الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخطط إعادة ترسم المنطقة العربية وأدواته

ابراهيم حجازين

2013 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تناول كثير من الباحثين والسياسيين والصحفيين موضوع إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط في سياق إنقاذ الولايات المتحدة لموقعها على قمة سلم الهيمنة الدولية وخاضت حروب اما مباشرة او بالوكالة من اتباعها المحليين وخاصة الكيان الصهيوني إن كانت الحروب على العراق او في السودان وليبيا واليمن وحرب لبنان عام 2006 وعزة عام 2008 حيث طرح وبوضوح التوجه بهذا المسار. عبر ما أعلنته كوندليزا رايس عن اعادة رسم خارط المنطقة وفي هذا السياق قامت بعض المواقع بطرح خرائط مستقبلية للمنطقة أنهت فيها دول وقلصت أخرى ووسعت من غيرها مع ان الادارة الامريكية لم تفضل أي نوع ولكن مجرد طرحها شحذ همم البعض للانخراط في اللعبة الأمريكية من باب انقاذ الذات او حصد بعض الجوائز.
في الحقيقة أمريكا تريد أن تدير المنطقة عبر وكلاء احدهم ثابت في معادلة المنطقة ودوره الوظيفي محدد منذ التفكير بانشاءه واقصد الكيان الصهيوني الذي سيبقى في موقعه هذا طالما يخدم ولا يشكل عبء على السياسة والمصالح الامريكية لانه بعكس ذلك سيختفي دون أن يرف جفن احد، وهذا يدركه الجميع لذا لا يدخلون في منافسه معه. حاولت تركيا القيام بذلك لكنها فشلت واستمرت بمنافسة إيران القوة الإقليمية الثالثة التي تراهن أمريكا على جذبها لتكون وكيل ثالث وبمهام محددة في ادارة اوضاع المنطقة تحت العباءة الامريكية وتحت قيادة الكيان الصهيوني وهذا ليس مقبولا من القيادة الايرانية في ظل تقديرها لقوتها ودورها كما تراه نخبها، وهذا بشكل أساسا موضوعيا مشتركا لمواجهة السياسات الأمريكية
لا تضع امريكا أية دولة عربية في اعتبارها ليكون لها دورا في ترتيب أوضاع المنطقة في ضوء منظورها إلا بقدر ما تقدمه للمصالح الأمريكية وانخراطها في شبكة مصالحها وأطماعها وقبولها بإدماج الكيان الصهيوني لتتبوأ الدور القيادي فيها. من هنا كان لا بد من التخلص من تلك الدول التي تشكل بوضعها وتاريخها وموقعها ودورها وإمكانياتها خطرا على الكيان المغتصب ودروه المرسوم له. لهذا كانت الحروب التي شنت على العراق وسوريا كما هو واضح حاليا، وكذلك مصر التي ستكون خلال فترة بعد الانتهاء من سوريا تحت نفس الظروف التي أنهت العراق وما يدبر لسوريا أن نجحت الهجمة عليها.
دول الخليج تعاني هي الأخرى من عدم أصالة الدولة الوطنية وضعف بنيوي تاريخي بالرغم من الإمكانيات الهائلة التي تملكها وهي في كل الأحوال ستنتهي إلى نفس المصير الذي شاركت وتشارك بتنفيذه للآخرين، ولكنها قدرت أن مشاركتها في إزاحة الدول الثلاث التي تشكل أساسا للنهوض العربي اللاحق في حال فشلت الولايات المتحدة قد تشكل مخرجا لها للمحافظة على الذات ومن هنا انخراطها في الحرب على العراق وسوريا واستعدادها لاحقا لتفتيت مصر الزاوية الثالثة في مثلث النهوض العربي. على أساس الاعتقاد أنها ستكون جزءا من الرؤية الأمريكية .
كان من الضروري للأمريكان أن يقوموا بهذه المغامرة التي حسبوها جيدا منذ أمد طويل لأنهم يدركون أن العالم يتغير جذريا وان من المصاعب التي ستواجههم الميل المعزز دوليا لإنشاء الكيانات الإقليمية الكبرى في العالم في ظل التدويل الهائل للرأسمال والإنتاج والذي سيكون من أثاره التقدم على صعيد المنطقة موضوعيا لتحقيق بنية إقليمية سياسية تستند إلى سوق إقليمي واسع ولتحقيق ذلك يوجد احتمالين، الأول: بناء مثل هذا السوق على قاعدة الخصائص القومية للمنطقة وهذا بشكل خطر على الهيمنة الأمريكية ويتناقض مع توجهات الغرب منذ أن ارسى الاستعمار برنامج كامبل بانرمان بتقسيم المنطقة لذا عزمت على تدمير القاعدة التاريخية للنهوض العربي واما الخيار الثاني وهو ما تطمح أمريكا لإنجاحه إقامة تلك السوق بموصفاتها وتحت الهيمنة الصهيونية في ظل ما أسمته برنامج العولمة النقيض لنزعة التوحد الإقليمي التي توسعت في تسعينات القرن الماضي ولا تزال.
ولهذا وبغض النظر عن التبريرات التي يسوقها البعض في خطابه الفكري والسياسي لانخراطه في المخطط الأمريكي في المنطقة بذريعة مواجهة أنظمة الحكم الدكتاتورية او من اجل تطبيق برنامج ليبرالي موهوم بمساعدة الغرب او الاعتقاد المضلل لدى بعض التيارات أن الغرب في سبيله للخلاص من الوضع العربي الحالي الذي أصبح يشكل عبء على الأوضاع الدولية والاستقرار العالمي على استعداد للموافقة على قيادتها للمنطقة. فإن رؤية الأوساط الاستعمارية الغربية لا تتوافق مع هذه الظنون بل تستفيد من تعزيزها لتمرير ما تخطط له وتمزيق ما هو قائم تمهيدا لفرض رؤيتها على المنطقة.
حقق الامريكان نجاحا لا بأس به على صعيد تنفيذ مخططاتهم وادخلوا المنطقة في حالة من الصراع الداخلي والبيني، مما يشكل خطرا داهما وجوديا على شعوبها، ولكن لم يصلوا إلى نهاية مشروعهم ولا تزال الفرصة سانحة لصحوة حقيقية للقوى والتيارات السياسية الوطنية والديمقراطية والدينية الواعية لمخططات الغرب. لأنها الفرصة الأخيرة امام شعوبنا. ويبقى أن تتصدى سوريا بقواها الحية والمخلصة والدول التي توجه مخطط الهيمنة الأمريكية والتي لا قدر لها النجاح ستكون وبالا على مستقبل العرب والبلدان النامية الأخرى وعلى الاستقرار والسلم العالميين وعلى طموحات الإنسانية في عالم أكثر عدلا وأمنا وإلا فالوحشية ستكون المرحلة القادمة التي ستهيمن لفترة طويلة في التاريخ العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدوى احتجاجات الطلاب تنتقل من الولايات المتحدة إلى جامعات أو


.. التلفزيون السوري: 8 إصابات في هجوم إسرائيلي على دمشق




.. واشنطن تتعهد بمواصلة جهود تحسين قدرات الأردن على مواجهة الطا


.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر




.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا