حتى علا دخانها الرمادي فوق كل الرؤوس. وبعد أن تبادل الجميع العناق تفرقوا إلى خيمتين، واحدة اجتمعت فيها النسوة والثانية اجتمع فيها الذكور.

ولمّا استقر الحال بالجميع وزِّعت كؤوس الشاي وعلت جلبة التحاور حول كل المواضيع. واستفسر الناس بعضهم بعضا عمن تخلف عن الحضور. وفي خضم الجدال الودي أصدر الجد إشاراته فهرع الشباب إلى الشاحنة وباقي العربات لينزلوا حمولاتها، فجمَّعوها في وسط ساحة المدشر المفروشة بالحصائر ليتحلق حولها الجميع في اختلاط شابه شيء من التدافع بين الإناث والذكور صغارا وكبارا، حتى يستكشف الجميع مكنونات ما جلبته القافلة ويقدروا قيمتها التي قد تدل على الكرم الزائد أو البخل الذميم.

استلم أهل العروس الهدايا بكثير من الامتنان، واستلوا منها ما يخص العروس من أثواب وأواني نحاسية وفضية وأفرشة فرفعوها فوق الرؤوس ليوصلوها إلى خيمة النساء حيث تجلس العروس. وعرفت هذه اللحظات صخبا عارما مختلطا بدقات الدفوف والزغردات وصياح الأطفال. وإلى ركن غير بعيد سحب بعض الرجال ثلاث خراف سمان فأجهزوا عليها بطريقة درِبة.

بينما كان الشباب يتنافسون في رقصات لعلاوي وغيرها من الفنون المحلية، كانت النساء ترقصن في خيمتهن حول العروس، في حين تجمع الرجال والشيوخ في خيمتهم يستمعون إلى المقرئين وهم يتلون بين الفينة والأخرى آيات من الذكر الحكيم تتخللها عظات ودروس يقدمها إمام القبيلة الذي قدِم إلى هذا الدوار من بعيد على متن دراجته الهوائية.

وبعد صلاة العشاء توزعوا إلى مجموعات، ليطوف بينها بعض الشباب حاملين أقداحا مملوءة بالماء، حتى يغسل فيها الناس أياديهم اليمنى فقط وذلك بغطسها داخل الإناء وإخراجها في حركة واحدة، لتناول وجبتهم المسائية الدسمة المتمثلة في الشوربا أولا ثم الكثير من اللحم والمرق. ولما انتهى الرجال من عشاءهم جاء الدور على النسوة اللواتي قمن بتخضيب يدي العروس بالحناء مباشرة بعد أن انتهين من الأكل، وقدمتْ بعضهن لها هدايا نقدية و عينية فاستقبلتها وهي في زينتها بكثير من التأثر والسرور.

استمرت الاحتفالات في غياب العريس كما تقتضيه الأعراف إلى ساعات متأخرة من ليلة "الدْفوع" الصاخبة.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ


.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش




.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا