الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تركيا الى العراق .... دروس وعبر

دهام محمد العزاوي

2013 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من تركيا الى العراق ..... دروس وعبر
د.دهام العزاوي
كاتب واكاديمي عراقي
يقول أبراهام لنكولن : أنا أمشي ببطء ، ولكن لم يحدث أبدا أنني مشيت خطوة واحدة للوراء. قد تصدق تلك المقولة على العظماء من الرجال والنساء ولكنها صحيح ايضا قد تنطبق على الدول العظيمة والتي تسير بخطوات ثابتة الى الامام لتحقيق مشروعها السياسي والاقتصادي وعظمتها القومية ، مناسبة هذه المقولة الشهيرة ، هي استحضار القرائن والامثلة التي يسوقها كثير من العراقيين الذين جابوا بلدان العالم ولاسيما البلدان المجاورة سياحة وعلاجا وهربا من جحيم العنف الذي يحصد كل يوم عشرات الابرياء ، ويخلف عشرات العوائل الثكلى . لعل المقارنة بين مايشاهده العراقيون في البلدان التي يسافرون لها من حيث البيئة النظيفة والبنية التحتية المتطورة ووجود نظام تعليمي متطور وتقدم عمراني ومدني واستقرار سياسي ونمو اقتصادي ، وبين ما يعيشونه من تخلف في البنية التحتية وتراجع في مستويات المواطنة و التنمية الاقتصادية والبشرية وتدمير للبنية السياسية واللحمة الوطنية ، لعل كل ذلك يدفعهم للتساؤل عن اسباب تقدم تلك البلدان وعوامل تراجعنا ، عن سر نجاحهم وفشلنا عن سر سلامهم وسر تقاتلنا ، ربما تقدم مشاهداتنا لتركيا نموذجا يجيبنا عن بعض تلك التساؤلات على اعتبار ان تركيا قريبة علينا في بيئتها ومشكلاتها وجغرافيتها وربما في طبيعة شعبها وتنوعه !! ، لكن شتان مابين تركيا والعراق ، تركيا اليوم التي يؤمها ملايين العراقيين للسياحة والعلاج والاستقرار باتت تختلف اليوم عنا جذريا ، ففي الوقت الذي كان العراق يعطي ويمنح الملايين من الدولارات كمساعدات اقتصادية للدول الفقيرة والمحتاجة كان الاقتصاد التركي يترنح تحت وطاة المديونية والفساد وتهريب الاموال ، وفي الوقت الذي كانت بغداد نظيفة في شوارعها وعمرانها مستقرة في امنها ، كانت اسطنبول وانقرة ومناطق معروفة في جنوب شرق تركيا عاصفة بعدم الاستقرار ، نتيجة صراع الحكومة مع الاكراد والعلويين والارمن وتنافس الاحزاب القومية واليسارية والاسلامية على السلطة . اليوم وبعد عقود انقلبت الموازين ، فباتت اسطنبول ومناطق اخرى قبلة للسياح لجمال تخطيطها وارتفاع عمرانها ، واصبح الاقتصاد التركي يحتل مراتب متقدمة على الصعيد العالمي بفضل جودة الصناعة التركية ودقتها وحرفيتها ، وارتفع الدخل القومي حتى اصبحت تركيا من الدول المانحة ، وتم تصفير مشكلاتها الداخلية وعلى نحو اتيحت للاكراد والعلويين وغيرهم فرص مهمة للاندماج في الحياة العامة التركية بعيدا عن لغة التعصب والاقصاء السابقة . حينما تزور تركيا تجد ان هناك اعتزازا بالقومية التركية ونشوة في الانتماء الى الامة التركية التي تغيرت معالمها من هوية تقوم على غلبة العنصر التركي الى هوية تقوم على الاعتراف بهوية الشركاء الاخرين في الوطن فتجد الكردي والارمني والعربي يتحدث بلغته دون ملاحقة او تخويف ، ويفتخر التركي ان اغلب مامعروض في الاسواق هو بضاعة تركية اجتهد المخطط والعامل والتاجر التركي في اخراجها وتصديرها ، التقدم انعكس ايضا على مفردات الحياة الفنية والرياضية وايضا وعلى سلوك المواطن التركي الذي بات اكثر قبولا للاخر واكثر تسامحا وابتسامة في وجه الاخرين ، كل شي بات جميلا في بلاد ال عثمان التي نزعت الثوب الاوربي التي اريد لها ان تلبسه عنوة وخلعت العمامة العثمانية لتبدلها بطربوش تركي ، واتخذت طريق المزاوجة بين الثوب الاوربي والطربوش التركي سبيلا للوصول الى الحداثة والمدنية ، ولو شاهد كمال اتاتورك تركيا الحديثة اليوم لاسره ذلك في قبره ، ولو شاهد الملك فيصل الاول والثاني ونوري سعيد وفاضل الجمالي وعبد الكريم قاسم واحمد حسن البكر حال بغداد حيث التراجع الحضاري والفكري وسيادة منطق العنف والكراهية وانحسار مفهوم الدولة المدنية لصالح دولة العشيرة والطائفة والجهوية. لازدادوا غما على غم . مشاهدات العراقيين لواقع التقدم والحداثة في تركيا ومقارنته بين ما يجري لهم من تجهيل وتصغير قصة لن تنتهي وليست العبرة في المقارنة ولكن في استخلاص الدروس والعبر المستفادة املا في الاصلاح والتغيير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!