الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأسيساً لانتخابات فلسطينية حرّة ونزيهة

محمد أبو مهادي

2005 / 5 / 17
القضية الفلسطينية


تعتبر الانتخابات إحدى ركائز الديمقراطية لأي مجتمع يسعى للتطور والتميّز، ويسعى لتطبيق حكم الشعب وانتزاع حقه في تفويض أو محاسبة من يحكم باسمه، وهي وسيلة فعّالة للتخلص من سلطة الفرد الواحد والحزب الواحد علي أساس من العدل والمساواة وتكافؤ الفرص في الترشيح والانتخاب بما يضمن التمثيل الحقيقي لرغبات الجماهير ولأصوات الناخبين.
وإذا كان قانون الانتخابات يلعب دوراً مهماً في تحقيق هذا التمثيل الحقيقي أو عدمه، ويساهم في رسم ملامح النظام السياسي واتجاهاته، فان ضوابط العمليات الانتخابية تعتبر شرطاً أساسياً ومهماً لنزاهة العمليات الانتخابية ومستويات هذه النزاهة، وشرطاً لبناء نظام سياسي ديمقراطي قائم على حرية الاختيار، ويحترم عقول الجماهير ويصون كرامتها وينهض بها.
لقد استبشر المواطن الفلسطيني خيراً بعد إعلان السلطة الوطنية الفلسطينية عن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية طامحاً إلي شراكة جدية بين السلطة والشعب ، وتوجه بنشاط وزخم إلي الانتخابات الرئاسية علي أمل الانتقال من "ديمقراطية غابة البنادق" إلى ديمقراطية صندوق الاقتراع، ديمقراطية تلغي الشعور بالملكية لمؤسسات الحكم وتتخطي منهج الإقطاعيات ، وكان ما كان حينها، وحصل الشعب الفلسطيني علي إشادة كبيرة من لجان المراقبة الدولية التي اعتبرت أن الانتخابات الرئاسية الفلسطينية تعدّ من أفضل العمليات الانتخابية في المنطقة، وقد يوافقهم الرأي الكثير من الناس في ذلك إذا كانوا يقصدون المنطقة العربية، وإذا كانت عيون هؤلاء المراقبين تنظر إلي النصف الممتلئ من الكأس.
ما لم تتحدث به لجان الرقابة الدولية نطق به العشرات من المراقبين المحليين والمواطنين الفلسطينيين وطواقم لجنة الانتخابات المركزية وأشاروا علي خروقات كبيرة مست مباشرة بنزاهة الانتخابات وأثرت في مجراها ونتائجها.

وكان ابرز هذه الخروقات الذي تمثل في تدخل قادة وضباط وأفراد من الأجهزة الأمنية لصالح مرشح الحزب الحاكم وممارساتهم الاستعراضية أمام محطات الاقتراع مع بعض الإرهاب على المراقبين المحتجين على تواجد هؤلاء داخل وأمام محطات الاقتراع، إضافة إلى تدخلهم المباشر بالضغط على لجنة الانتخابات المركزية لتمديد مدة الاقتراع لساعتين إضافيتين، بالإضافة إلي الخروقات التي حدثت في مراكز السجل المدني وعمليات التصويت ببصمة الإصبع أو ببطاقة الهوية دون التسجيل المسبق في سجلات الناخبين لدى لجنة الانتخابات المركزية، ليفتح المجال واسعاً أمام عمليات تزوير يستدل عليها عندما تقارن نتائج ما حصل عليه مرشحو الرئاسة من أصوات في محطات سجل الناخبين المعتمد لدي لجنة الانتخابات مع نتائج ما حصلوا عليه في محطات السجل المدني.
ولعبت بعض وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تسديد ضربة أخري لنزاهة الانتخابات من خلال انحيازها الواضح لصالح احد المرشحين دون الآخرين وحجبت فرصاً إعلامية عن مرشحين آخرين،وروّجت لاستطلاعات رأي غير مهنية أثبتت التجربة عدم صحتها وأنها استخدمت لأغراض دعائية وحسب.
وقد كان للاحتلال الإسرائيلي دوراً ليس بسيطاً في إعاقة حركة بعض المرشحين واعتقالهم والاعتداء عليهم، كما كان دوراً واضحاً لبعض الدول الإقليمية في التأثير علي عملية الانتخابات .
خروقات كثيرة إذا ما كرّست الأقلام لرصدها لطالت قراءتها، ولعلّ اصدق تعبير عن حجمها تجسد في استقالة طواقم لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية.
ومع إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية الفلسطينية توقع الكثير من المواطنين الفلسطينيين أن يتم الاستفادة من تجربة الانتخابات الرئاسية، وعدم تكرار الأخطاء والتجاوزات التي حدثت فيها لتأتي الرياح بما لا تشته السفن، وليسجل زيادة كبيرة في حجم تدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقادتها وفي حجم الانحياز الاعلامى لصالح جهة على حساب جهات أخرى، وليسجل فيها عمليات إنفاق مالي خرجت عن حدود الدعاية والإعلان وأغراض الحملات الانتخابية، ولتستغل هذه الأموال في عمليات ربط بين "الجيب والدماغ" وفي شراء الذمم واستغلال ضائقة المواطنين الاقتصادية وسوء أوضاعهم المعيشية للتأثير فيهم علي حرية الاختيار والقناعات.
إن هذا التجاوز بحد ذاته يستحق الوقفة والتفكير ليستدل به على مدى استهانة بعض نشطاء الحملات الانتخابية بعقول الجماهير، ويستدل به على محاولات البعض في استغلال عنصر المال "غير المراقب" أسوأ استغلال للتأثير في توجهات الناخبين، وتكريس قيم سيئة تتناقض مع المفهوم الحضاري للانتخابات والأهداف النبيلة من وراء إجرائها وتتناقض مع سمات وطبائع الشعب الفلسطيني المتمرد والمكافح.
لعلّ التجربتين الانتخابيتين الرئاسية والبلدية وما تخللهما من تجاوزات خطيرة تعطيان مؤشراً لصناع القرار وواضعي التشريعات ولجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بضرورة اتخاذ إجراءات كفيلة بوقف هذه التجاوزات التي تسئ إلى الشعب الفلسطيني وتضر بمصداقية الانتخابات الفلسطينية ومستوي نزاهتها من خلال:
أولاً/ منع تدخل الاحهزة الأمنية في اى عملية انتخابية وفي الحياة السياسية واهتمام هذه الأجهزة بمهامها في توفير الأمن للمواطن الفلسطيني.
ثانياً/ مراقبة وسائل الإعلام وفى مقدمتها وسائل الإعلام الرسمية لضمان حياديتها خلال الحملات الانتخابية وأثناء تغطيتها في إعلان نتائج الانتخابات.
ثالثاً/ تحديد حد أعلى للإنفاق المالي في حملات المرشحين والقوائم الانتخابية مع ضرورة مراقبة مصادر هذه الأموال وتبيان أوجه صرفها ومحاسبة من يسئ استخدامها.
رابعاً/ منع ممارسة المظاهر الإعلامية والدعائية بعد انتهاء المدة الزمنية المخصصة لذلك في إطار القانون.
خامساً/ أن تصدر لجنة الانتخابات المركزية علناً وأمام وسائل الإعلام تقارير دورية يومية ومتواصلة تكشف عن مدى التزام المرشحين بقانون الانتخابات والضوابط المنصوص عليها في القانون والإشارة بوضوح لأي مرشح يخالف ذلك.
سادساً/ أن تسعي لجنة الانتخابات المركزية لامتلاك الصلاحيات التنفيذية تساعد في منع أي خروقات تهدد نزاهة العمليات الانتخابية.
إن إجراء انتخابات حرّة وديمقراطية ونزيهة يختار فيها الشعب الفلسطيني ممثليه تشكل رافعة حقيقية لبناء سلطة القانون والمؤسسات والتعددية السياسية، وتشكل فرصة لن تتكرر كثيراً لإعادة لتنظيم المجتمع وقواه، ومنهجاً رائعاً علي طريق التفوق، كما أنها إثبات جديد إذا ما نجحت تبرز مدى قدرة الشعب الفلسطيني علي إدارة شئونه بعيداً عن كافة إشكال الوصاية والتدخل الخارجي في حياته الداخلية، إنها خطوة كبيرة ومفصلية في تاريخ الشعب الفلسطيني فلتتظافر كل الجهود لإنجاحها كمقدمة نحو انتصار حقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة