الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار ادبي مع الشاعرة السورية ريم سعد

احمد محمود القاسم

2013 / 9 / 5
مقابلات و حوارات


حوار أدبي، مع الشاعرة السورية، ريم السيد
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
ضمن سلسلة لقاءاتي المتواصلة، التي أقوم بها مع سيدات عربيات مبدعات، وخلاقات، أديبات وشاعرات وكاتبات، من أجل إشهارهن وتسليط الضوء عليهن، كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع الشاعرة السورية والكاتبة ريم السيد، والمقيمة في باريس منذ فترة طويلة، والتي تتصف شخصيتها بالوعي والذكاء الكبيرين، وسعة الاطلاع، والجد والاجتهاد، والمثابرة، ووعيها الاجتماعي الواسع والعميق، وأفكارها القيمة والنيرة والموضوعية، وثقافتها الواسعة والمتزنة، وأجوبتها الموضوعية والدقيقة، فقد فازت شاعرتنا المتألقة ريم السيد بشهادة تقدير للديوان الأول المطبوع (‬-;-عندما أَشرقَ في عيوني‮-;-).. ‬-;-وهو ديوان هامس‮-;- ‬-;-يتسم بالرومانسية الجميلة،‮-;- ‬-;-وبالصور‮-;- ‬-;-والأخيلة الشعرية المبتكرة،‮-;- ‬-;-وبخصوصية عاطفية، فقد نجحت الشاعرة ريم، في أن تضفي عليه طابعا متجاوزا لمحدودية التجربة الذاتية المغلقة علي نفسها،‮-;- ‬-;-إلي آفاق التجربة الشعرية والإنسانية المفتوحة، علي عوالم أرحب، وآماد أبعد،‮-;- ‬-;-وقامت الشاعرة بنفسها بترجمة قصائد بالعربية والفرنسية،‮-;- كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو:
@ من هي الشاعرة السورية ريم السيد؟؟؟
ريم السيد، من سوريا، مقيمة في باريس منذ عام 1997م، حائزة على إجازة في الاقتصاد 1992م ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد في العام 1994م، من كلية الاقتصاد..جامعة دمشق، عملتُ كمعيدة في جامعة تشرين..اللاذقية.. لمدة عامين ودرَّست مادة الاقتصاد الصناعي، جئت لباريس لإتمام دراساتي العليا، حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة في الاقتصاد الصناعي من جامعة باريس التاسعة-دوفين، وماجستير في القانون والتقنيات العقارية من المدرسة العليا للدراسات العقارية، كنت طالبة دكتوراه وقمت بالعديد من البحوث في جامعة باريس الأولى-بانتيون سوربون عندما كنت طالبة دكتوراه، ونظراً لاختلافي مع أستاذي المشرف حول موضوع البحث الذي بدأ بالاقتصاد والاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. لينتهي بموضوع حول الاثنية العربية والدين الإسلامي، فقررت الانسحاب بهدوء، درَّستُ لمدة عامين اللغة العربية في المركز الثقافي السوري في باريس، متزوجة، وعندي طفل واحد في سن المراهقة.
@ما هي علاقتك بالقراءة وبالكتابة؟؟؟
فيما يتعلق بالكتابة، كانت لي تجربة أولى في فترة المراهقة، وتوقفتْ خلال فترة قصيرة جداً، ثم عند اندلاع الأزمة في سورية وبالتحديد في حزيران 2011م، وجدت نفسي أكتب وأُخرِج كل ما تراكم على جدران الروح من غربة وشوق وحزن وألم، في 2012م، صادف وجودي في أمسية شعرية في باريس، كانت ربما الأمسية الشعرية الثالثة التي أذهب إليها، خلال إقامتي الطويلة هنا، والمفاجأة كانت بأنها في دار نشر سكريب –لارماتان، ولم تكن فكرة الطباعة واردة على الإطلاق ولكن تشجيع أصدقائي على الفيس بوك وأهلي وتشجيع المسئولين عن الدار أيضاً، جعل من هذا الحلم حقيقة، في فترة قياسية، المجموعة الشعرية من 100 صفحة، 27 قصيدة باللغة العربية، قام بتنقيحها والدي الدكتور فؤاد السيد و20 قصيدة باللغة الفرنسية، قمتُ بترجمتها وتم تنقيحها من قبل البروفيسور الفيلسوف والشاعر الفرنسي إيف لوتورنور، حازت المجموعة على جائزة هلالي للشعراء العرب 2013م، من المركز الثقافي المصري في باريس. فيما يلي بعض ما كتب عن المسابقة وعن الفائزين من قبل المركز الثقافي المصري، ومن قبل رئيس اللجنة الأستاذ ماجد يوسف الذي قدم من مصر خصيصا للتحكيم، ومؤخرا شاركتُ بعدة معارض فنية، تم عرض بعض من الصور التي تلتقطها عدستي الحزينة خلال تجوالي بهذه المدينة الجميلة.
@ ما هي القيم والمباديء التي تؤمن بها الشاعرة ريم السيد وتدافع عنها؟؟؟
أؤمن بقيم ومبادئ أصبحت نادرة في هذا الزمن كقيم العدل والمساواة..التسامح والمحبة. بمفاهيم المواطنة والانتماء السليم والايجابي للأوطان وللمجتمعات التي نعيش فيها. أؤمن بالحرية المشروطة..المقننة..الحرية الفردية التي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. أكاد لا أصدق ويؤلمني ما وصلت إليه مجتمعاتنا من تردي إنساني لا سابق له. أكره الزيف والنفاق والتطرف بكل أنواعه. أحلم بمجتمعات عربية، يوحدها الحب والإنسانية، بعيدة عن أي تناحر سياسي وتنابذ ديني.
@ ما هي بداياتك بالكتابة، هل بدأت بكتابة الشعر فوراً، أم كنت تكتبي عن كل شيءْ؟؟؟
أنا ما زلت أشهد على إشراقة حروفي..على نثيث خواطري..لقب "شاعرة " أحسه ثوباً فضفاضاً لا يليق بي. يختزل جانباً كبيراً من شخصيتي من حياتي ويضع على جبيني "اتيكيت " شاعرة لأنني أكتب الشعر. أنا قبل أن أكون شاعرة أنا ريم الإنسانة..ريم الابنة الزوجة..الأم...ولكن إن كان المقصود بالشاعر هو الإنسان الذي يشعر بالآخرين. هو من يكتب مشاعره ليلامس مشاعر الآخرين..فهذا اللقب هو وسام على صدري يسعدني وأتباهى كثيراً به. بدأت بكتابة الخواطر لأول مرة عندما كنت في المرحلة الثانوية في دمشق. لم تدم هذه التجربة إلا أشهر قليلة جداً. للأسف لم أحافظ على أي من كتاباتي في تلك الفترة. خاطرة واحدة فقط تذكرتها الشهر الماضي..عادت لتطرق أبواب ذاكرتي. لكن منذ بداية الأزمة التي عصفت ببلادي وفي شهر حزيران 2011م على وجه التحديد وبسبب انضمامي للمجموعة الشعرية السورية على الفيس بوك " قصيدة كأنها وطن " وبفضل تشجيع أعضائها ومتابعتهم المستمرة لِما أكتب أحسستُ بأن الكتابة لم تعد مجرد حروف تُصفُّ بأناقة بجانب بعضها البعض أو عملية إثبات وجود.كانت كنافذةٍ فُتحت وأنا في الرمق الأخير لتتأوه منها الروح. الكتابة هي تعبير عن الألم الساكن فينا..عن الوجع الذي يرفض أن يجافينا..هي صرخة ال " آه "..الكتابة..هي انفجارٌ لبركان مشاعرنا والأحاسيس التي تعترينا. وقد تكون تعبيراً لنشوتنا..عندما نقف أمام الجمال لنقول " الله" .
الآن وبعد سنتين من هذه التجربة ريم ما زالت وبكل صدق، تكتب من وحي الحالة. لا مواضيع محددة أكتبها..أو تُفرض عليّ..ما زلت أشعر بنفسي حرة كقطرة مطر.
@من هم الكتاب والأدباء والشعراء التي تأثرت بكتاباتهم وقرأت لهم ودفعوك لكتابة الشعر؟؟؟
عندما كنت طالبة في سوريا كنت أقرأ أكثر بكثير من الآن. ما زلت أعشق أشعار نزار قباني وأدندنها. أحب كتابات محمد الماغوط وغادة السمان وغيرهم. لا أستطيع أن أقول بأن تأثري بكتابات الشعراء هو الذي دفعني للكتابة. الكتابة في فترة المراهقة والآن، هي بكل أمانة من وحي الحالات التي أعيشها، التي أثّرت في نفسي أو التي أصادفها في حياتي اليومية. وعندما يُشبّهون ما أكتب بشعر الشعراء العرب أو الفرنسيين، تصيبني غبطة شديدة أبتسم قائلة " للأفكار أجنحة تنقلها هنا وهناك". أعرف بأن الكثير من القراءات، تنتظرني لإغناء تجربتي ولصقل موهبتي. فأنا أعترف بأنني ما زلت أحبو في هذا المجال.
@هل أنت عاشقة للشعر أم عاشقة للكتابة بشكل عام؟؟؟
الكتابة ليست مجرد عشقٍ فقط.. كانت ولادة جديدة بالنسبة لي..كانت عملية خلاص من الحزن والألم الذي كان يقيدني..هي نبضة حياة لأقول بأن الكلمة الصادقة..سواء كانت محكية أو مكتوبة تستطيع أن تلامس النفوس بإمكانها التأثير على جدران الجليد المتراكمة حول بعض القلوب، قد لا يؤمن الجميع بوجود الحب وبالدفء الذي تشعه المشاعر النبيلة الأخرى..إلا أن الخواطر الرومانسية والأحاسيس الجميلة قد تدغدغ أعماقهم وتدعوهم للتحليق بعيداً عن ضوضاء الحروب..بعيداً عن إغواء المادة التي تحكم هذا العالم المجنون..لتنقلهم لفضاءات مليئة بالحب والحلم. أحب الشعر أكثر وأنا مقلة في الكتابة. فلم يحدث منذ سنتين حتى الآن أن جلست وراء طاولتي وأعطيت لنفسي ولقلمي إيعازاً بالكتابة. مخاض الخواطر عندي يأتي دون سابق إنذار كتكاثف الغيوم في باريس كهطول الحزن ليس له موعد، ولا أخفيك بأنني أخاف كلما انقطعتُ عن الكتابة لأيام، أخاف أن يهجرني وحي الشعر. فقد أدمنتُ ارتعاشة القلم في يدي..هذيان نبضي.. بتُّ أتلذذ، بوجع الحروف إذ تولد..عندما تصمت وحين تبوح.
@ ما هو المركز الذي يتبوأه الحب في كتاباتك الشعرية؟؟؟
الحب هو محور أساسي في كل كتاباتي. الحب غذاء الروح هو عاطفة سامية, رباط مقدس يجمع أرواحنا. هو الشعور الأول لذي يجتاحنا ونعبّر عنه بكل حرية في طفولتنا ثم مع مرور الوقت يُفرض علينا في مجتمعاتنا الشرقية إخفاء مشاعرنا تحت مسميات ووراء تابوهات " العيب " غير مبررة. دائماً أكرر بأنه لو امتلأت القلوب بالحب ولو عبرنا بشكل صحيحٍ عن الحب لما اندلعت كل هذه الفتن والحروب، من خلال خواطري أحاول أن أبعث برسائل حبٍ وسلام. فهذا القلب المتعب الموجوع مما يحدث في بلادنا..ما زال يستشعر الحب وينبض به ويكتب عنه. أنا لا أخجل أبداً أن أكتب عن الحب بشكل عام أن أبحث عن الحب في خواطري أو في الصور الفوتوغرافية التي ألتقطها. هي فلسفتي في مواجهة قسوة وظلم الحياة فكلما آلمتني وكثيراً ما تفعل وكثيراً ما انزوي ولكنني أخرج من عزلتي لأقول لها " ريم لن تتغير لن تزداد مشاعرها إلا نقاءً..لن تواجه الحزن والإحباط إلا بالابتسامة وبالتسامح والحب " . إليكم خاطرة من مجموعتي الشعرية الأولى " عندما أَشرقَ في عيوني " بعنوان " هَطْلُ الْحُبّ " مِنْ أَشِعَّةِ السَّنا في وَجْهِكَ..يُولَدُ الصَّباحْ..مِنْ شَهَقاتِ الْفَرَحِ.. في عَيْنَيْكَ..تَبْزُغُ بَراعِمُ الأَمَلِ..لِتُسْكِنَ الْجِراحْ مِنْ هَطْلِ أَنْفاسِكَ..غَزَلَتْ لِيَ نَسائِمُ الْفَجْر..أَرْوَعَ وِشاحْ.. مِنْ طُهْرِ حُبِّكَ..أُسْقِطَتْ عَنْ آدَمَ خَطيئَتُهُ..وعادَتْ مُقَدَّسَةً إِلى كُرومِها..حَبَّةُ التُّفاحْ..مِنْ شَهْدِ ثَغْرِكَ..غَارَ النَّدَى..ثَمِلَ النَّدى..وَمِنْ شَوْقِهِ لِلْوَرْدَةِ اكْتَوَى..وبِعِشْقِهِ الْمَجْنونِ..ما باحْ..مِنْ خَمْلَةِ خَدّيكَ..مِنْ خَمْرَةِ شَفَتَيْكَ..مِنْ رَفْرَفَةِ يَدَيْكَ..وزَقْزَقَةِ الْحُبِّ في صَوْتِكَ..لا..لا..لَنْ أَسْتَرْسِلَ أَكْثَر...لا..لَنْ أُقَبِّلَ غُرورَكَ..لَنْ أُلَحِّنَ..لِيَتَراقَصَ..عَلى غِناءِ حُروفي..خَيالُكَ أكثرْ سِحْرُ الطَّبيعَةِ..مِنْ غِنَى أَلْوانِها..وَلا أُريدُ مِنَ الْوُرودِ..أَنْ تَخْطُفَ حُمْرَةَ .. خُدودِ الأَقاحْ.
@ هل أنت مع كتابة القصيدة العمودية أم مع الحداثة في كتابة الشعر؟؟؟
أعشق الشعر الموزون والقصائد ذات الموسيقى تدغدغ شغافي قبل أذني. لا أستسيغ كثيراً الشعر الفلسفي المعقد لأنه يبعدني عن الاستمتاع بجمال الأحاسيس. أنا شخصياً لا أتقن كتابة شعر التفعيلة وإن كنت أحب موسيقاه. أكتب ما تمليه عليه روحي..وأجد في أغلب ما أكتب تلك الدندنات الموسيقية التي تتراقص على وقعها حروفي. عندما نكتب من وحي الحالة تصبح الكتابة كانفجار البراكين لا يمكننا معرفة وقت انفجارها وكمية الحمم التي تُسيلها..كالمخاض، لا يمكن التنبؤ بلحظة وقوعه لا يمكن للأم أن تحدد مسبقاً لون عيني المولود وشكل وجهه وتفاصيله. وكذلك عندما تهجم الخاطرة ويهبط وحي الشعر لا أعرف مسبقاً أي شكلٍ ستأخذ القصيدة هي التي تُجرجرني وراءها هي التي تكتبني. قد أكتب في المترو في عيادة الطبيب في السوق دون سابق إنذار. وهذه خاطرة كتبتها في حفلة موسيقية في اليونيسكو في باريس أتمنى أن تعجبكم: دَعْني أُقَلِّمُ..أَظافِرَ الشَّوْقِ..وأُخَضِّبُ أَصابِعَكَ بِالْحِنّاءْ..دَعْني أًطيلُ لأَلْفِ لَيْلَةٍ ولَيْلَةٍ..ساعاتِ اللِّقاءِ..وَ سِحْرَ الْمَساءْ ..دَعْني أَقْطُفُ أَجْمَلَ الزَّهْر..مِنْ حَدائِقِ الْعُمْرِ..أُقَطِّرُهُ..أَحْمِلُهُ إِلَيْكَ يَنْبوعَ عِطْرْ..دَعْني أَحيكُ لَك..مِنْ شِغافِ الْقَلْبِ مَسْكَناً..وَمِنْ نورِ الْعُيونِ شَفيفَ الرَّداءْ..دَعْني أَزْرَعُ عَلى جَبينِكَ..أَزْهارَ الْغارِ قُبَلاً..وَأُشْعِلُ لِلْحُبّ..قَناديلَ الْمَساءْ..دَعْني أَحْلُمُ، وَأَحْلُم..أَطيرُ..أُحَلِّقُ..بِأَجْنِحَةِ عشقٍ..لَمْ تُرَفْرِفْ بِها..قَبْليَ النِّساءْ
@ ما هي الموضوعات التي تتطرقي لها بأشعارك بشكل عام، وهل لديك نماذج منها؟؟؟
لا يستطيع الشاعر أو الكاتب أن ينسلخ تماماً عن بيئته وظروفه وتجاربه..مهما حاول الانفصال عن آلام مجتمعه واحباطاته فهي ستلاحقه حتماً، قد أعيش نوعاً من الشيزوفرينيا اللذيذة عندما أكتب عن الحب والفرح. لكن آلام الغربة والحنين سرعان ما تفسد علي هروبي المؤقت، لأكون صريحة، أنا لا أجلس وراء طاولتي لأكتب كما قلت سابقاً. الحالة هي التي تفرض الموضوع. أكتب كثيراً عن الغربة..عن الوطن..عن الشوق..عن الحب..عن بعض ما يؤرقني، هذا مقطع مثلاً من خاطرة كتبتها منذ يومين، من وحي المشهد الدامي، الذي يشوه وجه بلادي..أتمنى أن تلامس وجدانكم..أنا الطفلُ العربي..ملاكُ الله على الأرض..مُنتَهكُ البراءة..المقتولُ..باسم الوطن والقضية أنا الأنثى الثكلى..أنا الموءودةُ..المسْبيةُ..المغتصبةُ..مسلوبةُ الروح شرعاً..على الخانة..على الهوية أنا الفقيرُ..الموجوعُ..أنا المقهورُ..مخنوق الصوت..أنا صرخة الله في ضمائركم..نبضة الحق في قلوبكم..أنا..أنا الزفراتُ الأخيرةُ...لما يسمّى في قواميسكم " إنسانية "
@هل للسياسة مجال في كتاباتك الشعرية؟؟؟
أكتب قليلاً عن المشهد السياسي وعن تداعياته، وإن كتبت فلا أنشر ما أكتب. لأنني أعتبر أن السياسة والدين من العوامل التي فرقتنا كبشر. وأنا أسعى في خطابي اليومي، في كتاباتي وأفعالي، إلى التقرب من الآخرين. للأسف..للأسف نعيش في زمن مؤلم، أصبحت صكوك الغفران والمواطنة، توزع حسب الميول السياسية والطائفية. قليلة هي الأصوات العقلانية، التي تنادي بوحدة تراب الوطن، وبتساوي حقوق مواطنيه. موجعة..موجعة هذه الحالة من الانقسام، التي تُمزقنا. فمع كل التطور التكنولوجي والانفتاح الذي يشهده العالم، نشهد في عالمنا العربي ومع كل احترامي، نشهد تراجعاً في القيم المجتمعية والإنسانية. الإنسان العربي، إنسان عاطفي انفعالي وما زلنا نفتقر للموضوعية في نقاشاتنا السياسية، برغم كل ما وصلنا إليه من ثقافة وعلم، وسرعان ما تطغى بذور التعصب السياسي والطائفي، وحتى القبلي على أحاديثنا، سواء اختلفنا بالرأي أم اتفقنا. الكل يطالب بأن يكون مُحاوِره نسخة طبق الأصل عنه. وأنا بكل صراحة، مع كل ما يحدث وهذا الألم الكبير لست بوضعٍ يسمح لي بالدخول في مماحكات ونقاشات عقيمة لا طائل لها.
@هل للمرأة مجال في كتاباتك الشعرية أيضا؟؟
طبعاً للمرأة حيز في كتاباتي..الأنثى هي أنا وأمي وأختي وصديقتي وجارتي..وحين أكتب عن معاناتي أو تجربة أسمع عنها.. فأنا قد أكتب بلسان الكثيرات وأسعى أن ألبي طموحهن..أن أدغدغ أحلامي وأحلامهن.
@هل تعتقد الشاعرة ريم السيد بوجود شعر نسائي وآخر ذكوري، وهل هناك فرق بينهما؟؟؟
ريم ..تبحث دائماً عما يقربها من الآخر كما قلت سابقاً.. تحاول تخطي الحواجز والعوائق الإنسانية والاجتماعية ليسهل التفاعل مع الآخرين.. شخصياً لا أؤمن بوجود شعر نسائي وشعر ذكوري..ولا يجب أن يوجد مثل هذا التصنيف. كتابة الشعر هي حالة وجدانية تعترينا كبشر..هي رسالة نحملها..نريد إيصال مشاعرنا بغض النظر عن جنس الشاعر..يجب أن نكون متساويين في الحقوق والواجبات والمواضيع المطروحة..متساوين في الجرأة وفي هوامش الحرية الممنوحة لنا. وقد يكتب أحدنا بلسان الآخر بشكل جميل..اسمحوا لي أن أهديكم هذه الخاطرة من مجموعتي الشعرية كتبتُها في وصف عقد سيدة التقيتها..عساها تنال إعجابكم سَيِّدَتي..سَيِّدَتي..عِقْدُكِ الذي لَفَّ..وَحامَ..خَمْسَ مَرّاتٍ..وَطَوَّقَ عُنُقَكِ..أَهُوَ الذي زَيَّنَكِ..أَمْ تَباهَى أَلَقاً..عِنْدَما عَانَقَ تَرائِبَكِ..سَمِعْتُ حَبّاتِه..تُهَسْهْسُ..تَتَراقَصُ..تَتَهامَسُ..وتَقولُ أَيُّنا الأَوْفَرُ حَظّاً..أَتِلْكَ التي قَبَّلَتْ ضِفافَ نَحْرِكِ..أَمْ تِلْكَ التي..تَدَلَّتْ أُنوثَةً..تَمايَلَتْ غُنْجاً..تَرَنَّحَتْ ثَمالَةً..وَهَوَتْ عِشْقا..عَلى صَدْرِكِ ؟
@ هل تعتقد الشاعرة ريم السيد وجود اختلافات بالموضوعات الشعرية التي تتناولها المرأة في أشعارها عن موضوعات الرجل التي يتناولها في أشعاره؟؟؟
أعتقد أنني أجبت قليلاً في السؤال السابق. لا يوجد اختلاف في المواضيع حتى الشعراء أثبتوا بأنهم يستطيعون الكتابة عن الأمومة وعن مشاعر تعترينا نحن النساء وأن يدافعوا عن قضايانا بأحاسيس شفافة وصادقة تلامس أعماقنا بدهشة..وأذكر قصيدة للشاعر السوري عمر الفرا عن شعور أم عاقر طالما هزتني وأسالت دموعي. إلا أننا للأسف نعيش في مجتمعات ما زالت تمارس التمييز ضد المرأة. وهذا التمييز، تعاني منه المرأة بشكل عام، في البلدان الغربية والشرقية، إنما بدرجات متفاوتة. أتمنى من كل قلبي ألّا نشهد وخصوصاً في وطننا العربي على تدهور في الحقوق وفي هوامش الحرية " المكتسبة أو المعطاة " للمرأة.
@ من هم في رأيك أهم الشاعرات العربيات والشعراء ايضا؟؟
قراءاتي الشعرية قديمة جداً تعود لسنوات الدراسة في دمشق..دعني أعترف بتقصيري في هذا المجال..أتمنى ألا يؤخذ هذا الأمر ضدي. فأنا ما زلت أكتب من وحي الحالة..ولكن من خلال متابعتي للشعراء السوريين والعرب على صفحات التواصل الاجتماعي..أنا معجبة للغاية بهذه الباقة الكبيرة من الشعراء وبإبداعاتهم وبما يقدمونه لإغناء فضاءات الشعر..لا أستطيع هكذا أن أقول من هم أهم الشعراء والشاعرات, يحتاج الأمر للكثير من الدراسة والتدقيق. أعذرني لن أذكر أسماء أخاف أن تخونني ذاكرتي فأحصد حزن البعض. لكنني أتمنى من كل قلبي النجاح والتوفيق للجميع. أنا أفخر بهم جميعاً، دون استثناء وبتجاربهم الشعرية.
@ ما هو تعليقك على مقولة: الشعراء يتبعهم الغاوون الم تر أنهم بكل واد يهيمون، وإنهم يقولون ما لا يفعلون، وكبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلوا؟؟؟؟ "
"إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذكروا الله كثيراً, وانتصروا من بعد ما ظلموا " صدق الله العظيم. ليس كل شاعر بغاوٍ والمقصود بالغاويين في الآية الكريمة هم كفّار قريش الذين تبعوا شعراءهم المشركين في حملة هجائهم وقذفهم لرسول الله (ص) والنيل منه ومن الدعوة الإسلامية. حتى أنهم وصفوه بأنه شاعر وبأن القرآن الكريم ما هو إلا كتاب شعر. الإسلام لم ولا يحارب أو يحرِّم الفن والشعر فحتى في ذلك الوقت كان هنالك شعراء المسلمين والمنشدين الذين رافقوا الرسول (ص) وكان لكلماتهم وإنشادهم وقعاً كبيراً على نفوس الناس. أنا ضد تجزئة الآيات القرآنية والصور الفوتوغرافية وأي مقولات واقتطاعها من كليتها وتفريغها من محتواها لأنها قد تقودنا لمكانٍ آخر مختلف تماماً عن الهدف الذي انطلقنا من أجله أو بمعنى آخر هو طريقة للابتعاد عن الحقيقة. لكل شاعر بنظري هدف من الكتابة وقد يكون رسولاً تحمل حروفه رسالةً ما. أسعى من خلال ما أكتب أن أنقل مشاعري، أن أحمّل حروفي رسائل حبٍ وسلام. نفوسنا متعبة فهل نرتكب المعاصي لا سمح الله إن حلَّقنا على أجنحة الحروف بعيداً عن ضوضاء الحروب لفضاءات جميلة مليئة بالحلم والخيال ؟
@ كيف يخدم الشعر القضايا التي تؤمني بها وتدافعي عنها؟؟؟
الكلمة سلاحٌ جميل لا يقتل بل يُحيي. القلم سلاحٌ نبيل يقف في وجه عنف ودموية الأسلحة التقليدية. الشعر بالنسبة لي هو صرخة حياة وسط هذا الموت الرهيب. الشعر يلامس وجدان الناس يدغدغ مشاعرهم ويصل لأعماقهم بسرعةٍ أكبر. لذلك أؤمن بأن يكون الكاتب صاحب رسالة خير في هذه الحياة.
@ كيف تعللي تبوأ الشعراء في العصور الماضية، مراكز مرموقة عند الحكام والملوك، بينما تراجعت مراكزهم بالعصر الراهن؟؟؟
لم يكن هنالك الكثير من الشعراء في الماضي، وكانت مباريات المفاخرة والمدح والقدح، تجري بين الحكام، عن طريق الشعراء. لكن للأسف لكل عصر سلاطينه، وشعراؤه، وأقلامه المأجورة. المبادئ والأخلاق، هي التي تحكم تعاملاتنا مع الآخرين، وتملي علينا ما نكتبه. فليفعل كل كاتب ٍ ما يحلو له، هنيئاً له من يبيع ضميره وقلمه، لمن يدفع أكثر. الكتابة هي نعمة من الله سبحانه وعلينا أن نحسن استخدام هذه الموهبة. ومن يرتعش قلبه عندما يكتب لن يبيع ذرف روحه بكنوز الأرض.
@ ما هو رأيك بالومضة الشعرية، وهل تكتبينها، وما هو أسباب انتشارها؟؟؟
الفرق بين الومضة الشعرية، والقصيدة، كالفرق بين الدهشة التي تغمرنا، عند رؤية شهب يخترق بسرعةٍ، صمت السماء، وبين بريق نجمةٍ تتراقص بأحضان الليل, كالفرق بين أنواع العطور. بعضها مركز والآخر أقل تركيزاً. بعض العطور تأسرنا من اللحظة الأولى أما الآخر فيحتاج لوقتٍ أطول ليتفاعل مع كيميائية الجلد والمحيط..ليتطور ويسافر بنا إلى ما تخبؤه عطور القلب والأعماق. الومضة الشعرية ربما يستسيغها البعض لقصرها ولتركيزها في عصر تحكمه السرعة. برأي الشخصي الومضة, الخاطرة أو القصيدة مهما كان شكلها وطولها هي في قوة تأثيرها على القارئ وفي وجعها عند ولادتها وعند مفارقتها لوجدان الكاتب. ريم تكتب ما يمليه عليها إحساسها والحالة التي تعيشها لا تتبع الموضة وإن كانت شعرية. لأنني أكره القوالب الجاهزة المسبقة الصنع. أحب السلاسة وأرفض القيود أرفض أن أَسجن حروفي في علبة كونسروة لها مدة صلاحية معينة تفقد من قيمتها أو جماليتها بانتهاء صلاحية هذه الموضة. أريد لخواطري أن تحمل رسالة محبة وسلام تصلح لكل زمان ومكان. هذه ومضة كتبتها منذ يومين أتمنى أن ترضي ذائقتكم: كلما هبطَ الليلُ..أُطبقُ جفوني..مَخافةَ أن تخطفكَ العتمةُ..من حدقاتِ عيوني.
@ ما هي أحلام وطموحات الشاعرة ريم السيد التي تتمنى تحقيقها؟؟؟
أحلامي كثيرة ولكن الحلم الأكبر هو أن يعم السلام بلادنا ونفوسنا..أن تتوقف هذه الحروب والفتن في كل بلدان العالم عن حصد الأرواح وإراقة الدماء والاتجار بها..لقد وصلنا إلى مستوى لا سابق له من تردي في القيم الإنسانية التي تحكمنا. وأن تنطفئ نيران الحقد والثأر عساها قريباً تعود الألفة والتسامح بيننا كبشر. أتمنى, أينما ذهبتُ، أن أرفع اسم بلادي عالياً أن أثبت للجميع أن الشعب السوري شعبٌ حيّ لا يموت وأن سورية بلد الحضارات..بلد الأبجديات الأولى لن تدمرها الحروب..وإن تهدمت آثارها فهي باقية هناك، باقية هنا في وجداننا في أرواحنا. سنورث أبناءنا الفخر والاعتزاز بانتمائنا وبأصولنا ما بقي في قلوبنا من نبض..وبأننا مهما ابتعدنا فجذورنا المتوحدة بالأرض ستشدنا دائماً لتراب الوطن المقدس..من لا ماضي له..هو إنسان بلا حاضر ولا مستقبل. أتمنى أن استمر بالكتابة بذات الصدق والشفافية لتلامس حروفي قلوب الجميع, أن يصل نبضها بعيداً وأن أترجم وأطبع خواطري في بيئات صحية تحترم حرية الكلمة وتقدر المشاعر النبيلة دون أن تفرض عليها قيوداً وأطراً مجتمعية بالية. وأن أطور نفسي بشكل دائم وفي كافة المجالات. أن أجد عملاً يتناسب ومؤهلاتي العلمية وكفاءاتي. أتمنى أن أشارك كسورية في منتديات شعرية عربية وأجنبية للتعرف على شعراء آخرين والاستفادة من تجاربهم ومن آرائهم. ومهما علا شأنها حروفي وحلّقت بخيالاتي أتمنى كما يقول الفرنسيون " أن يبقى رأسي في مكانه على أكتافي " أن أظل كما أنا..بطفولتي بتمردي ونقائي. في النهاية اسمح لي أستاذ أحمد أن أشكرك من صميم قلبي وأن أعبر لك عن امتناني لما تقوم به من جهود ولاهتمامك بقضايانا وسعيك الدائم لتوصل أصواتنا بعيداً.
إنتهى موضوع:حوار أدبي، مع الشاعرة السورية، ريم السيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا