الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول دعم أوربا للإخوان المسلمين .

صالح حمّاية

2013 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قد يتساءل البعض عن السبب الذي يدفع أوربا (عدى بريطانيا) 1 لدعم الإخوان المسلمين خاصة ، في ظل التنافر (الظاهري على الأقل) بينهما ، فأوربا ديمقراطية علمانية ، و الأخوان تنظيم ديني شمولي ؛ و ربما يذهب البعض في هذا الإطار إلى تبرير هذا بنظرية المؤامرة أو ما شابه ..كالنظريات الرائجة الآن و التي تقول أن الغرب يدعم الأصولية لضرب مجتمعاتنا لدواعي شخصية أو لأنه يضمر أجندة خفية ، لكن الحقيقة أنه و بهذا الخصوص فيمكن القول أن الأمر لا يحتاج كل هذا التعقيد للإجابة عنه فالمسألة شديدة البساطة ، و قد تكون لبساطته "مضحكة".

الأمر كله في الواقع أن أوربا وبعد أن احتضنت أعداد كبيرة من المسلمين في القرن الفارط قد وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع كم هائل من البشر ، و هؤلاء البشر للأسف لم يمنحونها الفرصة لهذا .. فهم استعصوا عن الإدماج عدى كونهم باتوا يمثلون مصدر تهديد بالإرهاب لها ، .. من هنا فقد اضطرت أوربا لللجوء إلى أطراف أخرى لحل المسألة كالإخوان المسلمين ، و الإخوان هنا وليس غيرهم لأن الإخوان طرحوا أنفسهم كطرف يمكن له السيطرة على المسلمين ، و تحديدا ليبعدوهم عن التطرف الموجه نحو الدول الأوربية ، و قد بدا هذا الأمر مقنعا لأوربا لأن الإخوان في تلك الفترة كانوا يظهرون على أنهم الفصيل الأقل تطرفا و الأكثر شعبية 2 الذي يمكن المراهنة عليه في شرق أوسط غارق في الأصولية ، وعليه فقد سارت أوربا في الصفقة بحيث ضمنت أمنها من خطر الإرهاب مقابل دعمها للإخوان المسلمين للوصول للحكم في بلدانهم 3 .

في الواقع أوربا حين دعمت الإخوان فقد كان الأمر بريئا تماما ، وقد تم غالبا في إطار محاولة لإيجاد مخرج لازمة الإرهاب المتفاقمة 4 و هنا و مهما كانت نتائج هذا الأمر كارثية فأنه لا يمكن لوم أوربا على هذا ، ولا تحميلها كل المسؤولية 5 .

عموما هذه كل القصة بين أوربا و الأخوان ، وكما يظهر فهي لا تحمل أي مؤامرات و لا أجندات شيطانية 6 ، بل هي ظروف وصدف تراجيدية مرة وكوميدية مرات أخرى هي ما أدى إلى هذا الأمر ، وفي النهاية يبقى أن نقول أن الإخوان هم في النهاية نتاج المسلمين ، ما يعني أنهم المسئولون الأول والرئيس على تصرفاتهم التي نرى الآن ، أما الغرب فهو حتى وإن كان شجع ، أو دعم هذا الفصيل الإرهابي فهو في النهاية عارض طارئ لا أكثر لأن الأصل هو في المسلمين الذين أعطوا لهذا المسخ حجمه وتأثيره .
_____________________________________________

1 الاستثناء البريطاني يأتي لان بريطانيا في الواقع تبث تورطها في توظيف الأصولية لضرب النظم الوطنية المعادية لها في كثير من المرات ، وهذا أمر لا يمكن نفيه في الحقيقة فأحداث كثيرة تدل على هذا وليس اقلها لعبت بريطانيا القذرة للإطاحة بالملك الأفغاني "أمان الله خان" ، حين استغلت الأصولية الدينية لإشعال ثورة ملونة للإطاحة به .

2 يجذر القول هنا أنه لم يكن لأوربا إلا أن تقبل هذا الخيار ، فهي لا شك كانت ستعلي من مصالحها على مصالح الآخرين في النهاية ثم هي لم تكن لتعارض رغبة شعوب يبدو أنها تريد الحكم الإسلامي .
لقد تميزت فترة بداية العلاقة الأوربية الإخوانية ببروز ظاهر و فاحش للتدين (و إن على المستوى الشكلي )، وهو الأمر الذي فهم في أوربا بكونه موجة من التأييد للقوى الدينية ، الأمر الأخر أن الأنظمة الحاكمة نفسها قد دعمت الأمر بترويجها لفزاعة الإرهاب ، بل وبدعمها له في كثير من الأحيان لحماية حكمها ، وهو ما جعل في النهاية أوربا عموما ترى في الإخوان بديلا ممكنا .

3 في الواقع لا يمكن لوم أوربا على خيارها الأناني هذا لأنها في الحقيقة حاولت تمدين المسلمين لدمجهم كمواطنين مرات كثيرة ، لكن المسلمين (عموما) رفضوا هذا الدمج ، لهذا فأن تختار أوربا هذا الخيار ، فهذا حقها المفهوم ، الأمر الأخر أن أوربا في الواقع لم تفعل أي شيء إذا جئنا للأنصاف ، فكل الأمر انها ردت تطرف المسلمين إليهم ، ما يعني أن المسلمين هم المسئولون عن التطرف الصادر عنهم ، وليس هي .

4 لا نسنا هنا التنظير الأمريكي الذي زعم أن الحل للإرهاب الإسلامي يكمن في تمكين الإسلاميين من السلطة وهو أحد ابرز الدوافع لدعم أوربا للإخوان ، الأمر الأخر أن الخطاب الكاذب الذي روجه الإخوان بان أنهم مع الديمقراطية ومع الحريات هو ما جعل الأوربيين يتقبلون دخول الإخوان للعبة السياسية ، خاصة أنهم أثبتوا هذا جزئيا في تقليلهم لخطاب التعصب المعادي لأوربا الذي كان يملئ المساجد .

5 واقع الحال أن الإخوان نتاج عبث المسلمين وحدهم، فالمسلمون هم من صوتوا للإخوان وهم من أوصلوهم للسلطة ، لهذا فالوزر الأكبر لجرائم الإخوان يقع على المسلمين أنفسهم لا طرف أخر غيرهم مهما ما كان حجم تورطه .

6 إذا كان هناك من أجندات للدعم الغربي للإخوان فغالبا هي أجندات بريطانية أمريكية ، وليس أوربية لأن هاتين الدولتين تنفردان وحدهما بالخطط الشريرة وبالعبث بالشرق الأوسط على الأقل في القرنين السابقين .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتيل وجرحى في انهيار مبنى بمدينة إسطنبول التركية


.. مبادرة شابة فلسطينية لتعليم أطفال غزة في مدرسة متنقلة




.. ماذا بعد وصول مسيرات حزب الله إلى نهاريا في إسرائيل؟


.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل




.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان