الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دماء المصريين بين اختلاف الأراء والصراع علي السلطة

سمر أبوركبة

2013 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن زمن المفاوضات والمساومات قد نفد، وأن المواجهة بين جماعة الإخوان ومؤيديها وبين الدولة ومن يساند توجهاتها قد تكون حتمية. الكل تقريبا يأمل فى أن تمر المواجهة بأقل إسالة دماء ممكنة. لكن هناك أسبابا تدعو للقلق، وبعض أصولها منعكس منذ حين فى شوارع مصر.
فى مواجهات وصدامات مماثلة خسرت جماعة الإخوان معظم رصيدها السياسى، لأنها، حين حكمت، كانت الجماعة كمن يسير فى الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ وللمسيرة الديمقراطية.. وبداية بقرارات التمكين فى نوفمبر 2012، صارت الجماعة تسير علنيا فى الممنوع، متحدية كل من خالفها، وأوقفت حال الشارع, ففى ظل عجز وعدم إتقان، وغياب مهنية سلطوى ينتج عنه تهور وإسالة للدماء، أو حتى الانقسام؟.
رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي يجول يصنع "حقدا" لكل ما هو مصرى منذ عزل الدكتور محمد مرسي والاطاحة به بثورة شعبية، تقمص دور "المخلص " و"محرر العبيد" من الانقلاب العسكري، يحشد التكتلات الاقليمية والدولية ضد الجيش المصري والسلطة المؤقتة، لا يعترف بالسلطة القائمة ويعتبر أن "مرسي" هو الرئيس المصري الرسمي، يتصل بالزعماء الأوروبيين والرئيس الأمريكي والأمين العام للأمم المتحدة حتى يتم عقد جلسة عاجلة بمجلس الأمن لمعاقبة قادة الانقلاب على ما فعلوه.
ما كل هذه التحركات والسعي لعودة مرسي للسلطة، وملاحقة قادة الجيش والحكومة المؤقتة فى تدخل سافر فى إرادة الشعوب، خاصة وأن القوات المسلحة انحازت لإرادة الناخبين وعملت على إزاحة مرسي من الحكم والاطاحة بجماعة الاخوان المسلمين من السلطة، بعد ان ضرب مرسي والاخوان بالقانون عرض الحائط، واستغلال الوصول للحكم عبر الصناديق للانقلاب على الشرعية والعبث بمؤسسات الدولة والانقضاض عليها .
أوجه الشبه كثيرا بين مرسي وأردوغان في محاولات ابعاد الجيش عن العمل السياسي، وفى الوقت نفس سلك مسار الدكتاتورية وقمع الحريات وانتهاك حقوق الانسان، والهجوم الدائم على أحزاب المعارضة واتهامها بالعمالة للخارج، وبدلا من الدخول فى نقاش وحوار سياسي حقيقي حول كيفية الوصول إلى الديمقراطية عبر التوافق الوطنى منعا لهيمنة سطوة الحزب الواحد، يقومون بملء الدنيا ضجيجا وعويلا على هدر الديمقراطية.
منظمات حقوقية تنتقد الحكومة التركية بسبب انتهاكات حقوق المرأة والصحفيين والأكراد وقمع المتظاهرين، إلا ان أردوغان القائد الملهم لشعبه وصانع الرخاء الاقتصادي، ويضرب بكل هذه الانتقادات بعرض الحائط، فهناك تقارير حقوقية تعتبر ان عدد الصحفيين والنشطاء المسجونين فى تركيا يفوق أكثر الدول قمعا لحقوق الانسان مثل ايران والصين، واستياء حقوقي من انتشار العنف الأسرى ضد المرأة، انتهاك حقوق الأقليات، إلا أن أردوغان لا يزال متجاهلا كل هذه الانتقادات ويرفض أى تدخل أوروبي أو حقوقي بشأنها!.
في ظل تراجع الدور المصري الاقليمي والدولى فى السنوات الأخيرة لا ينكره ، والآن هناك فرصة لاستعادة هذا الدور، وبدء اتخاذ مواقف سريعة وتتناسب مع التطورات الأخيرة ، ومن المهم أن تكون نقطة الانطلاق لاستعادة هذه الريادة اتخاذ مواقف أكثر حدة مع أنقرة احتراما لسيادة الدولة المصرية وإرادة شعبها.
فمن خلال مقالي هذا فانني اوجه رسالة إلى الساسة فى أمريكا، المتشدقون بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمتباكون عليها، السؤال الذى أطرحه عليهم الآن:
أين كنتم والعراق تدمر ويقتل أهلها ويباح دمائهم فى الطرقات، وترتكب فيها جرائم حرب وتغتصب فيها النساء على مرأى ومسمع العالم؟!.. أين كنتم وقادتكم تدمر العراق وأفغانستان بحجة القضاء على الإرهاب الذى تساندونه الآن فى مصر بشتى الوسائل؟!.. هل المواقف تتجزأ يا من تتشدقون بالديمقراطية وبالحريات وحقوق الإنسان؟!.. أين الحريات وحقوق الإنسان الآن بالنسبة إلى معتقل جوانتاناموا وما يفعل بالمعتقلين به يا دعاة الحريات وحقوق الإنسان؟!.. أين كانت حقوق الإنسان فى سجن أبو غريب، وما حدث فيه من تعذيب واختصاب وانتهاك لحقوق الإنسان على شاشات التلفاز العالمية؟
اين انتم من اسرائيل التي تقتل الملايين في فلسطين وتطرد الملايين من الفلسطينين ومن حصار لفلسطين وانتهاك لحقوق الانسان يوميا في فلسطين.

كفاكم تشدقا بالديمقراطية وبالحريات وحقوق الإنسان، فأنتم أبعد ماتكونوا عنها، كفاكم دفاعا عن الإرهاب ، بحجج واهية ألا وهى الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.. أن كانت معونة الذل والمهانة هى من تجعلكم تتدخلون فى شئونهم وتعرقلون خارطة الطريق التى وضعها قادة مصر الذين حموا ثورة 30 يونيو ولبوا نداء شعب مصر.. وتدعمون حلفاءكم الإرهابيون الذين كانوا يستجبون لمخططكم وأطماعكم، فالشعب المصرى الأبى الحرصاحب الحضارة، يقولوها لكم بأعلى صوته أيها القادة والساسة الأمريكان المتشدقون بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
فالقضاء على الإرهاب في سيناء ضرورة وطنية لا تخضع لخلاف سياسي، إلى أن الشفافية مع الرأي العام ضرورة، كي لا يُستخدم ما يجري في سيناء لأغراض سياسية.
في ظني أن علينا ابتكار صياغة ما تستوعب سياسيًا الشباب الصغير من أعضاء الجماعة الذي لم تتلوث يداه بدماء الشعب، ولم يشارك في ترويع الناس في الآونة الأخيرة، لأن الشباب بشكل عام يمتلك قدرًا من مرونة الذهن تتيح له مراجعة أفكاره وقناعاته، ولأن كثيرًا منهم قد سقط بسب الفقر والجهل والتخلف ضحية لقادة جماعات غدارة مهووسة بالسلطة.
المشكلة عند دعاة الإسلام السياسي لا يقيِّمون المواقف السياسية بمنطق احترام اختلاف الرأي ، أو بمنطق رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب كما قال الشافعي ، أو بمنطق قد أختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد أن أموت دفاعاً عن رأيك كما قال فولتير ، إنما يقيِّمون المواقف السياسية بمنطق الحلال والحرام فما وافق رأيهم فهو حلال وما اختلف عن رأيهم فهو حرام وصاحبه يتأرجح بين الفسق والكفر حسب رأيه !! والاختلاف في القضايا السياسية يندرج تحت باب أنتم أعلم بشئون دنياكم ولا يندر تحت باب وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ و فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال فليس في القضايا السياسية المختلف عليها إيمان وكفر ، ولا حق وضلال إنما اجتهاد في الرأي مثاب من أخطأ فيه فالاجتهاد ليس فيما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ولا في نصوص قطعية الثبوت والدلالة ، إنما اجتهاد في قضايا اختلف في قضايا سياسية اختلف في مثلها السلف الصالح .
اللهم احقن دماء المسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشافعي الذي لا لزوم له
محمد البدري ( 2013 / 9 / 3 - 19:56 )
انا لا افهم الاستشهاد بالشافعي في قوله الشهير كما جاء بالمقال بينما الواقع الذي .كان ينظر ويفتي ويخرج له الشافعي فقهه لم يكن يحترم رايا أو آخرا فهل كان الشافعي يتحدث في السياسة والحكم وتداوله ام في الحيض والنفاس ونكاح الطفلة.

اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي