الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روضة... هندسة القاهرة

أماني فؤاد

2013 / 9 / 4
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في العمق
" روضة..هندسة القاهرة"
تركت مشرفة المنزل العمل لدي بعد أن رشحت لي إحدي الفتيات ، وبالفعل جاءتني بها ذات صباح ، شابة في عقدها العشرين.
وحين أوضحت لها احتياجي لمشرفة بيت مقيمة إقامة دائمة ، رفضت "روضة" هذا الطلب وقالت أنها لن تستطيع؛ لأن أباها لا يعلم أنها تشتغل بالبيوت ، وإن علم قد يتسبب هذا بوفاته، فتعجبت دون كلمات، فإذا بها تذكر أنها خريجة "هندسة القاهرة" قسم عمارة، ولو عرف أباها ــ العامل الذي يشتغل بأحد المصانع ــ أن نهاية رحلة التعليم الطويلة التي تكبدوا فيها الشقاء جميعا: هو وهي وأسرتها انتهت دون أن تعمل بتخصصها،أو حتي في إحدي المهن التي تقدمت لها كثيرا، و لم توفق فيها لعدم وجود واسطة أوخبرة سابقة ، ولاتوصم بتدني نظرة المجتمع له كالعمل بالبيوت؛ لشعر بتحطم العالم علي رأسه المجهد.
ذكرني حال "روضة" "بكريم"، فلقد كنت بأحد المؤتمرات "بشرم الشيخ" وحين بادرت بدفع إكرامية لأحد الشباب الذي يعمل بالفندق أبتسم رافضا، وذكر أنه يحب القراءة ويراني أحمل كتب عديدة ، فلو رشحت له بعض الكتب لكان أفضل ، فسألته عن دراسته، فقال: أنه خريج صيدلة "عين شمس"، ولم يجد عملا بتخصصه فاشتغل بهذا الأوتيل، وأعقب أن حتي هذه الوظيفة مهددة بعد الثورة.
ذكر أيضا أحد محافظي القاهرة منذ شهور: أنهم أعلنوا عن التقدم لشغل وظيفة كناسين، ففوجئ بأن أكثر من ستين في المائة ممن تقدموا خرييجي مؤهلات عليا ، وكان مما أدلي به: رفضه لكل حملة المؤهلات العليا ؛ لخوفه عليهم ومنهم.
كيف نحلل هذه الظواهر الغريبة في المجتمع المصري؟ هذة الحالات المتكررة التي تدلل علي مفارقات صارخة هدر وإضاعة للإمكانات بأشنع صورها وأقساها : إمكانات الفرد وطاقته وسوائه النفسي، وضياع موارد الأسرة وآمالها ، وهدر إمكانات الدولة وضياع ما تنفقه علي أثمن ممتلكات الدولة المصرية المتمثلة في الموارد البشرية، وتميز العنصر الفني فيها هباءا، لقد أفضى غياب أو تعطيل الخطط الخمسية والعشرية والأكثر أبعادا زمنية التي من خلالها تتحقق الإستراتيجية الكلية لأية دولة لإنعدام التنسيق مابين احتياجات سوق العمل والتخصصات المختلفة في الجامعات المصرية.


أثناء حوار أجريته مع إحدي الشابات التونسيات قبل ثورتهم، في أحدي رحلاتي هناك أوضحت لي: ــ وهي العاملة بالفندق ــ أنها طالبة في أحد المعاهد السياحية، و في فترة التدريب العملي الذي ينسقه المعهد مع القطاع السياحي، وتقيم في الفندق لأنها من بلدة بعيدة.
كما ذكرت أنها بعد تخرجها ستعمل بنفس الأوتيل الذي تدربت فيه نتيجة إتفاق يبرمه المعهد مع الفندق، وهو ما يحدث بصورة نادرة بمصر.
أوكد علي أن دراسة سوق العمل ومعرفة إحتياجاته الحقيقية، ومن ثم توجيه العنصر البشري للدراسة المناسبة، التي يضمن بعدها توظيفه الصحيح الذي يؤمّن حد معيشته وسواءه النفسي. والتنسيق بين عناصر المنظومة مكتملة من وزارات والشركات الخاصة لقطاع الأعمال والجامعات وقطاع التعليم الفني الذي سيكون محور المقال القادم ضرورة عقلانية ومنهجية لصحة الفرد والمجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف نحلل هذه الظواهر الغريبة
هانى شاكر ( 2013 / 9 / 4 - 00:27 )


كيف نحلل هذه الظواهر الغريبة
________________


عندى تحليل ... لا ، ولم ، ولن يٌعجب أحد .. و لكنه صادق ، و مُطابق للأوضاع وللأرقام ، و حقيقى ...


حكم مصر فى ألسبعين سنة ألأخيرة خمسة حكام مجانين أنانيين فأفلسوها و أذلوها و أذلوا شعبها .. و شجعوه أو تركوه يتكاثر كالحشرات من 15 مليون إلى 90 مليون .. فهانت مصر ووهنت .. وألأن تأكل بثدييها .. فأصبح سهلاً جداً شراء ألبشر و ألشجر و ألحجر بأبخس ألأثمان .. حتى أن ألعجوز ألخليجى يستطيع شراء ألفتاة ألقاصر بريف مصر ب 500 دولار للموسم !

لذلك ستعمل روضة فى خدمات ألنظافة ألبسيطة بعد 17 سنة تعليم ( فاشل ) .. وسيعمل ألدكاترة و ألصيادلة كعمال بناء .. أو عمال فنادق .. إذا ما عادت ألفنادق و فتحت أبوابها .. !


هذه هى ألقضية ألأساسية فى مصر ، ألأنفجار ألسكانى ألحشرى ، .. ولن يتحدث عنها أحد !

...

اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو