الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطنان سوريان

محمد نبو

2013 / 8 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الوثيقة التي خرج بها الطرفان المجلس الوطني الكوردي في سوريا والائتلاف الوطني السوري حول المسألة الكوردية في سوريا لم تلق نصيبا كافيا إعلامياً لتزامن صدورها مع الحديث عن ضربة عسكرية محتملة على سوريا. تحمل هذه الوثيقة ما يمكن تسميته مشروعا وطنيا سوريا أكثر نضجا مما سبقه من طروحات صدرت عن هذه الجهة او تلك وهي تطرح تساؤلا عن ماهيتها من جهة أنها إنجاز وطني سوريا نحو سوريا أكثر تمثيلا لجميع أبناءها أم أنها انتصار قومي كوردي نحو شكل من أشكال الإدارة الذاتية الكوردية قد ترقى مستقبلا للفيدرالية أو حتى الانفصال.
بعيدا عن مناقشة تفاصيل الوثيقة ومحاولة لرصد الخطوط العريضة لردود الفعل يبدو ترجيح اسم الدولة " الجمهورية السورية " بعد حذف كلمة العربية مثار سخط عربي سوري فكيف لمكون لا يتعدى 10% من تعداد السكان إحداث تغيير زلزالي أكبر بكثير من حجمه أو " تحجيمه " الوطني، وعليه تاليا الاكتفاء بمواطنة تبدو غائمة الملامح شعارها " كلنا سوريون " عرب وكورد وتركمان وآشوريين .... مع إصرار غريب على إلصاق " التركمان والآشوريين بكل موضع يشار فيه للكورد كمكون له وزنه في سوريا.
والمواطنة الكاملة عربيا تعني تقسيم " الموطنين " لأغلبية تتمتع بحقوق كاملة وأقليات تتمتع بحقوق فائضة عن الأكثرية، فلا ضير من بضع مدارس كوردية أو محطة تلفزيونية أو إذاعات تبث أغان كوردية " لا تثير النعرات الانفصالية " ليل نهار، طبعا يحق لتلك الأقليات الترشح لمختلف المناصب في الدولة لكن قدرها أنها لن تتجاوز حد الترشح فللأغلبية مرشحوها أيضا والأغلبية تنتخب الأغلبية. والصورة الكاريكاتورية هنا أن الديمقراطية تتبع والحال هذه مسلكا طبيعيا في تنحية الأقليات جانبا وهذا ليس ذنب الأغلبية، ولا تناقض فيما سلف.
على الجانب الآخر من الوثيقة - الوطن يتلقى الكوردي أي طرح أقل من " دولة كوردستان الغربية " بفتور لا يستطيع إخفاءه خلف بهجته بالاسم الجديد للدولة فيتربص بكل تفصيلة لا تشير صراحة لإقليمه الكوردي وحدوده وحصته الواضحة في موارد الدولة ومؤسساتها. ليبدو والحال هذه أن المواطنة لديه هي تقسيم دقيق لخيرات الوطن وسلطاته بين مواطنيه ولكل مكون حصته المعدة سلفا بما يتناسب وتعداده النسبي بما يضمن درء " غدرٍ " مستقبلي من الطرف الذي سيخوله حجمه الوطني التلاعب بمستحقات المكونات الأخرى. والذي لم يسعفه التاريخ بتقسيم جغرافي ظل حلما بعيد المنال سيبذل قصارى جهده لترسيخ تقسيم / تقسيمات أخرى تبعد عنه شبح تغول الأغلبية يوما.
هما وطنان إذا انبثقا من وثيقة وطنية واحدة، وطنان قد يتوازيا أو يتدخلا في وثائق أخرى تالية, فإن بدا الأمر أنه على هذه الجهة أو تلك لا يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح فلعل مسودة الوطنين هذه تخرجنا ولو قليلا من ضباب وطن واحد لم يكن لأي " مواطن " أن ينتميه .
محمد نبو
هولير 30/08/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية