الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامج الفوضى الخلاقة .... سوريا تحجز مقعدا

هاشم محمد

2013 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يقول كارل ماركس ان الاقتصاد و الصراع الطبقي هما محرك التاريخ ,و ان اي نظام اقتصادي سيعتمد اولا على شكل العلاقة بين قوى الانتاج و علاقات الانتاج و هذه علاقة اقتصادية بحتة و للحفاظ عليها من قبل الطبقة المستفيدة من هذا النظام الاقتصادي تسعى لاستخدام ما تملكه من اجهزة و مؤسسات سياسية و ثقافية و اعلامية و عسكرية و غيرها بمعنى أدق ان كل ما ينتج عن هذه المؤسسات من مخططات و برامج و تنفيذها هي خدمة للنظام الاقتصادي السائد و الذي يمثل اساس و سبب وجودها بهذا الشكل فاي تغيير لشكل النظام الاقتصادي معناه تغيير بهذه الاجهزة و المؤسسات فهي تمثل البناء الفوقي للنظام , اذاُ ان ما ينتج عن اجهزة و مؤسسات النظام الرأسمالي العالمي من برامج و مخططات لها اهداف اقتصادية قريبة او بعيدة المدى يسعى من خلالها الى استمرار ديمومته و تجاوز الازمات الحالية و المستقبلية و حسب وجهة نظره .
فالعامل الاقتصادي اذا هو الدافع الرئيسي للامبريالية لجميع مخططاتها السياسية و العسكرية في المنطقة و العالم لذلك علينا التطرق للاهداف الاقتصادية وراء مخططاتها في المنطقة و هدفها من تطبيق برنامج الفوضى الخلاقة في الشرق الاوسط و للحديث عن اهدافها الافتصادية علينا التطرق اولا الى ما يعاني منه النظام الرأسمالي العالمي و الذي تعتلي قمته الولايات المتحدة الامريكية و بحث باسباب الازمة الاقتصادية الاخيرة و نتائجها .
هناك سببيين رئيسيين للازمة الاقتصادية العالمية الاخيرة اولها التطور التكنولوجي الهائل ( تطور قوى الانتاج )الذي حصل في العقود الماضية و الثاني اختلال العلااقة العضوية بين الرأسمال الانتاجي و الرأسمال المالي , ان السبب الاول حسب وجهة نظر ماركسية يؤدي الى حالة من التشنج في العلاقة بين قوى الانتاج و علاقات الانتاج و التي تمثل شكل اي نظام اقتصادي تؤدي الى حتمية تغيير في علاقات الانتاج بالشكل الذي يستوعب التطور في قوى الانتاج ( حدوث ثورة و تغيير النظام الاقتصادي في حالة وجود عامل ذاتي مؤثر للطبقة صاحبة المصلحة في التغيير و هي الطبقة العاملة ) فالتطور التكنلوجي الذي حصل ادى اعتماد الانتاج على الالة تدريجيا بدلا عن العمل و هذا معناه تراجع في تراكم رأس المال و الذي يعتمد بالاساس على فائض القيمة الذي ينتجه العامل و يستولي عليه رب العمل بالاضافة الى انخفاض القوى الشرائية لدى الاغلبية بسبب اتساع البطالة لاحلال الالة بدل العامل و اتساع الانتاج و حدوث كساد و انخفاض اسعار السلعة و الخدمة المنتجة و بالتالي تناقص ارباح صاحب رأس المال مما ادى الى البحث عن استثمار رأسماله في مجال الاخر فبدأ الاتجاه نحو الاستثمار المالي و الذي يشمل اعطاء القروض العقارية و الاستثمار في البورصة بشراء الاسهم و السندات و ان ارتفاع الاسعارها و انخفاضها يكون غير حقيقي فتصبح القيمة الرقمية لرأس المال المستثمر في الاستثمار المالي لا يمثل قيمته الحقيقية و يسميه كارل ماركس ( رأسمال الافتراضي ) ان اتجاه رؤوس الاموال بشكل كبير نحو الاستثمار المالي ادى الى ارتفاع قيمة الراسمال الافتراضي و ارتفاع قيمة الاسهم و السندات المالية و العقارية بشكل كبير بعيدا عن قيمتها الحقيقية , لكن يبقى اساس النظام الرأسمالي هو الرأسمال الانتاجي الذي يمثل ما ينتجه من سلع و خدمات و ما يدفعه من اجور للعاملين فتراجعه و ارتفاع رأس المال الافتراضي كان من الاسباب الرئيسية للازمة الاقتصادية الاخيرة .
لاعادة الحياة للنظام الراسمالي العالمي حسب وجهة نظر مفكري الراسماليين هو زيادة الاستثمار في الانتاج الذي هو اساس تحقيق الربح الحقيقي و بالتالي زيادة تراكم راس المال و تنشيط دورته من جديد من خلال خلق فرص استثمارية انتاجية مربحة مع ضمان وجود قوة شرائية لشراء السلع و الخدمات المنتجة .

اعادة رسم خارطة العالم الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية :

منذ بداية تسعينيات القرن الماضي و بعد انهيار الكتلة الاشتركية بدأ النظام الرأسمالي من خلال مؤسساته و بجدية البحث لايجاد سبل انعاش نظامه الاقتصادي المهترئ و تفادي اي سقوط و انهيار عند حدوث اي ازمة اقتصادية قد تعصف به
سيكون هدف النظام الرأسمالي هو ايجاد فرص مستمرة للاسثمار الانتاجي الذي هو كما اسلفنا اساس زيادة الارباح و تراكم راس المال فبدأ الخطوة الاولى بتطبيق العولمة لربط اقتصاديات اغلب دول العالم المتقدمة و النامية بمنظومة واحدة و الشروع باعادة ترتيب العلاقات الاقتصادية و التجارية الدولية بشكل يضمن لها تنفيذ برنامجها الاقتصادي في انعاش النظامها الاقتصادي العالمي من خلال صندوق و البنك الدوليين و منظمة التجارة العالمية , اما الخطوة الثانية فهي خلق فرص استثمارية انتاجية للرؤوس الاموال لزيادة تراكمه و تسريع دورته لانعاش الاقتصاد الرأسمالي العالمي و معالجة اي رد فعل اجتماعي قد ينشأ بسبب الازمة الاقتصادية كما اسلفنا في مقالتنا السابقة على الحوار المتمدن بتاريخ 28/8/2013 و شرحناها بشكل وافي , لذلك سخر النظام الراسمالي جميع مؤسساته السياسية و الاعلامية و العسكرية لوضع مخططات كبيرة تشمل جميع مناطق العالم لخلق فرص اقتصادية استثمارية لرؤوس امواله و تنشيط دورته و من ظمن هذه المخططات كما اسلفنا هو مخطط الشرق الاوسط لتحقيق هدفيين رئسيين الاول احتواء اي رد فعل اجتماعي قد يحدث من خلال اطغاء صراعات غير طبقية على الصراع الطبقي و الهدف الثاني و الذي ذكرناه في مقالتنا السبقة بشكل مقتضب جدا و هو خلق فرص استثمارية لتنشيط راس المال و هذا الهدف هو الاسمى بالنسبة لهم .

الفوضى الخلاقة و تحويل المنطقة الى ارض بور

الفوضى الخلاقة هو برنامج اعدته المخابرات الامريكية كجزء من مخططها في الشرق الاوسط و الذي هو جزء من خارطة طريق عالمية للنظام الرأسمالي لاجتياز تداعيات الازمة الراسمالية الاخيرة و خلق فرص استثمارية لرؤوس اموالها .
لتحقيق هدفها الاقتصادي في المنطقة عليها معالجة مسألتين مهمتين و هي القوى البشرية و ما على الارض من مؤسسات اقتصادية و بنى تحتية من خلال تدميرهما لتتحول المنطقة الى ارض بور جاهزة لاستثماراتهم و ان كل الثروات التي تحت ارض دول المنطقة ستكون قابلة للاستثمار بالاضافة انها ستمثل قوة شرائية كبيرة لاستيعاب انتاج استثماراتهم من سلع و خدمات داخل او خارج هذه الدول .
لاحضنا ما حصل للدول التي دخلت ضمن برنامج الفوضى الخلاقة من تدمير في المؤسسات الاقتصادية و البشرية فاستخدمت امريكا و حلفاءها الالية العسكرية في تدميرها و خلقت و دعمت بشكل مباشر اليات صراعات اهلية لتدمير القوة البشرية و نسيجها الاجتماعي في هذه الدول و خلق قوى جذب نحو الخلف ثقافيا و اجتماعيا بحيث ما كان يسمى في الماضي اقصى اليمين و هم الليبراليين اصبحو يمثلون قوى التحضر لاختفاء اي قوى يسارية ذا تأثير يذكر .

سوريا تدخل برنامج الفوضى الخلاقة :

لاحضنا ان كل دولة دخلت برنامج الفوضى الخلاقة كان لها سيناريو خاص لكن الاهداف واحدة و هي تدمير ما على الارض من قوى بشرية و اقتصادية و تحويلها الى ارض بور لاستيعاب استثمارات رؤوس الاموال لاحقا مع التنويه وجود ثلاث دول في المنطقة كانت تتمتع بمؤسسات اقتصادية و عسكرية و بنى تحتية قوية و تتمتع بعمق تاريخي و نسيج اجتماعي عريق و هم العراق و مصر و سوريا فنفذت امريكا برنامجها بالعراق باحتلاله عسكريا و تدمير جميع مؤسساته كخطوة اولى ثم وضعت اليات انهيارقواه البشرية و نشر الفساد الافتصادي اما مصر فبدأت بخطوتها الاولى بدعم الاسلام السياسي الذي يمثله اخوان المسلمين باستلام الحكم ثم وضعت الياتها و دخلت هذه الاليات بصراع مع قوى الشعب و المستقبل غير واضح الملامح بين انتصار برنامجها او انتصار الشعب المصري و لو جزئيا و هذا يتوقف على عوامل كثيرة سنشرحها بمقال لاحق اما سوريا حيث تتنمتع بمؤسسة عسكرية قويه و موالية تماما للنظام فبدأت امريكا و عملاءها في المنطقة بالخطوة الاولى بخلق اختراقات بالبنية الاجتماعية عن طريق اليمين الديني المتطرف الفاشي و محاولة اختراق المؤسسة العسكرية لانهاك النظام لخلق مراكزقوى متناقضة و باشكال مختلفة طائفية و عرقية و توسيع دائرة الصراع اقليميا و من ثم تعمل على خلق توازن بين الفرقاء من خلال الدعم اللوجستي و العسكري فليس المهم لامريكا بقاء بشار او عدمه المهم تحقيق اهدافها بتدمير ما على الارض و تدمير النسيج الاجتماعي و خلق مركز جذب ثقافية و اجتماعية نحو الخلف فالعملية العسكرية التي ستقوم بها امريكا و حلفاءها في الايام المقبلة هي لتدمير ما على الارض من مؤسسات اقتصادية و بنى تحتية و على المنظمات اليمينيه الدينية الفاشية تدمير القوى البشرية ثقافيا و اجتماعيا و جسديا لاحقا لتسود بعد ذلك ديمقراطيتها كما سادت في العراق .

ان النظام الرأسمالي العالمي لا يتوانى ابدا في القيام باي عمل قد يراه مناسب لمساعدته في انعاش اقتصاده و ديمومته حتى لو اباد نصف البشرية و محى نصف ما على الارض من مؤسسات اقتصادية سواء كان خارج او داخل دولهم فهم يدركون ان اقتصادهم يحتاج الى ابر منعشة قويه و عديدة و التضحيات مطلوبة و ان مخططهم في الشرق الاوسط ما هو الا بداية لمخططات تشمل مناطق في جميع القارات اسيا و افريقيا و امريكا اللاتينية و حتى تصل الى اوربا و امريكا نفسها فانعاش نظامهم سيحتاج دائما الى خلق فرص استثمارية لديمومته و ترقيعه

و السؤال الذي علينا طرحه الى متى يبقى النظام الرأسمالي بكل مساوءه الاقتصادية و الاجتماعية و الانسانية يستمر يحتضر دون ان يلفض انفاسه الاخيرة سنحاول ان نجيب على ذلك بمقاله لاحقة قريبا .

ملاحظة : حاولت في المقالة ان اطرح وجهة نظري في المواضيع المطروحة و ارجو ان تكون قريبة من التحليل الماركسي الذي انتمي اليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا