الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا وتأزم الوضع بشكل خطير

أمين شمس الدين داسي

2013 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا وتأزم الوضع بشكل خطير*
يبدو أننا عشنا لنراقب تغيرات ما بالنسبة إلى موقف الولايات المتحدة حول سوريا. لكن الوضع لحد الآن يبقى غير مفهوم. فالحديث لا يزال يدور حول المحادثات والحلول، وكما يقول من يتابع الأحداث، والتي سيتم اتخاذ القرار بشأنها في 24 آب الجاري. غير أنه تكمن هنا أشياء كثيرة غير واضحة المعالم.
يقول المحللون بأن التوتر ازداد بشكل تدريجي، ووصل إلى درجة عالية، عندما رفض أوباما الذهاب إلى موسكو (والحديث يدور فقط عن احتمالية حدوث عمليات عسكرية من قبل الولايات المتحدة ضد سوريا)، تماما خلال الساعات الأخيرة، وهذا هو مؤشر أولي وحسب. والآن ما علينا إلا الانتظار لما سيحصل.
مالذي يحدث يا تُرى الآن؟ بعض وسائل الإعلام تتسائل عن القرار المحتمل، الذي سيتخذ يوم السبت، كرد على الاجراءات التي يتخذها بوتين. فالسلسلة تبدو كالتالي: تقوم الولايات المتحدة من خلال حلفائها زيادة حدة التوتر في المنطقة، والتي لا يمكن عدم الاستجابة لها. والعملية لا يتم إعدادها من قبل الولايات المتحدة، ولكنها على اتصال مع مدبّريها. وأهداف الولايات المتحدة وحلفائها بهذا متطابقة. إن من مصلحة البعض أن يتقاتل المزيد من المسلمين مع بعضهم البعض، في حين تريد الولايات المتحدة ممارسة الضغط على روسيا بقصف صاروخي على سوريا. ولأجل ذلك أرسَلَت أربع مدمرات إلى المنطقة، والتي على ما يبدو ستسعى إلى تدمير الدفاعات الجوية السورية، وإيقاف المطارات العسكرية عن عملها. لا شيء غريب هنا، وهذه ما يفعله الأمريكان عادة. وكما هو الحال دائما فهم يقومون بتنفيذ هذه العمليات في الليل.
ومع ذلك، لماذا يا تُرى هذا التفاقم الحاد للأمور؟ بعد تبادل الحديث مع المحللين، تتطلب الأمر استيعاب أفكارهم من أجل فهم الأسباب الحقيقية لهذا التوتّر. وفي الواقع شعر أوباما بأن بوتين قد حاصره، ولم يبقى أي مجال آخر لتحمل ضغط المحاصرة. ويستخدم الروس في مثل هذه الحالات تعبير "الضغط حتى الجُدار". وبعد إعلان أوباما أن الأمر يتطلب بعض التأني في بحث العلاقات مع روسيا، فثمة أشياء كثيرة في حركة الآن. وفي الأسبوع الأخير ظهر وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل أكثر تجهّما من الغيوم المكفهرّة. في الواقع، كان هناك شيء ما وراء ذلك. هذه المرة فضّل الأمريكان عدم القتال، فالصواريخ الروسية منتشرة على الحدود السورية.
وهنا من الممكن الدخول في عِراك خطير، لا يمكن التنبؤ بعقباه. ولم يأخذ تشاك هيجل احتمال تطور الأمر على هذا الشكل في حساباته. غير أن طرقة شديدة على رؤوس المسلمين بصواريخ من طائرات بدون طيار، هو شيء آخر تماما، كما هو الحال الانخراط في نزاع مباشر مع دولة لديها نظم دفاعية صاروخية الأكثر حداثة. إن الأمريكيين الذين يتعاملون بسهولة بحياة الآخرين لا يستطيعون أن يعتادوا على ذاك التعامل مع ذويهم. وفي الواقع، اليوم، ربما يكون ما نشاهده هو أكبر تهديد تقوم به الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية منذ اندلاع النزاع في سورية.
وحسب المحللين فإن، تحليل معلومات الأدلة الثانوية، يشير إلى مفارقات، منها، أن الولايات المتحدة مستعدة الآن أكثر من أي وقت مضى للقيام بعمليات حربية. والأمر يعتمد على المهمة التي يضعها البنتاجون أمامه. فإذا كانت المهمة شن حرب ضد سوريا، فمن الواضح بأن الولايات المتحدة ليست جاهزة لذلك. أما إذا كان الحديث يدور عن قصف المنشآت الصاروخية التي تصيب الولايات المتحدة بنوبات عصبية، وبشكل رئيس إسرائيل، فإن المدمّرات الأربع بما تحمله من 400 صاروخ، باستطاعتها أن تلحق ضررا كبيرا بشريط الساحل البحري السوري. إضافة إلى ذلك يوجد سبب للاعتقاد بأن هناك من سيرافقها من "مجموعة 64 التنفيذية" تحت مسمّى وحدة الغواصات، والتي باستطاعتها منفردة عن المدمّرات، أن تفتح نيرانها من مسافات بعيدة جدا.
تتضمن خطة الولايات المتحدة في هذه الحالة، ما يلي: إذا أقرّ الرئيس الخطة، تقوم المدمرات الأربع، ومن مسافة آمنة، بتدمير مجموعة الصواريخ المضادة للدفاع الجوي السوري، من أجل أن تستطيع إسرائيل فيما بعد وبسهولة أن تقصف ما تشاء في سوريا. ربما ستكون هذه الخطوة الأولى نحو إيران. ومع ذلك تبقى هذه خطوة لمرحلة أبعد بكثير. إن إسرائيل لن تستطيع لوحدها أن تطال إيران، لكن إيران، كما يبدو، تستطيع أن تقوم بذلك. وعلى الرغم من أن خطط الجيش الأمريكي يقوم بذلك، لكن ليس من الحقيقة بأن الرئيس سيتجرأ على أن يخطو بهذه الخطوة. وبشكل عام علينا القول، بأنه إذا قامت الحرب، فبسبب الخوف والاحباط.
و خطة الولايات المتحدة في هذه الحالة، هو ممارسة الضغط على روسيا. ولغياب أي وسائل دعم أخرى، فهي تضغط عليها بشكل غير مباشر من خلال الأحداث في سوريا، التي تثبت بها بوتين بقَبضَة مميتة. وإذا تحدثنا بطريقة مختلفة، فإن الولايات المتحدة في السابق امتنعت عن عملياتها في سوريا، بشكل احترازي من روسيا. وهي الآن تستعد للقصف، وفي كل الأحوال تنتظر الإشارة من روسيا. ما هي تلك الإشارة يا تُرى؟ أوباما يريد مزيد من تبعية بوتين، وفي واقع الأمر هو يقوم بابتزاز بوتين بعمليات عسكرية في سوريا. ومن الغريب أن أي من المحيطين بأوباما لم يُخبروه أن بوتين لا يمكن أن يخضع لابتزاز. تذكّروا نوردوست و بيسلان، أولئك الناس أيضا قاموا بابتزاز بوتين. هل يوجد أي شخص منهم اليوم بين الأحياء؟ لا يمكن لبوتين التراجع ببساطة على مرأى من العالم. لذا، توقَّعوا مفاجآت، فهذا الرجل عنده منها الكثير.
في الواقع، هذا هو ما تحدثنا عنه طوال هذه السنوات، والذي لم تستطع كلينتون القيام به، ولكن ما فعلته الولايات المتحدة قبل كلينتون- خلق التوتّر، والمتاجرة السياسية، و"المقايضات" المتبادلة في التنازلات لصالح الولايات المتحدة من كُلّ بُد. لقد اعتاد الأمريكان على أن لهم الحق في القيام بذلك. والأمريكيون العاديون حتى الآن يردّدون أنه لا يتوجب على الولايات المتحدة الانصياع إلى قرارات مجلس الأمن الدولي. فالولايات المتحدة- دولة عظمى تتمتع بما يكفي من الحقوق، ولا يوجد أي معنى لأن تستمع إلى ديبلوماسيي هيئة الأمم المتحدة الأفارقة. ومع ذلك، وكما نعلم، ليس كل من لا يتفق اليوم مع الولايات المتحدة، من أصل أفريقي، والناس من هذا الشكل بازدياد مضطرد. وكلهم ينظرون بأمل إلى روسيا الاتحادية.
لو حصل واستسلمت روسيا لإغراءات الولايات المتحدة، لم نكن لَنرى هناك أي نوع من الالتباس. ولو انفقدت المساعدات الروسية لسوريا، لكان الأسد قد هوى بسرعة كبيرة. لكن لا ينبغي على الولايات المتحدة الاعتماد على هذا. وإذا كانت روسيا الاتحادية قد زوّدت سوريا حقا بأسلحة صاروخية، سيكون بوتين سعيدا لرؤية كيف سيكون تأثير ذلك على سير الأحداث. وفي حال سبّب هذا ضررا على الولايات المتحدة، فستكون رشوة بوتين ناعمة- لم يدعوكم أحد إلى هناك، ولا تملكون أي تفويض من مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن. لذا، أعذرني يا رفيقي وصديقي العزيز أوباما، تنحَّ جانبا، فالصداقة والعمل شيئان منفصلان عن بعضهما البعض!
ما هو الضرر الذي سيُصيب روسيا جراء إقدام الولايات المتحدة على شنّ حرب ضد سوريا في الواقع؟ ومثل هذه التهديدات ليست بقليلة، ولكن كلها ذات مغزى لصيت أو لشُهرة. إن الهجوم على منشآت صاروخية روسية الصنع يستدعيه ليس تنفيذ خطط البنتاجون فحسب، ولكن أيضا إظهار عدم جدوى إنفاق المال لشراء أسلحة روسية الصنع للمشتري. وحقيبة الأسلحة الروسية في تعاظم هائل في السوق العالمية لدرجة غير مسموح بها حسب رأي الولايات المتحدة. وإذا كان باستطاعة الولايات المتحدة تدمير نظام الدفاع الجوي الروسي، فستكون الضربة على الدفاعات الروسية بالِغة.
ومع ذلك، هناك سؤال بالمقابل، ماذا لو كانت الدفاعات الجوية الروسية قادرة على اعتراض الصواريخ الأمريكية وتدميرها؟ في هذه الحالة ستلحق بالولايات المتحدة الأمريكية هزيمة ساحقة. ومن الواضح أن الأمريكيين سوف يحاولون أن يكونوا في منطقة لا تصل إليها ضربات مضادّة، وباستطاعتهم ذلك. إن المخاطر المحيطة بالدفاعات الجوية الروسية عالية جدا، لأن المدمّرات الأربع و"سرعة إنطلاق" الصواريخ العنقودية، ستخلق العديد من الأهداف، لن تستطيع معها الدفاعات الجوية صدّ جميعها. وهنا بإمكان الولايات المتحدة خلق ميزة ضرورية، ولكن توجد هناك دائما مفاجآت لا تكون بالحسبان. (وفي تعليق حول الموضوع يدور الحديث كذلك عن تزويد سوريا بسلاح أقوى من الدفاعات الجوية إس-300، والتي إن استخدمت في حال الهجوم على سوريا، ممكن أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وإسرائيل، وأوروبا الغربية).
إذا كانت سوريا تمتلك مئات الصواريخ الأخرى المضادّة للسفن، ففرص تجنّب ضرباتها ستنخفض بشكل حادّ، وهذا يعتمد كثيرا على المسافة التي ستتراجع إليها السفن الحربية المهاجِمة. معروفة المفاجآت المحتملة عادة في الشرق، ونتذكّر جيدا حادثة المُدمّرة USS Cole (DDG-67) التي تعرضت لهجوم في شهر تشرين أول من عام 2000م، في شواطئ عدن اليمنية، من قِبَل القاعدة، وإحداث ضرر كبير فيها، اضطر معها الأمريكان لنقلها إلى الولايات المتحدة للإصلاح.
يبدو أنه سيتم عقد اجتماع جديد بين "الأصدقاء القدامى"، وهم الآن على نفس الجانب من المتاريس. سبحان الله. من كان يظن، بأن تُصبح القاعدة، المسؤولة عن موت 17 بحارا وإصابة 39 آنذاك، أن تُصبح اليوم شريكا للولايات المتحدة؟ لا يدل هذا سوى على شيء واحد: لا أحد مهتم حقا بالأخطار التي تهدد حياة مواطني الولايات المتحدة الأمريكية. فالقيمة والاعتبار هما فقط لمصالح الشركات العملاقة في أمريكا، بدلا من حياة مواطنيها. وهذا ما تثبته ضحايا الحرب في افغانستان، الذين قتلوا ويُقتلون، لا نعلم من أجل ماذا؟
من الواضح أن هذا سيكون كارثة للولايات المتحدة، يدفع بأنفه فيها الرئيس أوباما. وهكذا نفهم، بأن أعمال الولايات المتحدة هي عبارة عن خداع، والذي ممكن أن يُصبح في أي وقت حقيقة واقعة. وإذا اقدم أوباما على البدء بعمليات عسكرية، حتى ولو غير مباشرة، ستكون إشارة إلى استنفاذ حقيبته من أدوات السياسة الدولية. وهنا ما علينا سوى انتظار تطور الأوضاع.
على أي حال، لن يبدأ أوباما العملية قبل انعقاد مؤتمر القمّة في سانت- بطرسبيرغ، وإذا لم يحالفه الحظ، وبكل الأحوال بدأ بالعمليات العسكرية، عندها قد يدور الحديث عن عدم مشاركته في مؤتمر سانت- بطرسبيرغ. ويوجد أكثر من سبب للاعتقاد بأنه بدون الولايات المتحدة لن يصيب أحد الملل (في مؤتمر القمة). ونُذكّر أولئك الذين يقولون بأن الولايات المتحدة قد خرجت من الأزمة وتتطور بنجاح، بأن في ديترويت المدمّرة اليوم يعيش ما يزيد عن 700 ألف من السود العاطلين عن العمل ضمن 7% من البيض، و50 ألفا من الكلاب الضالّة. وهذا هو كل التطور والنجاح.


الترجمة عن الروسية/ د. أمين شمس الدين
المصدر:
*Р-;-е-;-з-;-к-;-о-;-е-;- о-;-б-;-о-;-с-;-т-;-р-;-е-;-н-;-и-;-е-;- в-;- С-;-и-;-р-;-и-;-и-;-
П-;-е-;-р-;-е-;-в-;-о-;-д-;- н-;-а-;- а-;-р-;-а-;-б-;-с-;-к-;-и-;-й-;- я-;-з-;-ы-;-к-;-/ А-;-м-;-и-;-н-;- Ш-;-а-;-м-;-с-;-е-;-д-;-д-;-и-;-н-;- Д-;-а-;-с-;-и-;-
http://contrpost.com/en/78-2013-05-10-13-45-19/3318-rezkoe-obostrenie-v-sirii?tmpl=component&-print-=1
Published: 24 August 2013
CONTRPOST.COM








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب ينضم إلى منصة -تيك توك- ويحصد ملايين المتابعين في ساعا


.. ردود فعل المسؤولين الإسرائيليين على مقترح صفقة التبادل وإنها




.. ذعر المستوطنين مع وصول الحرائق لمحيط منازل في كريات شمونة


.. 43 شهيدا إثر غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة في قطاع غزة من




.. ألعاب نارية وهتافات وتصفيق.. أنصار الرئيسة المكسيكية المنتخب