الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من رأى منكم تلك المقاومة الشريفة؟

حمزة الجواهري

2005 / 5 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


كما الجراثيم:
بعد تشكيل الحكومة المنتخبة، البعثيون يرمون بكل ثقلهم من أجل المزيد من العنف والإرهاب، وبالرغم من أنهم لم يقولون صراحة، أن الإرهاب هو برنامجهم للوصول للسلطة، ربما لعدم وجود متحدث رسمي باسمهم، أو لبشاعة الأعمال الإرهابية، لكن في النهاية نجد الزعماء البعثيون يزدادون جرأة وثقة بالتحرك على الساحة السياسية والتحدث لوسائل الإعلام المنحاز لهم، شراء أو نكاية بالعملية السياسية، لذا نراهم مصممين على تمزيق أشلاء العراقيين بسياراتهم المفخخة وعبواتهم الناسفة وفرق الاغتيال، وهذا ما يعده البعثيون نوعا من النجاح الذي لم يكن متوقعا من قبل أحد، بل حتى الشيطان لم يجرؤ على وضع برنامج سياسي من هذا النوع!
بالرغم من وضوح خططهم للعيان لكن لم نرهم يتراجعون، ذلك لأن في العراق أوراق كثير يلعبون بها وعليها، فهناك طائفية وأدوار مهمشة فعلا وهناك سياسيين مهزومين وآخرون انتهازيين ووصوليين ونفعيين وإعلام مدفوع الثمن وآخر مسخر لغاية في نفس يعقوب ومصالح دولية وإقليمية وشعبا يرزح تحت تهديد الإرهاب بأشكال لم يعرفها التاريخ سابقا، جائعا عاطلا عن العمل وفي عوز لكل شيء. هذه البيئة، هي البيئة الصالحة للبعث كي يتحرك بها بحرية، فهو كما الجراثيم لا يمكن أن يتحرك إلا في بيئة قذرة، لذا نجدهم يعدون العدة للمرحلة القادمة في تحالفات مشروعة وأخرى آثمة من أجل الوصول لهذه السلطة وفرض شروطهم التي سوف لن تخرج عن دور يمكنهم من تنفيذ تلك الأهداف الواضحة للعيان.
مقاومة يقال أنها شريفة؟!؟!؟!
مفردة سياسية دخلت على الخطاب السياسي العراقي بشكل قسري أيام الحكومة المؤقتة التي تزعمها الدكتور اياد علاوي، وهي أن هناك مقاومة شريفة، وطبعا بالضرورة تعني المفردة أيضا أن هناك مقاومة غير شريفة، ويسميها الناطق الرسمي في السفارة الأمريكية في العراق، من خلال حديث له مع البي بي سي، يسميها القتل، أو الإرهاب، كونها تستهدف المدنيين، وقع هو الآخر في الفخ وصرح، بالرغم من أننا لم نرى أو نسمع عن مقاومة في العراق لم تستهدف المدنيين، خصوصا من خلال مراجعة العمليات الجبانة الأخيرة. هذه المقاومة الشريفة، كما يزعمون، بدأ يظهر لها لماما، هنا وهناك، أصواتا تمثلها أو تدعي تمثيلها بشكل أو بآخر، فالبعض منهم، مازال يرفض أن يحسب على أنه متحدثا باسم البعث، أما الوفاق صار يتبنى الحديث صراحة عن هذا الموضوع، ولكن مازال يرفض تبني الحديث نيابة عن المقاومة!!! لكن هناك أصوات تأتي من عالم بعيد جدا، ربما من مجرات بعيدة جدا، كصوت ذلك المسخ البشري تايه عبد الكريم الذي كان ضيفا دائما في مكتب الدكتور علاوي أيام حكمه، يأتي هذا الصوت ليقول أنه يمثل البعث والمقاومة الشريفة معا! ولكن لحد هذه اللحظة لم نسمع منه ماذا تريد مقاومته هذه؟ وبقينا نرصد متى يتحدث هذا الصوت المزعج والنشاز، لكن يبدوا لي، حتى هو متردد بالتحدث نيابة عن هذه المقاومة، والتي لم يراها أحد، فكل ما نراه هو قتل بالجملة للأبرياء من أبناء العراق!!! وهكذا بقي صوت هذه المقاومة يأتي فقط من عالم الغيب، أو عالم الأموات، لم تستطيع أجهزة الرصد تحديد مصدره لحد هذه اللحظة، في حين بقيت الأصوات الأخرى التي تحمل مسميات غير البعث تعلو لكثرة الفرص التي تمنح لها للحديث من خلال أجهزة الإعلام.
تعبت أيينا من فرز الأوراق:
واحد من هذه الأصوات النشاز، هو صالح المطلق، زعيم تحالف الأحزاب السنية الذي أنشئ مؤخرا كواحدة من واجهات البعث تحت جلباب الطائفية، حيث الهدف المعلن له هو الدفاع عن دور مسلوب للسنة العرب، فجأة ظهر علينا هذا الرجل في الآونة الأخيرة وأخذ صوته يعلو دون مبرر منطقي، يقول هذا الزعيم الجديد ""ليس سرا، انه لا يمكن توحيد العراق بدون البعثيين، فالبعث هو الحزب الوحيد القادر على الوقوف في وجه الأصوليين"". بهذا يطرح البديل للوضع الأمني المتردي حاليا، ويريد للبعث أن يعود من جديد للسلطة كونه الوحيد، كما يزعم المطلق، الذي يستطيع أن يتصدى للإرهاب الأصولي السلفي، بالرغم من أنه قفز فجأة للسطر الأخير من البرنامج السياسي للبعث وهو العودة للسلطة، لكنه بقي يخلط الأوراق حين أوحى لنا أن الإرهاب هو إسلامي سلفي وليس بعثي سلفيا في حلف كما الزواج المحرم، في الوقت الذي يسخر بصمت كل من يستمع لمثل هذا الهراء ويسأل في سره سؤال بسيط، من الذي أدخل الإرهاب الأصولي السلفي للعراق غير البعث؟ ومن المسئول عن العنف بالكامل غير البعث؟ وهكذا يعود الجميع، بما فيهم المطلق نفسه، للمربع الأول الذي انطلقوا منه، كاستجابة للأمر الواقع، وهو أن البعث ما كان ليفعل كل هذه الجرائم إلا من أجل أن يفرض نفسه بالقوة على المجتمع، سواء في السابق أم المستقبل. والذي لم يعد سرا، أيضا، هو أن هذا الرجل بعثيا مخضرما، ولا علاقة له بالنسب الجديد سوى أنه تذكر أخيرا أنه من أبناء المذهب السني، وأنا على ثقة أنه لا يعرف كيف يؤدي الصلاة، بل ولا يعرف كم مرة يجب أن تؤدى في اليوم، وما أصبح كحقيقة واضحة للعيان، أيضا، هو أن البعث لا يعرف لغة من أي نوع أو أصل كان غير لغة العنف والتفرد بالسلطة، فضلا عن قذارة وبشاعة العمليات التي تقوم بها هذه المقاومة التي تسمى شريفة! ربما لهذه الأسباب، لا نجد لها متحدث رسمي يجرئ على الحديث باسمها، وربما كاستمرار بسياسة خلط الأوراق، من هنا أستطيع القول، إن هذه الأصوات سوف تبقى تتحدث تحث أسماء وواجهات أخرى لوقت طويل من الآن. في المقابل، وبظل سياسة خلط الأوراق هذه، نجد مسئولين عراقيين وغربيين، يشعرون بالقلق من دور محتمل لحزب البعث في العراق الجديد، من خلال العنف والحوار الصامت هذا والذي لا يحتكم لأي منطق سليم، ليس لعدم الإيمان بمبدأ المشاركة في السلطة، ولكن كون البعث لا يعرف كيف يعمل ضمن نظام يشارك به الجميع ما لم يتفرد لوحده في السلطة، هذا بغض النظر عن الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبها البعث لحد هذه اللحظة. بالمقابل، أو ما يعادل الشعور بالخيبة وينعش معنويات العراقي، هو إننا نسمع المسئولين الغربيين قبل العراقيين يتعهدون بإفشال محاولات الحزب لاستعادة السلطة، أو حتى المشاركة بها، بهذا الخصوص، دبلوماسي غربي يقول ""لم نأت إلى العراق لإنفاق ملايين الدولارات وفقدان آلاف القتلى والجرحى لكي نقبل بعد ذلك بظهور صدام آخر من تحت رماد البعث"".
المشاركة لغرض التفرد:
لكن البعث لا يصغي لأحد، ولا يجد نفسه بحاجة لمتحدث رسمي حقا، لأن ما يجري على الأرض من قتل للأبرياء لا يمكن تبريره أو تغطية دوافعه ولأن من يقوم بالعف المسلح لا ينكر أنه بعثيا ولا من يروج له ولا من يتبنى الحديث عنه ولا من يدافع عنه ولا حتى حارث الضاري يستطيع إنكار أن البعث من وراء كل ما يجري، فلذا يبحث البعث، أو المقاومة، عن متحدث رسمي؟ مادام صوت السيارات المفخخة أعلى من كل الأصوات، في الوقت الذي نجد به مثنى حارث الضاري يجتمع بالإسرائيليين في قطر كورقة أخيرة للعودة للسلطة.
هكذا وبهذه الساليب، يبقى البعثيون يسعون لدور مهم في السلطة الجديدة المدعومة دستوريا بعد التصويت عليه بشكل شرعي، يسعون لهذا الدور ليس إيمانا منهم بالدستور والمشاركة وتداولية السلطة، ولكن لتأسيس واقع موضوعي يسهل في النهاية التفرد بالسلطة، فالذي فعله أياد علاوي خلال ولايته السابقة لم يخرج عن هذا المسعى، فقد كان يسعى لإعادة تأسيس الجيش والقوات المسلحة القديمة، لكي يستطيع، بضربة واحدة فقط، أن يعود هو رئيسا للوزراء والمطلق، مثلا، رئيسا للدولة والجيش البعثي يمسك بخناق الشعب من جديد، وليذهب الآخرون للجحيم.
الخارطة السياسية في تغير دائم مع تطور العملية السياسية، هذا ما أدركه البعثيون أيضا، ولمجرد وضع السؤال التالي، ما هي الكتل الجديدة التي سوف تتنافس في الدورة القادمة؟ يمكن أن نقول بثقة أنهم سوف يجدون لهم مكانا عليا من أحد التحالفات التي سوف تدخل في السباق الجديد، وباستعمال المفردات المستحدثة الجديدة ومنها حكومة المحاصصة أم الوحدة الوطنية، نجد دائما بعثا خبيثا يختبئ تحث أي منها، فلو قلنا محاصصة طائفية، هناك كتلة سياسية، البعث أحد مكوناتها الأساسية وسوف يطالب بحصة، ولو قلنا حكومة وحدة وطنية، فإن البعث سوف يعيد تشكيل نفسه ليكون أحد المكونات الأساسية للوطن تحت أسماء جاهزة من الآن، لأنه أصلا يعمل تحت واجهات عدة متنوعة.
أملنا الأخير في الدستور:
إن من أهم الحقوق التي يجب أن يحفظها الدستور الدائم هي حقوق الإنسان، ولحد هذه اللحظة لم يمارس البعث منذ تأسيسه ممارسة، ولو ممارسة واحدة، تتفق مع مبدأ حقوق الإنسان، لذا يجدر بنا أن نضع أول فقرة من فقرات الدستور هي اجتثاث البعث وكل حزب شمولي الطابع وعدم منحه الشرعية بالعمل، لكي لا يبقى العراقي يعيش هذا التهديد اليومي بعودة السرطان إلى الجسد بعد استئصاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قمة مجموعة السبع في إيطاليا.. برنامج مثقل بالأزمات| #الظهيرة


.. ملاحظاتُ حماس على مقترح بايدن.. إعلان رفض أم مُسودة جديدة؟|




.. القوات الإسرائيلية تشتبك مع عشرات الفلسطينيين في جنين وتدمر


.. عروض تمثيلية لطلاب سوريين لدعم أطفال غزة




.. نافذة على الحرم.. الحجاج يواصلون القدوم إلى الأراضي المقدسة