الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذيان الخليفة أوردوغان

مجدى خليل

2013 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هذيان الخليفة أوردوغان
بعد اصابته بمرض السرطان يحلم برؤية دولة الخلافة الاخوانية قبل رحيله
مجدى خليل
عندما كان رجب طيب أوردوغان محافظا لاستنبول القى خطبة نارية بين حشد من اتباعه قال فيها " الديموقراطية ليست إلا قطارا نركبه فقط حتى نصل لهدفنا. المساجد هى ثكناتنا العسكرية والمآذن هى رماحنا والقباب هى خوذاتنا"، تسببت هذه الكلمات فى سجنه فأدرك حدوده فى دولة علمانية واستوعب الدرس، خاصة وقد رأى ما حدث وقتها من المؤسسة العسكرية القوية لحزب السعادة ثم الفضيلة بزعامة رئيس الوزراء الإسلامى اربكان. قرر أوردوغان، كما يفعل كثير من الإسلاميين حاليا، تدمير العلمانية بالظهور بقبول العلمانية، وتقويض الديموقراطية من خلال المشاركة فى العملية الديموقراطية. ورغم نجاحه واستقرار حكمه بعد أن روض مؤسسات الدولة التركية لصالح حزبه،إلا أن حلم أوردوغان الاكبر الذى يسيطر على نومه ويقظته، هو أن يصير خليفة للمسلمين أو أى شكل آخر لا يخرج عن مضمون هذه الخلافة ولكن تحت عباءة الاخوان هذه المرة وليست العباءة العثمانية،خاصة وأن أوردوغان فى عجلة من أمره بعد اصابته بمرض السرطان متمنيا رؤية حلمه يتحقق قبل رحيله.
استعان أوردوغان بصديقه الأكاديمى الاخوانى أحمد داوود أوغلو ليقدم له خريطة طريق للوصول لهذه الخلافة، ومن خلال دراسة سلوك أوردوغان وحزبه يمكن تلخيص هذه الخطة فى عدة أمور:_
الأمر الأول هو سياسة تصفير المشاكل مع الجيران كما اقترحها أحمد داوود أوغلو، وفلسفتها أنه لكى تحقق حلمك فى الهيمنة على هذه المنطقة فلابد من أن تكون مقبولا وتحوذ ثقة الجيران وتنهى أى مشاكل بين تركيا وبينهم،أى تجعل المشاكل صفرية. وبالفعل تحرك أوردوغان كما لو كان حمامة سلام تسعى للتعاون الإيجابى مع كافة الجيران.
الأمر الثانى هو أن تقدم نفسك للغرب، وخاصة بعد 11 سبتمبر 2001، على أنك تملك خلطة سحرية لتحويل الإسلام الحربى إلى إسلام ديموقراطى، وهذه الخلطة تقدم للغرب على أنها كفيلة بجذب واحتواء تيارات الإسلام السياسى والجهادى تحت زعامة الاخوان إلى حضن العملية الديموقراطية السلمية. وقد انبهرت الولايات المتحدة التواقة لإحتواء هذا التيار من الطرح الأوردوغانى، حتى صار أوردوغان وحزبه هو مضرب المثل فى واشنطن يشار اليه على أنه حقق معجزة فشل فى تحقيقها المسلمون على مدى 1400 عاما.
الأمر الثالث هو تحقيق طفرة اقتصادية تجعلك ترسخ اقدامك فى الحكم ، بل وتساعدك على تفكيك هياكل الدولة القديمة لصالح النموذج الجديد بتشجيع ومساندة غربية.وقد اتجه لتحقيق هذه البالونة الاقتصادية عن طريق عاملين،الأول دعوة الغرب للأستثمار فى تركيا للمساعدة فى نجاح هذا النموذج، والثانى التوجه للدول الإسلامية ومحاولة توسيع حجم الصادرات التركية اليها بعد سياسة تصفير المشاكل معها، وجذب استثمارات إسلامية وعربية كذلك لتركيا.وبالفعل تحققت طفرة اقتصادية بالونية وليست حقيقية، ولكنها على كل الاحوال جعلته يرسخ اقدامه بشدة فى تركيا.
الأمر الرابع الافصاح عن سياسات الهيمنة والاخونة من خلال مشاركة أمريكا والغرب فى خطة حكم الإسلاميين للمنطقة، وخاصة الاخوان المسلمين، ومن ثم التخطيط لتحقيق حلمه وهوسه فى أن يكون خليفة للمسلمين.
ولكن عصبية أوردغان وعنجهيته وتعجله فى تحقيق حلمه جعلته ينكشف رويدا رويدا.
بدأت اول خطوات الإنكشاف الصدام مع إسرائيل بعد أن اصبح يتحدث كالطاووس مقدما نفسه للعرب على أنه الفارس القادم من أعماق التاريخ لتحرير فلسطين،ولكنه تلقى درسا دمويا من إسرائيل جعله يدرك حجمه فى هذا الملف الشائك ويعرف الخطوط الدولية الحمراء.
جاءت الخطوة الثانية فى ميدان تقسيم حيث تحالف مع رجال أعمال فاسدين ومنهم زوج أبنته صاحب شركة المقاولات التى تمتلك المشروع،وكان الانفجار الشعبى ضده حتى أنه كأخوانى مغرم بالمؤامرة تخيل أن هناك مؤامرة دولية لإسقاطه، وهذا الصدام مع شعبه اظهر للعالم كله وجهه الديكتاتورى القبيح، حتى أن تركيا حاليا بها أعلى معدلات لحبس الصحفيين فى العالم كله.
ولكن انكشافه الأكبر جاء مع ما يسمى بالربيع العربى أو بالتسمية الصحيحة الربيع الاخوانى،فقد كان أوردوغان أحد القوى الدولية المتحالفة لضرب ليبيا، وبعد سقوطها وسقوط تونس فى يد الإسلاميين وسقوط مصر كذلك بأيديهم سارع بزيارة هذه الدول كفاعل رئيسى فى الاحداث وكداعم لحكم الاخوان، وغمرها بالعديد من رجال مخابراته، وارتفعت أحلامه إلى عنان السماء، حتى ولو تظاهر بعكس ذلك فى القاهرة معاتبا أخوان مصر بالتسرع بإعلان حلم الخلافة قبل أن تستوى المنطقة. ولكن جن جنون أوردغان عندما تعثر مشروع تمكين الاخوان فى سوريا، وحول حدوده مع سوريا إلى مسرح لجذب عتاة الإرهابيين من العالم كله وتسليحهم وتمويلهم لاسقاط نظام بشار. أما بعد سقوط الاخوان فى مصر فقط اصيب بما يشبه اللوثة من جراء ضياع حلمه فراح يهرتل ويهزى ويحرض ويوزع الاتهامات فى كل اتجاه.
لقد تشكك العرب من البداية فى توجهات أوردوغان للتقارب معهم، وتحفظوا على دوره وطموحه فيما يسمى بالربيع العربى، خاصة بعد أن قال فى جلسة خاصة مع رئيس عربى العام الماضى أثناء انعقاد نادى دافوس أن الديموقراطية الغربية هى بمثابة محطة اتوبيس أما محطته النهائية فهى الخلافة الإسلامية، واكتشفوا تماما وجهه القبيح بعد سلوكه تجاه ثورة 30 يونيه فى مصر.
لقد كان لسان حال العرب منذ البداية يقول لأوردوغان: نقبلك كشريك تجارى فى عالم متداخل ولكن نرفض أى محاولة لإعادة بعث التاريخ العثمانى القبيح ، ونرفض عودة الخلافة التى ساهمنا فى اسقاطها. نقبلك كتركى ولا نقبلك كاخوانى. نعترف بك كقوة اقليمية ولكن نرفض أن تكون قوة مهيمنة. نتشكك فى دورك كوكيل للغرب تساهم فى إعادة تشكيل المنطقة باعتبارها رجل العالم المريض.
لقد سقط النموذج الأوردوغانى اقليميا ودوليا وعلى المستوى السياسى والدينى وقريبا ستنفجر بالونته الأقتصادية ليسقط داخليا كذلك حتى يظهر وجهه الاخوانى العثمانى القبيح كشخص يريد تحقيق أحلامه ولو كان ذلك على جثث شعوب المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كوردستان الجنوبية والاقتصاد التركي
Koordek AJY ( 2013 / 9 / 2 - 22:31 )
استاذ مجدي خليل
شكرا لهذا الوصف الدقيق لهذا الرجل المريض ذهنيا قبل كل شئ. لا اعرف ان كانت هناك دراسات بصدد الاقتصاد التركي قبل وبعد حرب الخليج 1991، لانه منذ ذلك الوقت ولحد الآن كوردستان الجنوبية تتمتع بشبه استقلال وتركيا كدولة جارة هي المستفيدة الاولى حيث موقعها الجغرافي يسمح لها بفرض بضائعها الفاسدة وبذلك اقتصادها يزدهر والا في اوروبا او امريكا من يبحث عن بضاعة مكتوب عليها تحياتي Made in Turkey

اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و