الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة السادسة والأربعون من ثورة 14 تموز

وصفي أحمد

2013 / 8 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


سر قوة الهاشمي
ربما كان نصف سر قوة الهاشمي يكمن في سيطرته التي كانت له على الادارات الهامة في الدولة . فقد كان يسيطر على قوات الشرطة من خلال مديرها . وكان لأخيه طه سلطة على التعيينات في الميدان التعليمي الحساس . وكان طه الذي , الذي شغل في الوقت نفسه منصب رئيس أركان الجيش , هو الوسيط الذي بنى ياسين من خلاله موقعاً في الجيش , وخصوصاً عند المجموعة العروبية من سلك الضباط , وكان طه قد حصل على موقعه هذا منذ 1929 كجزء من إعادة تنظيم سياسي اريد بهما , كما بدا فيما بعد و موازنة السلطة التي كانت لجعفر العسكري ونوري السعيد في الجيش .
ولان ياسين الهاشمي أدرك أن جعفر العسكري ونوري السعيد هما الوحيدان صاحبا النفوذ من بين الضباط الشريفيين السابقين , فإنه لم يتأخر عن اشراكهما في الحكومة التي شكلها في آذار ( مارس ) 1935 , حيث أعطى العسكري حقيبة وزارة الدفاع و اعطى السعيدة حقيبة الخارجية . ولكن , كان الهاشمي شديد الطموح لتقوية نفوذه وإضعاف موقعيهما , ولأنه أعتقد أن الفرصة ملائمة , فقد بدأ في أيلول ( سبتمبر ) من السنة نفسها خطة تضع منصب المعاون العسكري العام مباشرة تحت أمرة رئيس الأركان بدلاً من أن يكون تحت أمرة وزير الدفاع , كما كان حتى ذلك الوقت , وهو ما يعطيه وشقيقه طه كلمة موحدة في تعيينات الجيش . ولكن جعفر العسكري هدد بالاستقالة فوراً وسقطت الخطة . وفي وقت لاحق , حاول ياسين الهاشمي التخلص من جعفر العسكري مثيراً استياء الملك غازي منه ( ويبدو أن العسكري كان ينتقد حياة الملك غازي الخاصة ) , وذلك بتعيينه سفيراً في لندن , ولكن نوري السعيد رفض الفكرة .
من هذه الحوادث نفهم أن الهاشمي لم يكن كلي النفوذ . كما أبرزت هذه الحوادث , أيضاً , التنافس الذي كان يستهلك مجلس الوزراء ويضعف الجيش في ذات الوقت . وبدقة أكبر التيار العروبي الجامع داخل الجيش ( وكان نوري السعيد وجعفر العسكري و ياسين الهاشمي لهم نفس قناعات هذا التيار بشكل معلن ) . وهذا التنافس منح في 29 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1936 زمرة من التيار القطري , تتألف من ضباط أكراد يقودهم اللواء بكر صدقي قائد الفرقة الأولى , الفرصة للقيام بانقلاب عسكري , ضرب كلا الجناحين , واسقط ياسين الهاشمي , وكسب كل السلطة الحقيقية لفترة من الزمن .
وإلى جانب هذا العامل , كانت هناك عوامل أخرى ساهمت في سقوط الهاشمي , فمن ناحية , كان مجيئه إلى السلطة عن طريق توافق عشائري متمرد أضعف هيبة الحكومة إلى درجة شجعت تجمعات عشائرية منافسة على القيام بثورات أخرى أدى اخمادها بالقوة إلى زيادة الاستياء , مما لم يسمح للهاشمي إلا بالقليل من الراحة خلال الأشهر العشرين من وجوده في السلطة . وواضح أن نمو قوته , وتشديده المستجد على منزلته كسيد , وجهده الصريح لكسب تأييد الرأي العام الديني , وبتعبيره الطائش , في خطاب ألقاه في البصرة في 7 أيلول ( سبتمبر ) 1936 , عن أمله بأن تتوفر له عشر سنوات أخرى لكي يكرس نفسه لرفاهية العراق . هذه اللإشارات وغيرها في انه كان ينتظر مجرد فرصة سانحة لكي يأخذ السلطة العليا للبلاد كلها لنفسه . ولهذا كله , فإن حكمت سليمان , أحد قادة حزب الإخاء السابقين , الذي كان يشعر باستياء شديد لأن ياسين الهاشمي لم يسند إليه حقيبة وزارة الداخلية التي كان يشعر أنه يستحقها , والذي كان على علاقة ود ببكر صدقي , سمع يعلق بالقول إنه , من الآن فصاعداً , وفي ما يتعلق بالهاشمي , يفترض تغيير الهتاف اليومي من (( عاش الملك )) إلى (( يعيش الأنا )) , ولكن السفارة البريطانية كانت ترى أنه لا يبدو أن لهذه الانتقادات أي أساس من الصحة . وكان الأكثر اساءة لياسين الهاشمي استيلاؤه على أراضي الدولة (( بطرق مشكوك بها )) . وفي حديث لخليفته حكمت سليمان مع السفير البريطاني ادّعى الأول أن الهاشمي حصل بهذه الطرق على ما يزيد عن 60000 دونم . ومن الأمور التي لم تساعد الهاشمي أيضاً أن الملك غازي , (( الذي كان على علاقة وثيقة بالجيش )) , كان لابد يحمل ضغينة في قلبه ضده , ذلك أن غازي كان متألماً في ظل القيود التي فرضها الهاشمي على حياته الخاصة في أعقاب فرار أخته , الأميرة عزة , في حزيران / يونيو 1936 , مع أحد الخدم في فندق رودان , وتخليها عن الإسلام . وبقي الهاشمي حتى النهاية يعتقد أن غازي على علم بالانقلاب من حيث المبدأ , فقد كان بكر صدقي أخبره يوم سار إلى بغداد أنه كان يحظى بتأييد الملك غازي , وأخيراً فإن عنصراً آخر كان يرفع المطالب باسم من لا امتيازات لهم , ويتجمع حول صحيفة (( الأهالي )) , شبك يديه بيدي بكر صدقي من خلال حكمت سليمان وساعد ايدلوجياً في هزيمة نظام ياسين الهاشمي .
ولم لعش ياسين الهاشمي طويلاً بعد سقوطه من السلطة , فمات في منفاه في لبنان يوم 21 كانون الثاني ( يناير ) 1937 .
وصفي السامرائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين


.. ماكرون: -برنامج اليمين واليسار سيؤديان الى حرب أهلية في فرنس




.. جون أفريك: -تحقيق حول الأصول الجزائرية لجوردان بارديلا- زعيم