الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظاهرة الزيتون

مصطفى مجدي الجمال

2013 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



اليوم الجمعة 30 أغسطس أسمته جماعة الإخوان جمعة الحسم. وبالفعل خرجت تظاهرات متوسطة الحجم في أحياء متفرقة من القاهرة تم اختيارها بعناية لتوزيع الضغط ونشر التأثير والإيحاء بالقوة.
وقد رأيت من المهم أن أتتبع إحدى هذه المظاهرات متابعة مباشرة حتى أستطيع الخروج باستنتاجات ذات قيمة. وهو ما فعلته مع مظاهرة حي الزيتون بشرق القاهرة حيث أسكن. وفيما يلي أهم الملاحظات مشفوعة بتعليقات سريعة:

(1) حجم التظاهرة حوالي عشرة آلاف متظاهر. وفي ظني أنها المظاهرة الأكبر التي ينظمها الإخوان في الحي. وقد اختلفت عما قبلها من مظاهرات في جمع سابقة في زيادة العنصرين الشبابي والنسائي.

(2) من الواضح جدًا حضور عناصر بالمئات من الألتراس (مشجعي الكرة) ومن حركات شبابية مثل 6 أبريل. ونحن بالطبع كمتظاهرين "مخضرمين" نستطيع اكتشاف هذا بسهولة من الهتافات واللافتات والرايات والطبول والحركات الرمزية. وقد ارتدى بعض هؤلاء الشباب تي شيرتات صفراء والبعض الآخر تي شيرتات سوداء.. عليها شعار اعتصام رابعة العدوية. وهو ما يعني أن ما تسمى حركة الميدان الثالث تصطف بوضوح إلى جانب الإخوان. كما أن تلك التنظيمات الشبابية (خاصة الكروية) شبه مغلقة ومع ذلك يمكن اختراقها واستمالتها بمغريات مختلفة. وقد لاحظت أيضًا أن هناك أعدادًا كبيرة من الشباب انضموا للتظاهرة غضبًا للدماء التي أريقت في فض اعتصام رابعة، فضلاً عن الإحباط العام المتزايد لأسباب شتى لعل أهمها خشية عودة الدولة البوليسية و"حكم العسكر".

(3) بالنسبة لمشاركة النساء فمن الواضح جدًا أن غالبيتهن العظمى من قريبات المتظاهرين أو من المرتبطات بالأعمال الخيرية والمساعدات التي تقدمها المساجد. وبالطبع لم يكن هناك اختلاط يذكر بين الجنسين في المظاهرة. ومعظم المتظاهرات من النساء الفقيرات، ورأيت بعيني توزيع بعض الأطعمة عليهن قرب انتهاء المظاهرة.

(4) الغالبية العظمى للمتظاهرين كانت للسلفيين والجماعة الإسلامية. ومن السهل التعرف عليهم من مجرد المظهر الخارجي. وهو ما يكشف حقيقة أن هناك توزيعًا موضوعيًا للأدوار التي يقوم بها التيار السلفي. وربما شارك بعضهم في الاحتجاج تحت شعارات مثل "انصر الإسلام" أو "محاربة العلمانية". ومع ذلك فقد لاحظت أنهم أول من غادر المظاهرة.

(5) كان من الواضح انقسام المظاهرة الكبيرة إلى جماعات فرعية مختلفة حرصت على عدم الامتزاج بينها. وكان لكل جماعة قادة يسهل اكتشافهم. ومن الملفت أن بعض القادة كانوا يركبون سيارات تسير وسط التظاهرة أو خلفها.

(6) كان تأمين المظاهرة يتم بمنتهى الجدية. فكان هناك عناصر لحمايتها من الأجناب والخلف، وتقدمتها دراجات نارية يقودها شباب يتضح من سماتهم وسلوكياتهم أنهم مستأجرون (بلطجية غالبًا).

(7) رغم ضخامة المظاهرة نسبيًا، إلا أنها تكشف عن حقيقة أن هذا الحجم هو أقصى ما تستطيعه الجماعة وحلفاؤها الآن في منطقة شرق القاهرة. وقد تيقنت شخصيًا أن الغالبية الساحقة من المتظاهرين لا يعرفون الشوارع التي يسيرون بها، خاصة بعد انتهاء المظاهرة وبحثهم عن سب للعودة إلى منازلهم. والعدد الذي سبق أن ذكرته لا يمثل شيئًا بالنسبة لحجم سكان هذا الإقليم. ولا شك أن رقم عشرة آلاف متظاهر يبدو كبيرًا جدًا لمن يعيش خارج مصر، لكنه قليل نسبيًا بالنسبة للقاهرة وأحجام المظاهرات التي عرفتها القاهرة منذ ثورة 25 يناير.

(8) يمكن القول إن المظاهرة هي مظاهرة "منظمة" من البداية للنهاية، فقد كان انضمام الجمهور التلقائي لها ضعيفًا جدًا. أي أنها كانت مثل الكتل الصماء ولم تكن إسفنجية القوام. وقد حرص غير المتعاطفين مع المظاهرة على إبداء مظاهر عدم المبالاة، وإن وقف الكثيرون على نواصي حارتهم وأمام محلاتهم وسياراتهم كي يقولوا "نحن هنا".. ولكن دون مشاكسات.

(9) انتهت المظاهرة فعليًا قبل حظر التجول بنصف ساعة، وبدا لي من حوارات سمعتها أن الهدف المحدد مسبقًا للمظاهرة لم يكن واضحًا للمشاركين العاديين فيها حتى أن البعض انفض عنها من تلقاء نفسه، ولم يرده القادة عن ذلك.

(10) لاحظت ندرة الصور والشعارات المرتبطة بشخص مرسي أو جماعة الإخوان، وهو ما يعني أن الجماعة أدركت دخولها في مرحلة أخرى غير تلك التي كانت إبان اعتصام رابعة العدوية. أغلب الشعارات ركزت على شخص السيسي ("السفاح")، والبكاء على "الشهداء"، والهجوم على الشرطة ("الداخلية بلطجية")، بالإضافة إلى هتاف "إسلامية.. إسلامية". وكان من الواضح أن الشعار الأخير مرتبط أكثر بالمتظاهرين السلفيين.

... في التقييم العام كشفت المظاهرة عن حدود القدرة الإخوانية على الحشد، لكنها تثبت في الوقت نفسه قدرتهم على الاستمرار واستقطاب "عناصر" جديدة".. ومن الممكن أن تتزايد هذه القدرة في المستقبل القريب إذا نجحت الجماعة في توريط الشرطة والجيش في مزيد من الدماء، أو تفجرت الأزمة الاقتصادية- الاجتماعية بشكل لا يمكن ترويضه، أو استمرت النخب والأحزاب السياسية الليبرالية واليسارية (إلى جانب القوى المجسوبة على نظام مبارك) على جمودها وأنشطتها الشكلية وتصارعها على قسمة المناصب والمقاعد.. خاصة مع اقتراب الموسم الانتخابي وحوارات الدستور.. ولم تستطع النخب تلك أن توفر حتى غطاءً سياسيًا لمواجهة الجيش للجماعات الإرهابية والسلفية والإخوان..

وفي الحقيقة أن هذه النخب والأحزاب لم تنجح حتى الآن في إرساء مراكز وقواعد قوية وسط الجمهور.. وهو ما يدفع الجمهور الثوري إلى التحرك بنفسه ليقيم روابط مباشرة بينه وبين الكاريزما والمؤسسة العسكرية التي تبدو أمامها كالأمل الأخير في مواجهة أخطار لم يسبق لمصر أن عرفتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وماذا عن الاسلحه الموجوده بالمظاهره
محمد صلاح سالم ( 2013 / 8 / 31 - 18:14 )
لماذا لم يحدثنا الكاتب عن الاسلحه الموجوده بالمظاهره والتي يطلقها الاخوان علي
الاهالي او المواطنين الشرفاء كما يروج اعلام الانقلاب
الذي دفع به السيسي لانجاز مهمه صناعه الخوف التي تمكنه من احكام قبضته غلي المجتمع والدوله
وسوف تدور الدائره وقد اوشك السيسي بعدما مارس من قتل واعتقال وتلفيق قضايا علي شل حركه الجماعه
سوف تدور الدائره علي شباب الثوره وعلي قدامي اليساريين والليبراليين الذين عميت بصيرتهم وتواطاوا علي انتهاك المبادئ التي قامت لاجلها ثوره يناير وعلي راسها دوله القانون واحترام الكرامه الانسانيه وحق البشر في الحياه اولا وخرجوا لتفويض
الجنرال لارتكاب المذابح ضد خصومهم السياسيين ولم يكذب الرجل خبرا
وان اجلا او عاجلا سوف يستخدم الرجل التفويض لانتهاك حقوقهم واعراضهم ولن يجدوا يومها من يبكي عليهم كما الاخوان الان لانهم سقطوا اخلاقيا كما سبق وسقط الاخوان يوم تواطاوا مع العسكر


2 - التعليق المحذوف وديمقراطيه انصار الانقلاب
محمد صلاح سالم ( 2013 / 9 / 1 - 06:29 )
جاء حذف التعليق الذي نشرناه بعنوان وماذا عن الاسلحه الموجوده بالمظاهره
جاء كاشفا عن الروح الفاشيه التي يتسم بها انصار الانقلاب بعدما ملاوا الدنيا صخبا حول الفاشيه الدينيه
والمقال جاء بمثابه ذله لسان كاشفه عن زيف ما تم ترويجه حول موجه ارهابيه اخوانيه سوداء تاكل الاخضر واليابس كمقدمه لتدشين البطل القومي والمنقذ من الارهاب الفريق السيسي قائد سلخانه المتحف المصري وكشوف العذريه
لقد وصل البؤس الفكري ببعضهم حدا مرعبا جعله يقف في انتظار جودو في لباسه الكاكي الكئيب بعدما لحسوا تماما كلامهم حول الشعب قائد التغيير الثوري والطبقه العامله ووو لقد كشفت الاحداث عن شخصيات انفعاليه سرعان ماتتخلي عن عقلانيتها
وعلميتها في اول منعطف
اين تلك المليشيات المسلحه التابعه للجماعه الارهابيه ولماذا لاتظهر في مظاهره كبيره
علي الاقل لحمايتها ولماذا اختفت وقت القبض علي المرشد او علي (راس الارهاب)
البلتاجي ولم تطلق رصاصه واحده علي الشرطه
ان من يروجون لاكذوبه الجماعه الارهابيه يفرشون الارض بالورود امام المنقذ من الارهاب والزعيم القومي الجديد عبد الفتاح السيسي
لقد تنكروا للاهداف التي قامت لاجلها ثوره يناير

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ