الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية, اقتصاد التبديد و الفوضى

اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

2013 / 9 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

حتى وقت متأخر, احتدمت الأزمة العامة للرأسمالية بنمو سريع و هائل للقوى المنتجة و بتطور واسع للثورة العلمية التكنيكية, و دفع ذلك المراقب السطحي إلى أن ينسى التناقضات العميقة بأن يعتبرها مجرد (الم عابر) في النظام الرأسمالي, و لكن يمكننا أن نسأل أنفسنا, هل هذه الثورة العلمية التكنيكية تعطي حقا دفعة للتقدم البشري في ظل النظام الرأسمالي؟
ان القوى المنتجة لم تكن تنمو بهذه السرعة الخيالية الا في جزء صغير من العالم, وهي حتى الآن تتخطى إلى حد كبير البلدان الرأسمالية التابعة, التي تعيش فيها نسبة كبيرة من سكان العالم, و قد أضافت الى صعوبات هذه البلدان صعوبات جديدة بدلا من ان تساعدها في معالجة آثار تخلفها الاقتصادي (مثل الجوع, و التبعية الاقتصادية للبلدان الرأسمالية المتقدمة و المؤسسات المالية الدولية), ولا تزال الهوة تتسع بين البلدان المتطورة و المتخلفة, و مع ذلك نقلت الرأسمالية الاحتكارية المالية إلى دول الأطراف عدوى أمراضها مثل الجري وراء الرفاهية و الترف بين (النخبة الاجتماعية) و الحالة الاستهلاكية و تضخم البيروقراطية, و هكذا ادى نمو القوى المنتجة في مراكز العالم الرأسمالي الصناعية الى استقطاب أكثر وضوح, و أسفر هذا الأمر بالنسبة للبلدان الطرفية عن أزمات اقتصادية و سياسية حادة.
و لكن ذلك الجزء من العالم الرأسمالي, الذي تشمله الثورة العلمية التكنيكية غارق في أزمة يزداد عمقها بشكل متواصل, و تقوم الدول الامبريالية باحتكار البحوث العلمية من اجل تدعيم قوتها الاقتصادية و السياسية و العسكرية, و قد أصبحت البحوث هي الخادم الأول للاحتكار في سعيه إلى السيطرة على ما في داخل محفظة المستهلك من نقود, وتتلاعب البرجوازية الاحتكارية بالسوق و تسيطر عليه كليا, فالمصانع و الآلات تعتبر بالية قبل ان تصبح غير قابلة للاستخدام ماديا بوقت طويل, و أذواق المستهلك لا تتغير لسبب ذي علاقة بالحاجات المادية الإنسانية الحقيقية بقدر ما تتغير بسبب كونها رمزا (للمكانة الاجتماعية) بشكل متواصل حسب أهواء مصممي الأزياء و مسوقي البضائع!!
يبدد جهاز الإنتاج الرأسمالي المبني على التبديد الضخم كمية هائلة من الموارد الطبيعية و رأس المال و الطاقات البشرية دون ان يعبأ باستخدام المجتمع لهذه الإمكانيات بشكل مرشد, والعادة إنتاجها بشكل واسع في المدى البعيد, و يكون الربح هو الحافز لتطوير موارد الطاقة و المواد الخام لأنها سهلة الحصول عليها, بينما لا يحفز تطوير الثروة الطبيعية التي يصعب الحصول عليها, و يسفر هذا الوضع عن أزمات متلاحقة في الطاقة و المواد الخام, و يقدم النظريين البرجوازيين تنبؤات خيالية- و غير قائمة على أي أساس علمي- حول انهيار الحضارة, يعزى الى استنزاف الموارد الطبيعية.
يمثل تلوث البيئة جانب من الأزمة, فالمعالجة قصيرة النظر (بدون دراسة) للثروة الطبيعية ينطوي على خطر كبير, لقد خلقت البشرية جهاز هائل للإنتاج, و لهذا فان الحرص على البيئة يجب ان يصبح مجال مركزي للنشاط الاقتصادي, و هذا ما يصعب تحقيقه في النظام الرأسمالي, فلا يمكن ان نتوقع ان يكون لأي مؤسسة رأسمالية أي حوافز أخرى غير الجري المسعور خلف الأرباح.
الصناعة تلوث الأرض و الماء و الهواء, و الزراعة تتلف الغابات و تستنزف التربة, و إلحاح رأس المال الاحتكاري على استغلال التقدم التكنيكي كمصدر للربح الخيالي يخلق خطر جعل كوكبنا غير صالح للحياة في يوم من الأيام.
تكتمل الدائرة في نهاية المطاف, و ذلك بتبديد جزء كبير من الوقت, و على نحو زائد باستمرار في الإنتاج الضائع, و يستمر النهب للمعادن و التربة و الماء, و بذلك يعمل المسعى العلمي ان يكون عامل مساعد للبذخ الضخم.
يجب ان نخلص الى القول, بأن تنظيم العمليات الاقتصادية على أسس رأسمالية, على أسس الدولة الاحتكارية, مع تقدم عملية إضفاء الطابع الاجتماعي على الانتاج, و التقدم العلمي التكنيكي, يصبح خطير بشكل متزايد بالنسبة للعالم أجمع.
في القرن التاسع عشر, في ظروف التكنولوجيا البدائية نسبيا, كان رأس المال المعرض للخطر لا يزال متواضعا نوعا ما, وكانت عواقب القرارات الخاطئة لا تزال محصورة في مالك رأس المال, و كانت القوة البشرية تقف في مركز التبديد, فظهر جيش من العاطلين عن العمل, و هذا تبديد واضح للقوة المنتجة الأساسية, بيد ان رأس المال امسك بهذا العامل وجعله يتحمل عواقب النقص في التنظيم و الأخطاء التي يعاني منها رأس المال نفسه.
يتجه المدى القديم لدورات إعادة الإنتاج الى التغير في المجتمع الرأسمالي المتطور ذو البنية الاحتكارية و المالية, فالرأسمالية المكيفة بطبيعتها للنمو الواسع بذلت قصارى جهدها للحفاظ على شكل وجودها هذا الذي يلائمها بالشكل الأفضل, وقد مهد التطور التكنيكي و الهائل الطريق للتطور التدريجي لأنظمة الماكينات المعقدة و الدقيقة, و لتحويل جذري في صناعة الطاقة و المواد الأولية و النقل الخ, وأصبح الانتاج الصناعي في البلدان الرأسمالية الكبرى ذات طابع اجتماعي بامتياز, إلى درجة تستلزم تنظيما ذو صفة (اجتماعية) تنسجم مع المصلحة (العامة), ولكن البنية الرأسمالية نفسها ليست ملائمة للتنظيم الذي يعرقله التناقض الأساسي للنظام الرأسمالي (بين الطابع الاجتماعي للإنتاج و الشكل الرأسمالي الخاص للتملك وسائل الانتاج), وتعرقله علاقات الانتاج القائمة واختلال النسب داخل جهاز الانتاج القائم على حافز الربح و التطور التلقائي, و لكن رأس المال الخاص رفض الاستسلام, بل استمر بالتوسع عالميا, بحيث ان الحدود الوطنية لا تمثل بالنسبة له أي عائق, و عندما لم تكن تتوفر له منطقة حرة, كان يحاول مضاعفة طاقته لجني الربح على حساب الرأسماليين الآخرين, بالحروب و الأزمات الاقتصادية, و أصبح كل هذا مدمر للغاية.
اذا افترضنا ان التغيرات العنيفة المتنبأ بها, بالنسبة لجميع المؤشرات الاقتصادية, يمكن تفاديها عن طريق الجهود المنظمة لجميع البلدان, فان النظرة الواقعية الوحيدة هي تغيير البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الإنساني بشكل جذري, فلن ينتهي الاستقطاب و التبديد والفوضى إلا بإعادة تنظيم المجتمع على أسس علمية, و تغيير النظام الاقتصادي الاجتماعي القائم.
ان النظام الاقتصادي الاشتراكي, يقضي على البطالة, و يوزع القوة البشرية بشكل مخطط له و بعيد المدى, و يربط تشكيل و تحسين قوة العمل بالتزامن مع بناء الاشتراكية الطرد, وتحد اجرائات تطوير واستخدام الثروة الطبيعية بناءاً على التخطيط بعيد المدى, ويقضي تلوث البيئة.
ان الملكية العامة لوسائل الانتاج, المقرونة بالتخطيط الاقتصادي, تمكن المجتمع الاشتراكي المنظم بشكل واعي من التغلب على كل الأخطار, ومن خلال كل تلك الآليات التي تقوم بها الاشتراكية, يتم القضاء نهائيا على تبديد و استنزاف القوى المنتجة و الثروات الطبيعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في


.. إسبانيا: آلاف المتظاهرين ينزلون إلى شوارع مدريد للدفاع عن ال




.. لماذا تتبع دول قانون السير على اليمين وأخرى على اليسار؟ | عا


.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا




.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ