الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات وعوامل توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد

حسين عمر

2013 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ينبئ مجمل التطورات والتحركات السياسية والدبلوماسية والعسكرية في الأيام القليلة الماضية بتزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد. وقد تزايدت وتيرة وحدة هذه التحركات في أعقاب جريمة الهجوم الكيماوي على غوطة دمشق فجر يوم الأربعاء في الحادي والعشرين من أغسطس الجاري والتي يُعدّ نظام الأسد المتّهم الأوّل بارتكابها. فمن إجماع القوى الدولية الفاعلة على تحميل نظام الأسد مسؤولية جريمة الكيماوي إلى جهر الرئيس الفرنسي أولاند بأنّ قراراً وشيكاً بالتدخّل العسكري سيصدر وبأنّ بلاده على استعدادٍ للمشاركة في جهود معاقبة الأسد، مروراً بحالات الاستنفار في مجالس الأمن القومي والجلسات الاستثنائية لبرلمانات عددٍ من الدول النافذة كفرنسا وبريطانيا وكذلك إعلان مسؤولين أتراك بأنّ بلادهم ستنضمّ إلى أيّ تحالف للحرب ضدّ النظام السوري حتى من دون قرارٍ من مجلس الأمن والتصريح بأنّ حكومتهم مفوّضة من قبل البرلمان لخوض هذه الحرب وصولاً إلى المباحثات الماراثونية التي تواصلت على مدى يومين في الأردن بين قادة أركان جيوش عشر دول مؤثّرة في الملّف السوري ومعنية به، وانتهاءً بإعلان وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف الصريح بأنّ بلاده لن تدخل طرفاً في الحرب إذا ما قرّر الغرب شنّها ضدّ سوريا.
الواقع هناك جملة من العوامل التي تدفع إلى الاعتقاد بأنّ أمريكا ستلجأ مع حلفائها إلى توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري لا يمكن التكهّن بمدياتها، وفي مقدّمة هذه العوامل يأتي ما يمكن اعتباره تحدّياً مكشوفاً من قبل النظام لإرادة أمريكا التي أعلنت في أعقاب ظهور أولى علائم استخدام السلاح الكيماوي بأنّ هذا الاستخدام سيكون خطّاً أحمرَ لا ينبغي تجاوزه ولكنّ النظام وعوض التراجع عن هذا الخيار، وسّع من نطاق استخدامه بحيث ارتكب مجزرة رهيبة به. والحقيقة أنّ استخدام السلاح الكيماوي من قبل نظام الأسد كأوّل نظام يستخدم هذا السلاح الفتّاك والمحظور دولياً يتجاوز الأبعاد الإنسانية التي يصعب على أيّ دولة تعتبر نفسها مسؤولة عن حماية الأمن والسلم العالميين تجاهلها ليأخذ أبعاداً سياسية تعني أنّ أيّ دولة، يُصطلح عليها على أنّها مارقة، قد تلجأ إلى استخدام هذا السلاح المحظور دون أن يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته في ردعها ومعاقبتها على الجرائم التي تُصنّف على أنّها ضدّ الإنسانية نظراً لاستخدام أسلحة إبادة جماعية في ارتكابها. ثمّ أنّ امتناع أمريكا عن الردّ على هذا التحدّي لإرادتها سيظهرها بموقع الدولة التي تقول ولا تفعل وهذه سمة الدول الضعيفة والمارقة لا القويّة والعظمي. ناهيكم عن أنّ بقاء أمريكا في موقف المستسلم والمستكين لمشيئة روسيا الرافضة لأيّ تحرّك لا يرضى عنه النظام السوري يفقدها هيبتها ومكانتها الدوليتين ويحدّ من قدرتها على لعب الدور الريادي في التعاطي مع جملة من القضايا الدولية الإستراتيجية والهامّة، من الملف الإيراني إلى الترسانة النووية لكوريا الشمالية إلى عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى نظام الدرع الصاروخي في أوروبا وصولاً إلى ملفّي حقوق الإنسان والتجارة الدولية وما سيترتّب على ذلك من آثار على مصالح أمريكا ونفوذها. يُضاف إلى ما ذكرناه، أنّ استمرار النزاع السوري بمعطياته الراهنة حيث لا آفاق لحلٍّ سياسي أو حسمٍ عسكريٍ وشيك مع استمرار تعاظم مفاعيل هذا النزاع على مستوى الكارثة الإنسانية وعلى مستوى انعكاساته السياسية والأمنية على الإقليم عموماً مع إصرار الأسد على عدم التراجع واستمراره في المواجهة بدعمٍ من حلفائه الإقليميين والدوليين يهدّد استقرار معظم دول المنطقة ويكفي هنا للتدليل على ذلك الاستشهاد بالوضع في لبنان بما يعانيه من انعدام الاستقرار السياسي والأمني. إنّ إطالة أمد هذا النزاع واستجراره لنزاعات إقليمية مرتَقبَة يخدم في نهاية المطاف أجندة إيران التي تريد للقوى المناهضة لمطامحها النووية أن تنشغل وتُستنزَف في تلك النزاعات لتستغلّ الفرصة وتستمر في تطوير برامجها. أمّ إذا كان البديل لدى النظام السوري عن إطالة أمد النزاع هو استخدام الأسلحة المحظورة التي تبيد جماعياً، فإنّ إطلاق يد الأسد وتركه يتمادى في استخدام السلاح الكيماوي قد يمنحه فرصة القضاء على خصومه من المعارضة المسلّحة الأمر الذي سيُعدّ انتصاراً له وللمحور الدولي والإقليمي الذي يرعاه ويدعمه، ويعزّز مكانة هذا المحور ويقوّي أوراقه سواء في الحل السياسي المأمول في سوريا أو في معالجة الملفات التي سبق ذكرها ولا سيما الملفّ النووي الإيراني الذي ستفاوض إيران عليه من موقع الدولة المنتصرة في معركة إقليمية كبرى.
لكلّ هذا، من المرجّح أن تلجأ أمريكا وحلفاؤها إلى عملٍ عسكريّ يكون هدفه في الحدّ الأدنى تغيير قواعد اللعبة في الملفّ السوري. أمّا التصريح الأخير لأوباما والذي كشف فيه بأنّه لم يتّخذ بعد قراراً بالتدخّل العسكري وكذلك التصريحات البريطانية الداعية إلى ضرورة انتظار نتائج تحقيق اللجنة الدولية التي ستعود من سوريا صبيحة السبت القادم، فهي تأتي في إطار مساعي إكساب التحرّك العسكري المرتَقَب الحدّ الأدنى من الشرعية الدولية أو على الأقلّ منحه المبرّر الأخلاقي وليس في إطار التراجع عن التهديد بمعاقبة الأسد ونظامه.

حسين عمر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران :ماذا بعد مقتل الرئيس ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيران تعيد ترتيب أوراقها بعد مصرع رئيسها | #التاسعة




.. إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة وتصر على اجتياح رفح


.. تداعيات مقتل رئيسي على الداخل الإيراني |#غرفة_الأخبار




.. مدير مكتب الجزيرة يروي تفاصيل مراسم تشييع الرئيس الإيراني وم