الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهذيان

برهان غليون

2013 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



ينفق النظام السوري عشرات ملايين الدولارات اليوم على مكاتب العلاقات العامة وشركات الدعاية والإعلان كي يبريء نفسه من تهمة استخدام السلاح الكيماوي. في البداية، وخلال اليومين الأولين، نفى تماما وجود آثار لاستخدام السلاح الكيماوي. بعد أن ظهرت الصور، ورأي العالم بأم عينيه آثار الجريمة المروعة، غير خطابه، واعترف باستخدام سلاح كيماوي في غوطة دمشق، لكنه رمى التهمة على المعارضة. واخترع نظريات لا يقبلها إلا الحمقى، ليؤكد أن مقاتلي الجيش الحر أطلقوا شحنات كيماوية على بلداتهم وحيث تسكن عائلاتهم وأبنائهم.

ومنذ يومين يحاول، بمساعدة مكاتب العلاقات العامة المستأجرة في معظم البلدان الكبرى، وكل الدعم السياسي واللوجستي لروسيا وايران، أن ينسحب من فرضية المعارضة ويقنع العالم بأن من أطلق الغازات الكيماوية ليست المعارضة نفسها ولكن جماعات مندسة في صفوفها، تم تمويلهم من قبل دول معينة.

هذه الأكاذيب التي لا تمر إلا على من يريد أن يصدقها، وبعض الناس الذين اكتوا أيضا بنار الأكاذيب الدولية منذ زمن طويل، لا يمكن لصحاب عقل يتابع الحدث السوري منذ شهور أن يصدقها.

لا يكذب هذه الإداعاءات ما عرف به النظام من الكذب الصريح والدائم والشامل، الذي يعرفه الشعب السوري والعالم، وفي كل شيء، حتى، كما قال الشاعر المرحوم ممدوح عدوان، في نشرة أحوال الطقس، وإنما أكثر من ذلك الوقائع الواضحة التالية :

اولا رفض النظام دخول مفتشي الأمم المتحدة في اليوم نفسه إلى مكان الإصابة للتحقق من الأوضاع، وإصراره على رفض دخولهم حرصا على أرواحهم. ولم يغير موقفه إلا بعد الضغوط الكبيرة التي مارستها حليفته روسيا عليه.

وعندما قبل بذلك حاول أن يتوه المفتشين. فأخذهم في طريق غير المتفق عليها، وأدخلهم في مناطق المعارك الحامية، حتى يعرضهم للنيران ويخيفهم ويثنيهم عن الاستمرار

وثانيا، إصرار النظام، بعد أشهر من المفاوضات مع الأمم المتحدة على السماح لفريق المفتشين بالمجيء إلى سورية، للتحقيق في استخدامات سابقة للكيماوي طالت ٢٨ موقعا، على تقليص صلاحية لجنة التحقيق، بحيث حرم عليها البحث في تحديد من المسؤول عن إطلاق السلاح الكيماوي، وحصر مهمتها في تقرير في ما إذا كانت هناك آثار للغازات المستخدمة أم لا، وذلك بعد أشهر من استخدامها.

وثالثا، الجميع يعرف أن التعامل مع الأسلحة والغازات السامة ليست مسألة سهلة يتقنها من يشاء، ولكنها تحتاج لتقنيات ومختبرات ووسائل لا يملكها إلا النظام، وأن المعارضة لا تملك اسلحة كيماوية، وهو لم يعلن عن سرقة مثل هذه الأسلحة، بل أعلن دائما أنها تحت حمايته وسيطرته التامة.

وأخيرا لو امتلكت المعارضة مثل هذه الأسلحة، وكان لديها إرادة استخدامها، وهو أمر مرفوض تماما، لما استخدمتها ضد نفسها، وضربت بها مواقعها، وإنما، وهذا عين المنطق، ضد مواقع خصومها وأعدائها.

يبقى أن هناك طرفا ثالثا هو الذي دخل على الخط كما نقول، وفي هذه الحالة على النظام الذي يملك هذه الأسلحة ويحميها أن يكشف عنه ويتحقق من هويته ويخبر عنها قبل أن يتهم المعارضة. وهو لم يكلف نفسه حتى التحقيق باستشهاد مئات الأبرياء معظمهم من الأطفال والنساء، وبعض أنصاره وزعوا الحلوى على مرآى مشاهد الجريمة النكراء. ومهما كان الحال، وحتى لو أن طرفا ثالثا هو الذي سرق السلاح الكيماوي واستخدمه، يبقى لا يخفف هذا من مسؤولية النظام، واتهامه بأنه أخفق في حماية شعبه من استخدام أسلحة محظورة تقع تحت سيطرته. ولا شيء يمنعنا أيضا، لو كان هذا هو الحال، أن نأخذ باحتمال أن يكون هو من سربها واشترى خدمات فريق ثالث حتى يحقق أهدافه منها من دون أن يناله الاتهام المباشر.




أما آخر الأطروحات التي سمعتها عن الموضوع، فهي الأغرب. يقول بعض أنصار النظام وداعميه ماذا لو أن دولة أو دولا نجحت في أن تخترق قوات الأسد نفسه، وتدفع بعض جنوده لإطلاق مثل هذه الغازات، لتوريط النظام في هذه الجريمة. لم يبق إلا أن نشك في أن بعض أجناس الجان تتآمر على الأسد وتبحث عن هلاكه وتكبيله بتهم هو منها براء كبراءة الذئب من دم يوسف.

كل ذلك كان من الممكن تصديقه، أو تصديق بعضه، لو لم يكن نظام بشار الأسد قد أدمن الجريمة واستمرأ القتل بكل الأسلحة، بما في ذلك اسلحة الدمار الشامل، وأتقن الذبح بالسكاكين، وولغ في دماء السوريين منذ ما يقارب السنوات الثلاث، على مرأي العالم كله وبصره. لكن لسوء حظ السوريين وخيبة أمل أنصار الأسد وولاة أمره، ليس هذا هو الواقع.




يحكى أن رجلاً نفخ في قربة و ربطها ثم نزل بها يسبح في النهر. و كانت القربة ضعيفة الوكاء ( أي الرباط )، فتسرب هواؤها، و أوشك الرجل أن يغرق، فاستغاث برجل كان واقفاً على الشاطئ فقال له الرجل :

" يداك أوكتا و فوك نفخ "

وذهبت هذه الجملة مثلا يضرب فيمن يقع في سوء عمله


ونحن نقول للأسد تماما: يداك أوكتا وفوك نفخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا أخي الكريم .. شكرا... لكن لاحياة لمن تنادي
حسن نظام ( 2013 / 8 / 30 - 21:04 )
شكراً أيها الألمعي السوري الكبير على مقالك الواضح هذا، وعلى مواقفك المشرفة والشجاعة ضد الطغاة، أينما كانوا. ولا بد أن وطنك سوريا سيخرج من هذا الدمار الشامل (التقليدي والكيميائي) الذي سببه السفاح ابن السفاح لهذا الشعب الأبي
لكن مما يؤسف له - وهو بالمناسبة سبب ابتعادي غالبا عن الموقع - أن الموقع هذا أصبح ملاذاً آمناً ومستنقعاً لمجموعة متطرفة شعبوية، من مختلف الشّيع، الذين وبكل خجل، يدافعون عن النظام الديكتاتوري الفاشي السوري، وبألف تبرير وتبرير: قومجية/مقاومية/شيوعوية/طائفوية ...الخ! المهم أن يكون النظام الأسدي ومن وراءه وحماته المعروفين، يتشدقون ويتاجرون- ليلا ونهارا-بشعارات جوفاء؛ ضد الصهيونية والامبريالية والرجعية! ناسيين ومتناسين هؤلاء البُله أن هذا النظام هو الإبن الشرعي الأوفي للامبريالية.. ومن أكثر المتخاذلين أمام اسرئيل(الصهيونية)- الجولان الهادئ هدوء القبور! وهو -النظام السوري- من أكثر الأنظمة مكراً ورجعيةً ومخابراتياً واستبداداً وشراءً للذمم، إلى درجة أنه قضي تماماً (رشوة القادة)، ومن زمان، على أقوى الاحزاب الشيوعية العربية، الذي/اللذَين/الذين، تحولوا إلى دميةٍ وتُبّعٍ مرتشٍ

اخر الافلام

.. احتجاجات متواصلة في جامعات أوروبية للمطالبة بوقف إطلاق النار


.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي


.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية




.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية