الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلفية و حداثية الحزب

حميد المصباحي

2013 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لكل حركة دينية أتباع و قادة,كما هي حالة كل التنظيمات السياسية,غير أن الإحتماء بما هو ديني,يفرض التميز بمجموع أفكار تم الدفاع عنها بشكل من الأشكال,فيحدث أن تحكم الجماعة على خصومها أحكاما دينية,تستحضرها من التاريخ,أي تاريخ الديانة التي تدعي الدفاع عنها,أي تاريخ الإسلام,من هنا تضاعف فعالية مشروعها السياسي,و تستفيد من تجارب الحركات الشبيهة بها و ربما حتى المتقاربة معها,و بذلك تؤثر هذه الحركات على مفهوم الحزب الذي تشكله أو يكون المعبر السياسي عنها إذا أصرت على الإحتفاظ بجناحها الدعوي كما هو حال حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي,لكن,ألا يمكن للجماعات الإسلامية أن تتأثر بطبيعة تركيبة الحزب السياسي و ممعاركه,فتبتعد عن تلك الطرق الدينية التحاملية,أي تتمدن سياسيا و يصير حزبها كباقي الأحزاب الأخرى محافظا أو وسطيا في محافظته و اتجاهاته؟؟؟
1الحركة الدعوية
هي أولى الحركات الدينية الإسلامية,و التي تأثرت بدرجات متفاوتة بالإخوان المسلمين,الذين وسعوا بكتبهم و خطابات دعاتهم مدى الدعوة,بحيث قبلت بها نظم الحكم أو بعضها,كحركة تشكل إصلاحا للسلوك و تقويما و دفعا للبدع التي عاشتها المجتمعات العربية بعد تأسيسها لدولها و مجتمعاتها,بحيث انضافت في شمال أفريقيا للزوايا و تفاعلت معها,بل إن بعض شخوصها انخرطوا فيها,تمهيدا لتحقيق الريادة داخلها,غير أن الزوايا في المغرب مثلا,كانت علاقات أفرادها أكثر اتساعا و حذرا من أن تمتد إليها الحركات الدعوية,خصوصا التي اهتدت بالموروث العربي المشرقي,و قد نشبت بعض الصراعات,و كان مداها محدودا و لم يتخذ إلا شكل خصام ودي بين المتصوف و المتعبد العادي,بحيث لم تكن الزاوية تقبل بالرهانات التكتلية لفرض موقف أو رأي على مجموعة أخرى,و هي هدنة مستمرة بين الزوايا نفسها تهربا من بعض التجارب التاريخية التي عاشتها الزوايا في المغرب,فخسرت بها العطايا و رضا الحاكمين,من هنا أدركت الحركات الدعوية صعوبة الإقتراب من هذه المؤسسات,غير أن الفعل الدعوي الإسلامي اكتسح دولا أخرى بالمشرق,و من هناك سوف يعيد الكرة من جديد لكن بآليات جديدة,و بتوافق مع الفهم الخليجي للدعوة,تلك التي غايتها التصدي للمد الشيوعي و محاصرته في مهده بكل الإمكانات التي وفرها البترول و المال و الإراء للدعاة.
2الدعوية السياسية
هنا انتقلت الدعوة الدينية لمواجهات لفظية مع الخصوم الذين صاروا أعداء,بدل مواجهة البدع و التعريف بالديانة الإسلامية,داخل الدول العربية و حتى خارجها,و هنا اكتسبت هذه الحركات لغة سياسية بعد أن استطاعت الإستفادة من التقرب من الناس في التجربة الأولى,فلم يعد الداعية يدعو بل صار يهاجم دعاة الفكر الحديث من الإشتراكيين و اللبراليين,و يمكن ملاحظة الأمور التالية,أن المعركة الأولى خاضها الأتباع و المتحمسون,وفق اجتهاداتهم و مقترحات بعضهم,فلم تكن تصل للقضايا العميقة لا دينا و لا فقها و لا حتى تفسيرا,غير أن المعركة الثانية,انخرطت فيها القيادات,بغرادة واعية و مخطط لها,فكأن الحركة الدينية تختبر الحقول بفئات و تقوم النتائج لتنخرط في المعركة الموالية برجال أكثر معرفة و دراية بما خبره الآخرون أو فشلوا فيه,و هنا بدأت فكرة تجديد هياكل التنظيمات الدينية بشكل يضمن الفعالية و إلزامية الفعل أو التوقف المباشر عنه,فتم استحضار الفعل السياسي و ضرورته الدينية,لتصير الممارسة السياسية تتمة بل أساسا لفعل دعوي منظم له غايات لم يكشف عنها القادة للكل,بل هناك تنظيمات انفلتت بعض حلقاتها و انصرفت لتصفية خصوم أو أجانب,و منها من التحق بالجهاديين بأفغانستان و غيرها من أراضي الجهاد و المواجهات متجنبين أو تاركين لغيرهم بأرض الإسلام معركة المدافعة السياسية و حتى الدعوية.
3الدعوية الحزبية
تميزت بأسلوبين,الأول تعبير الحركة الدينية عن تحويل نفسها لحزب سياسي حتى إن افتضى الأمر استبعاد الديني من التسمية الرمزية للحزب,مع التركيز في أدبياته عن طموحاته السياسية في الحكم أو المشاركة في العملية الديمقراطية التي لا يمكن إثبات سلامتها بدون أحزاب إسلامية,و هو ما دفع الغرب إلى الإعتراف بوجود إسلاميين معتدلين ,ينبغي تشجيعهم على خوض التنافس السياسي السلمي لإبعادهم عن التطرف و العنف الجسدي.
الإختيار الثاني,شكلت ازواجية تنظيمية احترازية,بحيث وجدت حركة إسلامية دعوية,ذات قيادات مستقلة في بعضها ,و أخرى سياسية,تخوض غمار التنافس السياسي الديمقراطي,لكن بآليات تختلف نسبيا عن الأجنحة الدعوية,التي اكتفت بالنقاء الإيديولوجي,مبتعدة عما تفرضه إكراهات السياسة على السياسيين في حزب ديني,يمارس صراعاته بهذا القدر أو ذاك من الإستقلالية عن الحركة الدعوية,فما مدى تأثير الفعل السياسي على الحركة الإسلامية التي مضت في هذه الإختيارات؟؟؟
ليست التجربة طويلة نسبيا,لكن ما عاشته مصر و تونس و حتى الجزائر,تحيلان على احتمالات مختلفة,فإما الإقرار بكون الديني يستند لبعض القداسة في الوجدان الشعبي,و لكي يحافظ عليها,لابد له من حفظ فعله في الدعوة,التي خسرت الحركة بعض رموزها فصاروا ساسة كغيرهم,أو أن الفكر السلفي سوف يحافظ على جهاديته و يوجهها للخارج بعيدا عن فكرة التدافع السياسي,أما الإحتمال المخوف منه,فهو العودة لمنطق العنف و التفكير في الإستيلاء على الدول بكل الطرق بما فيها الإنقلابات المسلحة و الهجومات للسيطرة.
خلاصات
لم تنل الحداثة فكريا من جمودية الإسلام السياسي,و لم يحاول رواده لحده الآن تطوير آليات تفكيره بجرأة رواد الإصلاح الديني في النهضة العربية التي أجهضت,فكيف للآليات السياسية و منها مفهوم الحزب التأثير على السلفية في صيغتيها الجهادية و الدعوية و حتى السياسية؟؟؟
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً