الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لجنة حقوقية أم حزب سياسي؟

دارا كيلو

2005 / 5 / 18
حقوق الانسان



في البداية أعتذر من الأخوة الحقوقيين والقانونيين, إذا وردت أخطاء قد تدل على عدم تخصصي في المجال, لكن ما أكتبه هو انطباعات غير متخصصة ترمي لإثارة موضوع هام, يتعلق بالخلط في المصطلحات ومدلولاته والممارسات اللاحقة, بشكل مقصود أو غير مقصود, وفي مجال حساس كحقوق الإنسان, مما يسيء إلى العمل في هذا المجال وإلى من يقومون بالعمل, وفي النتيجة تكون الثمار ضعيفة أو لا ثمار.
ما أود إيراده هنا هو بعض الملاحظات أو الانطباعات التي تبادرت إلى ذهني لدى قراءتي برنامج اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (MAF)*, وهي ملاحظات ترمي إلى تحسين عمل اللجنة والاستفادة منه أكبر استفادة منه, وأرجو أن يتسع صدر العاملين في تلك اللجنة لهذه الملاحظات, حيث أنني كنت أتمنى منذ فترة أن تكون هناك لجنة كردية لحقوق الإنسان وقد سعدت جدا بظهور هذه اللجنة و أتابع أخبارها.
حسب علمي أن هناك فرق بين العمل السياسي الحزبي والعمل الحقوقي, في الشكل والمضمون والأهداف, رغم أن هناك بعض التقاطعات هنا وهناك, وكذلك لا ينفي هذا أنهما قد ينتميان للعمل السياسي بالمعنى الواسع . من أهم ما يميز العمل السياسي (بالمعنى الضيق) عن العمل في مجال حقوق الإنسان, حسب تصوري, هو أن العمل السياسي موضوعه حقوق ومصالح فئات محددة من البشر تتميز مصالحها وحقوقها بهذا الشكل أو ذا عن الآخرين, أما حقوق الإنسان فتخص البشر ككل, أي أن العمل في مجال حقوق الإنسان لا يحتمل التمييز بين البشر على أية أسس كانت, حيث أن هناك حقوقا أساسية متساوية لكل البشر.
المشكلة في سوريا هي أن الحالة هلامية كل شيء مختلط بكل شيء بسبب التخلف والشمولية والاستبداد, وهذا ينتج خلطا على مستوى المفاهيم وأشكال النشاط العام وغيرها. وهذا يمكن تلمسه في مجال منظمات حقوق الإنسان حيث نجد منظمات لحقوق الإنسان ذات لاحقة ذات طابع قومي(عربي) في اسمها, وعند قراءتك لأكثرية مطبوعات تلك المنظمات تجد لديها انحيازا لفئات سياسية معينة لا تجده لدى أكثر السياسيين تعصبا. ولابد من الإشارة أن من أسباب ذلك أن الكثير من السياسيين والأحزاب يعتقدون, أنهم يمكن أن يحققوا أهدافهم كسياسيين, تلك الأهداف التي لم يصلوا إليها من خلال الأحزاب, من خلال العمل في منظمات حقوق الإنسان . هذا الانحياز يجعل من المشروع التفكير بلجنة كردية للدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا, تركز في نشاطها على الجوانب التي لا تستطيع تغطيتها المنظمات الموجودة, في المجال الكردي بشكل خاص, وفي المجال السوري عموما.
المؤسف أن اللجنة الكردية لحقوق الإنسان كررت نفس خطأ المنظمات الموجودة, أي أنها تسمي الأمور في إطار حقوقي في العنوان وتضمنه أمورا أقرب لما يمكن أن يتضمنه برنامج حزب سياسي, بالطبع في الاتجاه الآخر الكردي. ففي المادة الأولى نجد أن (اسم المنظمة: هو لجنة حقوق الإنسان الكردي في سوريا ماف- المادة الأولى البند 1), وهذا الاسم ليس هو نفس الاسم الوارد في العنوان" اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا", رغم أنه أكثر انسجاما مع اطروحات اللجنة, ويوحي هذا الاسم أن اللجنة معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان الكردي حصرا, وهذا ملموس في أكثر من مكان في البرنامج, حيث يمكن أن نقتبس من البرنامج أن مهمة اللجنة هو ( الدفاع عن حقوق الإنسان الكردي بجوانبه المتعددة- المادة الأولى البند 2). والتساؤل إذا كانت اللجنة حقوقية فإنها يفترض أن تهتم بالحقوق بشكل عام وأن تركز على مجال معين, لا العكس. فمثلا إذا كان هناك شخص آشوري انتهكت حقوقه الأساسية في مدينة القامشلي(حتى ولو كان الفاعل كرديا) ألن تجد اللجنة نفسها معنية بالدفاع عنه, إذا فعلت ذلك فإن هذا يعني أنها معنية بحقوق الإنسان غير الكردي أيضا, أما إذا لم تفعل, انسجاما مع برنامجها, لن يكون لها علاقة من قريب أو بعيد بقضايا حقوق الإنسان. اعتقد أنه كان يفترض أن تشير اللجنة في برنامجها إلى أنها تدافع عن حقوق الإنسان بشكل عام, مع التركيز على حقوق الإنسان الكردي لظروفه الخاصة ولتقصير المنظمات الأخرى في هذا المجال. وما ورد في البرنامج من مهام تليق بحزب سياسي أكثر من منظمة حقوقية. النقطة الأخرى الملفتة للنظر في البرنامج والتي تدل أيضا أنه مكتوب بعقلية حزب سياسي هو ما ورد حول ماهية المنظمة : (هي منظمة سرية يتكون من اتحاد طوعي), لا أدري كيف يمكن لمنظمة في مجال حقوق الإنسان أن تكون سرية, إن طبيعة العمل الحقوقي وجوهره هو العلنية, ولا يمكن في السر إلا تدبير الانقلابات والمؤامرات, أما حقوق الإنسان فيفترض في المدافع عنها أن يكون معروفا ينتمي لمنظمة معروفة يجمع المعلومات و يتابع السلطات ويتوجه إليه من انتكهت حقوقه .....الخ, كيف يمكن القيام بذلك بمنظمة سرية؟!. المفارقة الملفتة للنظر هي أنه حتى الأحزاب السياسية ذات الطابع اللينيني تخلت عن السرية فكيف بمنظمة حقوقية حديثة, وهذا قد يدل على أن كتابة البرنامج تمت بعقلية سياسية لينينية تنتمي إلى مرحلة الحرب الباردة.
نرجو أن يتقبل الأخوة في لجنة maf هذه الانطباعات أو الملاحظات, وأن يتداركوها إن كانت صحيحة, وإذا كانوا يريدون العمل في السياسية, فليس هناك من عيب أبدا في العمل في حزب سياسي, أو إنشاء حزب مختلف إن لم تكن الأحزاب الموجودة مرضية.

* البرنامج منشور في موقع عفرين نت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س