الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب ألا تستمر الحكمة:-أكلت كما أكل الثور الأبيض-

محمد هالي

2013 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


لعل الحكمة التي ستظل خالدة في ذهنية الإنسان العربي هي"أكلت كما أكل الثور الأبيض" و هي الآن تصدق على سوريا كما صدقت على أول ثور أكل و لازال يؤكل نتيجة تخاذل كل الثيران العربية أنذاك"(العراق). إن ما يحدث في سوريا من تدمير، و قتل، و إبادة جماعية، لهو أمر مخجل، و مقلق للغاية، يتحمل ثقله النظام السوري الذي لم يحسن التصرف في بداية المد الثوري الذي شمل المنطقة العربية ككل، كما تتحمل القوى الخارجية التي تدخلت إما للحفاظ على عروشها من الانهيار(الدول الخليجية، و تركيا) أو للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية،(كل الدول الإمبريالية بما فيها الكيان الصهيوني)، إن ثمن الحرية، ثمن باهض حقا، لكن أن يتحول مطلب الحرية إلى تراجع سنين إلى الوراء، هذا ما لا يقبله المنطق، و لا العقل، و هذا ما سعت إليه الرجعية العربية، من خلال تغذيتها لتيارات رجعية شوفنيبة من أجل أن تنقض على الحرية لتحولها إلى قيود، و ذلك من أجل الرجوع بنا إلى عصر الظلام الذي ولى، و انقضى .
و بغض النظر عن القوى التي خاضت النضال الأول من أجل بناء نظام يخدم شعب سوريا، و هي بذلك تسعى إلى التحرر من جبروت النظام السوري الحالي، فإن تدخل العوامل الخارجية ستسهم لا محالة في إجهاض كل ثورة تحررية من الاستبداد الرأسمالي، و من الديكتاتوريات العربية القائمة، حتى في الدول الأولى التي أشعلت فتيل الحرية الموعودة، إن الأمر هنا خطير جدا، و مدمر جدا لكل حرية، و لكل ديموقراطية، نتيجة تدخل قوى خارجية بقوة، لتحويل مسار الثورات في اتجاه يخدم قوى رجعية، و بورجوازية، و إمبريالية، في المنطقة العربية، بعيدا عن كل تحرر حقيقي يحسم مع مصالح الغرب الرأسمالي، و يحسم مع الأنظمة الإستبدادية، التي توظف الدين لصالح مالكي النفط ، و البشر معا، إن الخوف ينبع هنا من طبيعة الحرب، و الفوضى الخلاقة، التي تسعى إليها أعداء الحرية، بدل الحسم الثوري الذي يؤمم وسائل الانتاج لصالح الشعوب.
لقد أكل الثور الأبيض منذ سنوات (العراق) و تبعته ثيران أخرى( افغانستان، ليبيا، اليمن....) و ها هو الثور السوري مستهدف الآن، و قد تكون الثيران القادمة لبنان، ثم إيران، بغض النظر عن طبيعة الأنظمة القائمة، فالثورة يجب أن تكون ذات منبع داخلي، و أن تصحح مسار طريقها إن شابه اعوجاج كما يحدث الآن في تونس، و مصر، لكنها ثورة مستمرة تخوض حربها الضروس ضد قوى داخلية و خارجية، و أعتقد أن تونس هي الحلقة المتقدمة لحد الساعة من خلال القوى السياسية التي تخوض نضالا عسيرا ضد قوى ظلامية فاشية بزعامة النهضة، إنها تخوض صراعا تسعى من خلاله تصحح مسار الثورة الاولى. لكن ما يقع اليوم من هجوم إمبريالي و هجوم مالي خليجي من أحل إجهاض كل ثورة تحررية حقيقية، و تحويلها إلى ثورات في خدمة قوى فاشية، رجعية، لا تخرج عن المنحى الرأسمالي اقتصاديا، لهي معضلة كبرى ستعاني منها شعوبنا العربية طويلا في غياب قوى سياسية يسارية تسير بالشعوب العربية الى بر الأمان.
لتؤكد لنا سوريا من جديد الحكمة"اكلت كما أكل الثور الأبيض"، لكن هذا الثور الذي بدأ أكله بطرق مختلفة منذ مدة، و تسعى القوى المتربصة به إلى إلتهامه هذه الأيام، ربما سيحول الطبق إلى سم يزحف على الأخضر و اليابس، و سيكون المستفيد من هذا التدخل الخارجي بقية الانظمة العربية الاستبدادية التي تسعى بكل قوة الى ارهاب شعوبها من خلال النموذج السوري، و النظام اليمني من قبل و ربما حتى النظام المصري الحالي، و كل ما يمكن قوله في هذا المجال ان الثورة بدأت و ستستمر سنين و أكيد ستجرف معها كل نظام متعجرف مستبد، حتى و لو عرفت بعض الدول ثورات متتالية، و لعل هذا ما يحدث الآن في مصر، و تونس.
لقد سرقت الثورة العربية من الشعوب العربية لحد الآن، لكنها تعرف مخاضا عسيرا من أجل تثبيت أسسها الصحيحة، و لعل الشعوب تتعلم بتجاربها الخاصة، و ستعرف لا محالة من يخدمها، و من يخدم أعداءها، و قد بين ماو ذات يوم أثناء شرحه لمسألة التناقض، من خلال مثال البيضة، التي بين من خلالها، أن العامل الداخلي هو الحاسم في كل ثورة ، لهذا فمهما تكالبت القوى الخارجية من أجل إجهاض تحرر الشعوب، فإن الوعي بالحرية سيحل داخليا، و إن استغرق الأمر زمنا طويلا ، و تضحيات كبيرة في هذا المجال.
يبقى السؤال مطروحا دائما: هل الثور السوري سيلتهم بسهولة بمباركة الأنظمة العربية الحالية أم أن الحكمة ستنهار نتيجة تعجرف الثور بتدخل ثيران صديقة :جزب الله، ايران، روسيا... و ستتحول المنطقة نظرا لعمقها الاستراتيجي إلى حرب مدمرة لكل شعوب المنطقة ...؟ !!! سؤال ستجيب عنه لا محالة الأيام القادمة، و نتمنى بأن لا يتحول الأمر إلى الأسوأ و ذلك باستمرار تفاعل الحكمة"أكلت كما أكل الثور الأبيض" مع النطام السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المثلث يعرف ذلك
أمل مشرق ( 2013 / 8 / 31 - 17:32 )
مثلث سوريا حزب الله إيران يعرف هذه الحكمة ولن يترك سوريا تسقط. أي عدوان على سوريا سوف يدخل فيه حزب الله وإيران مباشرة
محاولة قابوس العميل الصغير الذي أرسله الأمريكان لابتزاز إيران بالنووي من اجل كسر هذا المثلث باءت بالفشل
محاولة ال ن غ ل بندر شراء موقف روسيا المساند لسوريا وابتزازها بالمال وبوقف إرهاب الشيشان باءت بالفشل
إذن المثلث العسكري بمساندة روسيا والصين بالدملوماسية في مجلس الأمن لن يلدغ هذه المرة مثلما لدغ في العراق وفي ليبيا
هذا ما يدل عليه مجرى الأحداث والمواقف حتى الآن

اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني