الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل ساعات من الضربة!

جواد البشيتي

2013 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



الضربة واقعة لا محالة إلاَّ إذا تبيَّن لبشار الأسد، ولِمَن له "كلمة مسموعة" لديه، في الساعات القليلة المقبلة، أنَّ "عواقب الضربة" ستكون، أو يمكن أنْ تكون، أخطر (وأخطر عليه هو على وجه الخصوص) من عواقب إقدامه على "تَنازُل كبير"، يَقي به نفسه (وأركان حكمه) الضربة وشرورها؛ وأحسبُ أنْ ليس لدى بشار الآن ما يَجْعَل لديه تَوقُّعاً أو تقديراً كهذا؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ الضربة ما عادت "احتمالاً"، وغدت "أمْراً محتوماً".
لكنَّ هذه "الضربة المحتومة (وقوعاً في الساعات المقبلة)" قد تكون بـ "أبعاد" تجعلها لجهة "نتائجها" تشبه، أو كثيرة الشبه، بـ "ضربة لم تَقَع".
والرئيس أوباما هو نفسه "القَيْد الأهم والأثقل" على هذه الضربة، التي اضطَّره إليها إضطِّراراً بشار الأسد بالجريمة الكيميائية التي ارتكبها في ريف دمشق؛ وإنَّ حفظ ماء وجه الرئيس أوباما (ومنع انهيار الثقة بصدقيته، وردع بشار عن ارتكاب جرائم مماثلة مستقبلاً) هو "أُمُّ أهداف" الضربة.
وإنِّي لمتأكِّد أنَّ مدار المشاورات الدولية والإقليمية للرئيس أوباما هو "جَعْل الضربة بنتائج لا تتسبَّب في اضطِّرار الولايات المتحدة إلى التورُّط مع جنودها (جيشها البري) في حرب مستمرة واسعة متَّسِعة في سورية، أو على المستوى الإقليمي"؛ فالضربة يجب ألاَّ "تَحْبَل" بما يتسبَّب في هذا "التورُّط".
و"النتيجة الأسوأ"، من وجهة نظر الشعب السوري وثورته، هي أنْ يَفْهَم بشار الأسد الضربة على أنَّها رسالة تقول له فيها الولايات المتحدة: من الآن وصاعداً إيَّاك أنْ ترتكب جرائم كيميائية؛ لكن لا قَيْد عليكَ في أنْ تمضي قُدُماً في القَتْل والتقتيل والتدمير بوسائل وأسلحة أخرى (وكأنَّ إدارة الرئيس أوباما لا تَعْتَرِض إلاَّ على "القتل الكيميائي").
الضربة، وعلى ما أوضحت الولايات المتحدة، لن تتسبَّب في "القضاء على الترسانة الكيميائية" لبشار الأسد؛ فغايتها إنَّما هي "العقاب الرادع"، أيْ معاقبته بما يردعه مستقبلاً عن استخدام ترسانته الكيميائية؛ وثمَّة أسباب كثيرة، على ما يبدو، تُعْجِز الولايات المتحدة عن القضاء على هذه الترسانة؛ ولسوف نرى في الضربة حِرْصاً على بقاء الأسد مُحْكِماً قبضته على ترسانته الكيميائية؛ فهذا الشر أهون من شر وقوع هذه الترسانة، أو بعضها، في قبضة "غيره".
أفْتَرِض أنَّ بشار الأسد أبلغ إلى الولايات المتحدة أنَّه لن يرتكب، من الآن وصاعداً، جرائم كيميائية، إذا ما امتنعت إدارة الرئيس أوباما عن شنِّ هذه الضربة؛ لكنَّ هذه الإدارة، وعلى ما أفْتَرِض، أيضاً، رفضت هذه "الصفقة"، وأبلغت إليه أنَّ التزامه (أو تعهده) هذا يكون مقبولاً بَعْد (لا قَبْل) الضربة؛ فحاجة الرئيس أوباما إلى الضربة تَفُوق حاجة الأسد إلى اجتنابها.
وفي مواقف أخرى لها، أرسلت إدارة الرئيس أوباما، "رسائل سيئة (من وجهة نظر معارضي بشار الأسد)" إلى كل مَنْ لديه استعداد للتخلِّي والانشقاق عن بشار؛ فهؤلاء أُحيطوا عِلْماً الآن (أيْ قُبَيْل الضربة) أنَّ بشار باقٍ، وترسانته الكيميائية باقية، وأنَّ إطاحته ليست من أهداف الضربة، وأنَّ هذه الضربة لن يكون لها من النتائج ما يسمح يجعل إطاحته (سريعاً، أو عمَّا قريب) في متناول المعارضة.
ولا شكَّ في أنَّ بشار قد استثمر "وقت الإعداد والتحضير للضربة" بما يقيه (مع جيشه) كثيراً من شرورها، ويُقلِّل خسائره.
وليس ثمَّة ما يمنع من أنْ أَفْتَرِض أنَّ بشار (مع كبار شركائه في الحكم) هو الآن في مكانٍ آمِن في خارج سورية كلها، وأنَّ قادة من "الحرس الثوري (الإيراني)" ومن الجناح العسكري لـ "حزب الله (اللبناني)"، هُم الذين يتولُّون الآن المسؤولية العسكرية الميدانية الأولى.
وأفْتَرِض، أيضاً، أنَّ "المقاتلين الأكثر والأشد ولاءً لبشار"، مع "مقاتلين من حلفائه الإقليميين"، قد اتَّخذوا مواقع قتالية لهم في داخل العاصمة، تسمح لهم بمنع مقاتلي المعارضة من التقدُّم والسيطرة، وتُعْجِز الولايات المتحدة (وحلفائها) عن ضربها؛ لأنَّ ضربها قد يُلْحِق خسائر بالمدنيين.
هل تنتهي الضربة كما تريد لها إدارة الرئيس أوباما أنْ تنتهي؟
هل تكون الضربة بحجمٍ، ونتائج، تُرجِّح لدى بشار المَيْل إلى "ابتلاعها"، وهو الذي أدْمَن ابتلاع الضربات الإسرائيلية؟
هل يَرُدَّ بشار (وحلفائه) على الضربة بما يُخْرِج "اللعبة" عن القواعد التي أرادت إدارة الرئيس أوباما أنْ يتقيَّد بها، وهي التي أفْهَمَت بشار أنَّ أسوأ ما تخشاه هو أنْ تَجِد نفسها مضطَّرة إلى مزيدٍ من التورُّط العسكري في سورية، أو إلى مواجهة خطر "أقْلَمة" الحرب؟
هل تَضْرِب الولايات المتحدة بما يجعل النتائج تَذْهب بما توقَّعت، فيتأكَّد لديها أنْ لا حلَّ للأزمة، ولا مَخْرَج منها، إلاَّ بهزيمة عسكرية كاملة يُمْنى بها بشار؟
وأخيراً، ماذا ستفعل إدارة الرئيس أوباما إذا ما ارتكب بشار جريمة كيميائية جديدة بعد انتهاء الضربة؟
بقي أنْ أقول إنَّ على المعارضة السورية الآن أنْ تَعْرِف كيف تستثمر سريعاً هذه الضربة في إحراز انتصار عسكري كبير؛ فإنَّ حفظ ماء وجه الرئيس أوباما ليس بالأمر الذي يستحق أنْ تجعله المعارضة حاكِماً لموقفها، متحكِّماً فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشهد انك عربي اصيل
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 8 / 28 - 13:16 )
ان العرب الاصلاء وانا احدهم ومنذ 1500 عام قد تكلست عقولهم ويصدق عليهم قول ابي العلاء المعري رحمه الله قوله:
لو قال سيد غضى بعثت بملة *** من عند ربي قال بعضهم نعم
اخي الكريم ان من قام بهذا العمل الاجرامي هي جبهة النصرة بمساعدة الحلفاء وعلى راسهم بند الشر وصديقه اردوغان ولتعلم ايها الاخ ان التدخل او الضربة الامريكية ان حدثت هي ليست دفاعا عن شهداء المجزرة لان امريكا هي اكبر جزار في العالم ولكم ماحدث في ليبيا درس يجب ان لا ينساه العرب ولا تحسبن ان الاردن بعيدة عن نتائج الضربة او ان سقط الاسد.ان امريكا بفعلها الاعلامي ومساندتها للاخوان هو القضاء على العرب والمسلمين وارجاعهم الى زمن الخيام والجمال وجعل الصهيونية هي المتحكمة في الشرق الاوسط. نعم لو القيام الغربي يكون هدفه سقوط الانظمة واعادة الاستعمار المباشر لرحبنا به اجمل ترحيب ولكن هدفه تسليط الاخوان وهم انذل من الصهيونية. لعلك تشك ان تقوم جبهة النصرة بهذا العمل المشين؟؟. لا تشك ابدا لان فقه الضرورات تبيح المحظورات والذي لا يتم الواجب فهو واجب يخولهم بان يفعلةا ما يشاؤون ولو بالتحالف مع الصهيونية.


2 - رأي
سميح الحائر ( 2013 / 8 / 28 - 14:54 )
الاخ جواد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.انظر ماذا فعل هؤلاء السفهاء باناس ابرياء ربما يختلفون معهم في العقيدة فهل مثل هؤلاء يتورعون من قتل الاطفال والنساء والشيوخ باي وسيلة كانت حتى لوكانت قنابل نووية؟؟.
http://www.youtube.com/watch?v=C6Tb88O4qOQ
لا امن ولا وامان في عالم اليوم بدون القضاء المبرم على هذا الفكر الاجرامي.

اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر