الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية واسقاط الدولة المصرية

مجدى خليل

2013 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



تواجه الدولة المصرية حربا حقيقية لإسقاطها وتقسيم واضعاف جيشها وتهديدها بالفوضى والإرهاب،فالاخوان بعد أن اسقطهم الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيه، وبعد فشلهم فى اخونة الدولة والسيطرة الكاملة على مفاصلها اتجهوا إلى الخيار الآخر وهو اسقاط الدولة. والاخوان ليسوا وحدهم الذين يتبنون هذا الخيار فمعهم تركيا وقطر وحماس والتنظيم العالمى للاخوان وبدرجة ما تونس النهضة، وكذلك حلفاءهم من الجماعات الإرهابية حول العالم، مع استحسان غربى ودعم أمريكى لما يقومون به. هذه الحرب ليست سهلة بل ينفق عليها المليارات ويخطط صانعوها لعسكرة الصراع عبر تهريب أكبر قدر من الاسلحة الفتاكة من خلال حدود مصر الرخوة مع حماس ومع ليبيا ومع السودان.
فى هذه الاجواء ادركت السعودية ودول الخليج الأخرى ،ما عدا قطر، خطورة هذه اللعبة الدولية على أمنها الداخلى وعلى الأمن الاقليمى برمته،فاسقاط الدولة المصرية والجيش المصرى يعنى تعرى دول الخليج امام مطامع الهيمنة الإيرانية، فجيش العراق خرج من اللعبة عبر الاقتتال الطائفى وهو محسوب على إيران حاليا أكثر من كونه محسوبا على الجانب العربى، وسقط جيش سوريا فى مستنقع الحرب الاهلية ولن يقوم له قائمة لعقود،أما تركيا أوردغان فقد تركت كل شئ وسيطر على رئيس وزرائها هوس عودة الخلافة فى نسختها الاخوانية، ولم يتبقى سوى الجيش المصرى كسند للأمن الخليجى خاصة بعد أن ربط نظام مبارك الأمن القومى الخليجى بالأمن القومى المصرى، وظهر ذلك جليا فى حرب الخليج الأولى بين صدام والخومينى حيث قام الجيش المصرى بطلب خليجى بدعم تسليح الجيش العراقى والتغاضى عن تجنيد مصريين داخل جيش العراق وكذلك المساهمة العسكرية المصرية الفعلية فى تحرير شبه جزيرة الفاو العراقية من إيران. وفى حرب الخليج الثانية شكل الموقف المصرى والجيش المصرى حجر الزاوية فى شرعية التدخل الدولى لتحرير الكويت، وفى حرب الخليج الثالثة لإسقاط صدام وقفت الدولة المصرية موقفا اخلاقيا برفض الغزو الأمريكى للعراق... كل هذا شكل طمأنة لدول الخليج فى رشادة الدولة المصرية وفى صلابة جيشها ووقوفه مع الحق عند الشدائد.
على المستوى الداخلى تمثل مطامع تنظيم الاخوان تحديا آخر لدول الخليج،فالتنظيم الدولى يحرك خلاياه من أخوان الخليج لإثارة قلق هذه الدول من الإنقلاب على انظمتها العائلية المستقرة عبر المزايدة الدينية،فالاخوان تنظيم لا يهدأ ولا يتوانى عن اثارة المشاكل فى أى دولة يتواجد فيها، علاوة على أن هذا التنظيم يسعى دائما للنفاذ من خلال نقاط الضعف أو عبر رخاوة الدولة. كل هذا جعل دول الخليج تتخذ موقفا استراتيجيا حازما لحماية الدولة المصرية وجيشها،سواء بالاسراع بتغطية الفجوة التمويلية المصرية أو بتبنى موقفا سياسيا واضحا عبر رسالة دولية وخاصة للغرب بعدم سماحهم بسقوط مصر، ولكن الغريب هو توجه السعودية إلى روسيا لحثها على الوقوف مع الجيش المصرى والمحافظة على مستوى معين لتسليحه لكى يستطيع مواجهة المخطط المدبر له، كان من الطبيعى أن تتجه السعودية إلى أمريكا التى تحمل علاقاتهما أكثر من ستة عقود من التعاون الوثيق، ولكن موقف ادارة أوباما المساند للاخوان جعل دول الخليج ومعهم مصر يشعرون بأن اسقاط المنطقة هو مخطط أمريكى يخدم أجندتها فى محاربة الإرهاب وتصدير الفوضى والإرهاب إلى منابعها.
إذا اضفنا إلى ذلك أن إيران تتطور من ناحية التسليح والتدريب العسكرى، وتتراجع يوم بعد يوم رغبة أمريكا فى مواجهتها عسكريا، نكون إزاء موقف خطير يواجه الأمن القومى الخليجى إذا أستمرت الأمور على هذا الشكل.
فى نفس الوقت استشعرت روسيا خطر الخطة الأمريكية لأسلمة الشرق الأوسط، واستدعت ذاكرتها التاريخية مواجهات دموية طويلة مع الخلافة الإسلامية، فكانت لها وقفة حازمة من آجل مجابهة هذا الخطر الذى يهدد حدودها ويهدد تركيبتها الداخلية كذلك، كما أن روسيا أيضا أدركت أن تغيرات عميقة يخطط لها من الغرب بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط، فاستعدت على الفور لكى تكون لاعبا أساسيا سواء من خلال رغبتها لإعادة تشكيل نظام القوى الدولية،أو من خلال حماية أمنها القومى عبر منع أسلمة وأخونة المنطقة،أو من خلال الاستعداد لملء فراغ العلاقات الدولية فى حالة توتر العلاقات الأمريكية مع حلفائها القدامى فى الشرق الأوسط.
إن السنوات القليلة القادمة تحمل فى جعبتها الكثير من المفاجأت بالنسبة لشكل الشرق الأوسط وشكل نظام الحكم فيه، وطبيعة العلاقات العربية البينية، وطبيعة العلاقات العربية الدولية، وحسنا أدركت دول الخليج هذا مبكرا، والخطوة القادة المطلوبة هى الإسراع بتشكيل تحالف شرق أوسطى قوى وصلب يحافظ على مبدأ سيادة الدول فيها وأن يصاغ مستقبلها بأيادى أبنائها، وكذلك لمواجهة أى تغيرات أو مفاجأت أو مخططات.... والأهم لتفعيل التعاون فى مواجهة خطر تنظيم الاخوان الدولى وحلفاءهم حول العالم من آجل تقليص شرهم إلى الحدود الدنيا فى هذه المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها