الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والثيوقراطية

محمد ثامر

2013 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية والبيروقراطية والثيوقراطية والليبرالية


أولا – الديمقراطية و البيروقراطية.

صيغ مصطلح البيروقراطية أولا في بدايات القرن التاسع عشر مشيرا إلى نوع من الإدارة التي تتكون من سلطة متسلسلة من الأقسام لكل منها تخصص وظيفي معين ومكتظة بالمسئولين غير المنتخبين الذين يتبعون إجراءات محددة وأحيانا معقدة . ولقد كان هذا المصطلح قليل الشأن حتى صدر كتاب ماكس ويبر الذي حفل بالمزيد من الوصف لهذا المصطلح . وهو مفهوم له مغزى كبير في سياق العولمة للمدى الذي تعمل فيه الديمقراطيات الغربية بواسطة نوع ما من الأنظمة البيروقراطية . ويعد النقد الأساسي للبيروقراطية أن هؤلاء المسئولين غالبا ما يتمتعون بمراكز قوة دائمة وهم غير منتخبين . كذلك تكون هذه المناصب تؤول إليهم بدون انتخاب ، ومع تزايد نقل الاستعانة بالمصادر الخارجية . يحتمل أن تصغر في الحجم بالرغم من أنه لا توجد هناك سلطة أقل لهذا . وبالإضافة إلى أنه كلما تشكل الحكومات نفسها على نمط الشركات يحتمل أن تتجه البيروقراطيات ليكون أداؤها مثل الأعمال التجارية أكثر من الأداء الحكومي . وهذا يعد إقلاقا لهؤلاء الذين يقدرون ويحلمون بإقامة نموذج (دولة الرفاهية ) .

ثانيا – الديمقراطية و الليبرالية .

كلمة ( الليبرالية ) معنى مزدوج ، سياسي واقتصادي . فهي سياسيا تعني أن المؤسسات السياسية ترتكز إلى مبادئ الجوهرية التالية : سيادة شعبية ، انتخابات ، برلمانات ، استقلالية القضاء ، حريات عامة ، تعددية حزبية . بفضل هذه المبادئ ، ينعم المواطنون بهامش كبير جدا من الاستقلالية وبوسائل ضغط فعالة على الحكام ومؤسسات الحكم كافة وتستطيع أي من تلك المؤسسات أو السلطات الثلاث في الدولة المساس بهذه المرتكزات خصوصا ما يتعلق منها بالحرية الفردية التي تظهر هنا بشكل سام وتحاط بهالة من القدسية أما من الناحية الاقتصادية فمصطلح ( ليبرالي ) تعني ( رأسمالي ) . أدوات الإنتاج هي الملكية الخاصة للصناعيين ، التجار ، المستثمرين الزارعين ، الخ . كل فرد له حرية في إنشاء مؤسسة ، في إدارتها كما يحلو له ، في بيع وتسويق منتجاتها ، في إطار ( قوانين السوق ) ، أي المنافسة هذا يعني عمليا أن المواطنين وتنظيماتهم لا تملك وحدها السلطة السياسية : فهم يتقاسمونها مع مالكي الرساميل ، الأفراد وخاصة الشركات الصناعية التجارية والمالية الكبرى . هذا هو الوجه الآخر للعملة . النواب ، الوزراء ، رؤساء الحكومات ليسوا مجرد دمى متحركة بأيدي الرأسماليين ، كما تزعم ذلك بعض منتقدي هذا النظام بأنهم يستطيعون أن يستندوا إلى الناخبين لمقاومة ضغط القوى الاقتصادية :لكنه ضغط ثقيل ، لا سيما وأن بإمكانه التأثير على المواطنين ويجب الإقرار بأن القرارات السياسية تتخذ إطار متوازي الأضلاع ومكون من القوى الناتجة عن اختلاط هذه العوامل السلطة أي أن ترتكز في آن على الشعب . وأن عبارة ( ليبرالية ) أخذت معناها الحالي في القرن التاسع عشر ، حيث ازدهرت الأيديولجيا الليبرالية ، وتشكلت الأحزاب الليبرالية المعاصرة الكبرى ، وشيدت تدريجيا المؤسسات الليبرالية . وانتصرت الليبرالية مرة ثانية عام 1918 ، حيث ظهر انتصار الحلفاء وكأنه انتصارها مع أنه طبع بداية صعوباتها الحالية . غير أن الأيديولجية الليبرالية أقدم من ذلك . الإصلاح البروتستانتي لعب دورا أساسيا على هذا الصعيد ، مع إعلانه مبدأ الامتحان الحر وإنكاره سلطة البابا . ومنهج ديكارت الذي يرفض الأحكام ( المبادئ ) المسبقة ويخضع كل الأشياء لنقد المعرفة ، يذهب المذهب ذاته . الأيديوجيا الليبرالية تتأسس على هذه القواعد . نظريات الإنكليزي جون لوك في القرن السابع عشر ونظريات الفلاسفة الفرنسيين في القرن الثامن عشر تشكل دعامتها الأساسية . أما نتائجها السياسية فقد تم تطويرها في الثورتين الأمريكية والفرنسية ، وفي المجادلات التي أثارتاها .

ثالثا- الديمقراطية و الثيوقراطية : ـ

تقوم الثيوقراطية على أساس تاريخي يمتد إلى عصور ما قبل التاريخ حيث كان الإنسان القديم يعيش دون مستلزمات في الحياة الاعتيادية ، فمر بأدوار طويلة من حياته وعاش خلالها عيشة الحيوانات وتعامل مثلها سلبا مع الطبيعة في بداية حياته أي أنه ارتكز في معيشته واستمراره على الحياة على ما تجود به الطبيعة من طعام . وبتطوره المستمر بدأ يتعامل إيجابيا مع الطبيعة وخاصة بعدما اهتدى إلى العمل المنتج ومن خلاله صنع أدواته وآلاته . فبدأ تدريجيا بإنتاج طعامه بدل الاعتماد على ما يجد من خلال الالتقاط والصيد ، وفي تلك المراحل وقبل نزول الديانات السماوية التوحيدية ، وقبل تطور فروع العلوم المختلفة ، كان يتعذر على الإنسان إعطاء تفسير علمي للظواهر الطبيعية السائدة ( الليل والنهار ، الشمس والقمر ، المطر والجفاف . . . الخ ) ، ولذلك بدأت تظهر معتقدات مختلفة وأخذ الإنسان يخضع نفسه طوعا لقوى غامضة كعبادة هذه الظواهر ، كما بدأ يظهر بعض الأفراد بجلباب الكهنة الذين ينزلون المطر ويشفون المرضى مما منحهم قوة مسيطرة على الآخرين ، وسلم الأفراد بذلك . وأصبح هؤلاء الكهنة ممثلين لتلك القوى الخارجة والغامضة على الأرض ، وبذلك تمتعوا بسلطة مطلقة على الأفراد .
ولذلك نرى أن بعض المجتمعات قدست حكامها لاعتقادها بأنهم ليسوا من بني الأنس ، بل هم آلهة وفي بعض الأحيان من نسل الإله أو على الأقل يحملون صفات الإله . وهذه هي فترة تأليه الحكام أو كما يطلق عليها ( الطبيعة الإلهية للحكام ) . وفي هذه المرحلة لم تضف القدسية على الحكام أنفسهم فقط بل وعلى تصرفاتهم ، ونظر الأفراد إلى تصرفات الملوك بأنها معصومة من الخطأ والزلل ولذلك لا يحق لأحد مناقشتهم أو محاسبتهم عليها .
ثم تبعتها ونتيجة للعديد من العوامل التطورية مرحلة الحق الإلهي المباشر وهي مرحلة متقدمة ومتطورة بالنسبة للأولى رغم أنها تعطي نفس النتائج حيث اعتبر الحكام من بني البشر إلا أنهم كلفوا مباشرة من قبل الآلهة لحكم الباقين . وفي هذه المرحلة أيضا استمرت صفة القدسية على أعمال الحكام وتصرفاتهم ، لأن الله ( مصدر السلطة ) .
أي أن أصحاب هذا الاتجاه يصرون على أن إسناد السلطة في الدولة إلى معتقدات دينية بل أنهم يردون كل الظواهر الاجتماعية والسياسية والقانونية إلى الله فلدولة نظام قدسي فرضه الله لتحقيق الغاية من الاجتماع البشري وينتهي هذا الرأي إلى تقديس السلطة العامة من حيث هي من حقوق الله وحده الذي تأتي منه إلى حكام .
ولذلك استخدمت الثيوقراطية كنظام للحكم لتوطيد سلطة الملوك الأباطرة ولتبرير استبدادهم وعدم فرض أي رقابة عليهم لأنهم غير محاسبين إلا أمام الله تعالى لأن تبعيتهم تسمو على الطبيعة البشرية وأرادتهم تعلوا على أرادة المحكومين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان تكشف نقاط ضعف في استراتيجية الحرب الإسرائيلية


.. تراجع مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين للمرة الثانية




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح


.. مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام -الع




.. ديفيد كاميرون: بريطانيا لا تعتزم متابعة وقف بيع الأسلحة لإسر