الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاقبة النظام السوري

فؤاد حمه خورشيد

2013 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


معاقبة النظام السوري
د. فؤاد حمه خورشيد


المعنيون بالشأن السوري يعلمون ان محاسبة النظام السوري على إجراءاته القمعية من قبل المجتمع الدولي قد تأخرت كثيرا مقارنة بما حدث لنظام ألقذافي. وهذا التأخير، شئنا أم أبينا،شجع النظام على الإيغال في جرائمه وزيادة تفننه في قمع شعبه وتخريب بلاده لتوهمه بان أحدا من القوى الدولية لا يقدر على ثنيه عن أفعاله أو ردعه ، مادامت أمامه هناك في مجلس الأمن روسيا والصين، ووراءه ايران وحزب الله وأمثالهم, ويمسك بيديه بفتوى السيادة المطلقة على دولته بموجب الميثاق الا ممي ! الولايات المتحدة الأمريكية الآن ، كي تحافظ على الوضع الا ممي، بحاجة الى خلق بيئة جيوبولتيكية دولية تسهل عليها تنفيذ عملية التدخل في سوريا ، رغم الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن، بالضربة الوقائية المحدودة وتمنحها المبررات اللازمة، وهذا جانب من جوانب التأخير والإطالة. فدول الاتحاد الأوربي لم تعد في المسألة السورية مثل السابق في توددها للسياسة الأمريكية مثلما كانت في كوسوفو وأفغانستان والعراق، ففي الحالة السورية لم يبق لها من وليف سوى فرنسا، لان بريطانيا انقلب موقفها بسبب معارضة مجلس العموم البريطاني لموضوع التدخل العسكري هذا، وأنهاه. والولايات المتحدة ، كقوة عظمى ، قادرة على تنفيذ مثل هذه الضربة ، لكنها جيوبولتيكيا تحتاج الى جهود غيرها من القوى لإسنادها وتعزيز قدراتها دوليا ، ولوجستيا عبر أجواء ومن قواعد أرضية متعددة ، فالقوة ،أي قوة دولة ، تكون على أوجها على ارض وطنها الأم ، لكن هذه القوة تضعف كلما بعدت المسافة بين الوطن والهدف المنشود الصراع معه او ضربه، وهي حالة القوات الأمريكية في البحر المتوسط وسوريا ، فمهما كانت قدرات الولايات المتحدة هناك، فهي لا تزال بحاجة الى القواعد العسكرية واللوجستية في تركيا والخليج وقبرص واليونان وجنوب ايطاليا، وان تطلب الأمر، إسرائيل أيضا.

صحيح ان الفترة الزمنية قد طالت لهذه المحاسبة من المجتمع الدولي، ورافقتها حالات ومواقف ومفاجآت شتى محلية وإقليمية ودولية، لكن لو نظرنا للموضوع من الناحية الجيوبولتيكية لوجدنا ان كل هذا الانتظار له ما يبرره مادام مجلس الأمن لم يتفق على حل رادع ينهي الصراع في سوريا ويحسن الوضع هناك ، وهذا تطلب من الدبلوماسية الدولية وبخاصة الأمريكية ان تسعى لخلق بيئة جيوبولتيكية دولية تبرر مثل هذا العمل الحسابي والعقابي الخارجي ضد النظام السوري.
المستعجلون، يدفعهم هول الكارثة التي شرع بها الأسد ضد شعبه ، فحتى الآن هناك اكثر من 120 ألف شهيد من المواطنين ، وارتكب النظام اكثر من 14 عملية هجومية بالسلاح الكيمياوي ضد المدنيين العزل والأحياء السكنية، فضلا عن تدميره لأحياء ومدن بأكملها في اغلب الحواضر السورية، لكن أصحاب الشأن من القوى الخارجية الدولية لا ينظرون لتنفيذ إستراتيجياتهم من هذا المنظار وحسب ، بل ومن منظار مصالحهم وسمعتهم الدوليتين معا لان هناك الكثير من العقد والمعوقات والمفاجآت تواجه مثل هذه القرارات الخاصة بالتدخل في شئون الدول الأخرى في العلاقات الدولية، وخاصة في حالات التدخل العسكري .
والموضوع برمته لا يخلو من سيناريو المفاجآت الجيوبولتيكية، فبعد ان توقع معظم الخبراء الإستراتيجيون وقوع الضربة فجر الثلاثاء3/9 /2013 ، فاجأ الرئيس الأمريكي العالم كله بأنه اتخذ القرار للتدخل وضرب سوريا ، لكنه يريد عرضه على الكونكرس الذي كان في إجازة ، وهكذا اجل النظر في طلبه الى موعد أقصاه 9/9/2013 ، وهو تأجيل لم يكن متوقعا.ومع ان التوقعات تشير الى احتمال عدم معارضة الكونكرس لقرار الرئيس الأمريكي اوباما لشن ضربة عقابية جوية محدودة ضد نظام الأسد، من دون تدخل ارضي مباشر ، فان ذلك يعني ان الضربة ستنفذ لا محال لشل كل القدرات القتالية لجيش الأسد، الصاروخية، والطيران ،وقواعد السيطرة والرادارات ، وتفكيك منظوماته الأمنية والاستخباراتية ، والحرس الجمهوري والقوات الخاصة والشبيحة، لتسهيل عملية سيطرة (الجيش الحر) على زمام الامور في البلد .
يتوقع بعض المحللين ، في حالة تنفيذ هذا السيناريو، من احتمال التدخل الإيراني كطرف في المعادلة عند التنفيذ لدعم النظام السوري الحليف، الا ان حدوث مثل هذا التدخل الإيراني يبدو ضئيلا ، او مجازفة كبرى من النظام الإيراني ، رغم إنها تهدد علنا بضرب إسرائيل والمصالح الأمريكية في الخليج بالصواريخ التي تملكها ، لكن ذلك سوف لن يحدث، لان من شان مثل هذا التدخل الإيراني ان يمنح الضوء الأخضر لإسرائيل بان تشن هجومها العارم على ايران لتحطيم مفاعلاتها النووية وقواعدها الصاروخية والصناعية.
أما إذا حدثت المفاجأة الجيوبولتيكية الأخرى ،وهي عدم موافقة الكونكرس على شن الضربة، أسوة بما فعله مجلس العموم البريطاني ، فان الأمر سيتطلب أمرين : أما ان ينفذ الرئيس الأمريكي قراره بنفسه ويتحمل تبعاته ، او ان النظام الدولي ومنظمته سيشهدان مرحلة مخاض جديدة تحتاج الى عمليات تصحيح وتجديد معقدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟