الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي ومشكلة الذات والعقد مع الاخرين

ثائر الربيعي

2013 / 9 / 6
حقوق الانسان


سؤال طرحته على ذاتي الآلاف المرات مراراً وتكراراً مفاده ,لماذا الآخرون يضمرون للإمام علي الحقد والضغينة والإساءة ,وهولم يرتكب اية إساءة بحقهم لا من قريب ولا من بعيد وسواءً في زمنه ,اوفي الازمنة التي تلت استشهاده وصولاً بيومنا هذا ؟
هذا السؤال ظل يحاصرني منذ طفولتي وأنا اسمعه من هنا وهناك ,وكأنه مطرقة تريد تهشيم سمعي,فجوابي لهم كان بسيطاً ومتواضعاً ولايرتقي لمستوى اقناع لمن يريدون الإقناع بحجة العقل والمنطق,فقد قلت لهم انني احب علي،لأنني شيعي وهو شيعي وهو أمامي وهذا ما وجدت عليه نهج ابائي وأجدادي فهم يجبونه وانا مثلهم،هي نفسها كانت الاجابة فيما يتعلق بقضية الحب الذي أكنه دون تردد للأمام الحسين (ع) لأنه قتل مظلوماً ومنعوا عنه الماء وانتهكوا حرمته عندما قتلوه ومثلوا به وبجثته ,وبجثث اهل بيته وأنصاره,هو جواب غير كافي وليس بشافي للطالبين الحقيقة والاقناع ،فالعاطفة وحدها ليست كافية لإيصال رسالة للطرف الآخرالذي نختلف معه في وجهات النظر والرأي والفكر .
كانت هذه الاجابات وغيرها لأنني كنت اعرف علي في طفولتي من وجهة نظر قاصرة وزاوية محددة وهي زاوية الصراع السني والشيعي ,وان هنالك من يكيد له المؤامرات والدسائس دون ان لا اعرف ولماذا؟ ومع مرور الزمن بدأت اقرأ عن علي ومن مصادر مختلفة ومتنوعة ولكتاب مسلمين ومسيحيين عرب واجانب,علي الذي وقف على مسافة واحدة من الجميع ,ولم يفرق في إغاثته لمن يطلبها منه ولكل مهموم ومغموم,حاضراً للشدائد ناصراً للمصاعب,انه البحر الذي لا ينضب ولا يجف ,فماهي المشكلة الذاتية التي ينطلق منها ذوي النفوس القاصرة والمريضة في بغضهم لعلي ولخطه ؟
فالشعور بالنقص قد يكون حقيقيا وقد يكون وهميا ،ولكنه يدفع الفرد للتعويض عن هذا النقص إما بطريق مباشر أو طريق غير مباشر,أن الفرد إذا فشل في تعويض نقصه بطريقة ناجحة لجأ للتعويض الوهمي كأحلام اليقظة أو توهم المرض,قد يكبت الشعور بالنقص ويتحول إلى عقدة لا يعترف بها الفرد ويكون سلوكه الصادر دفاعا عما يثير فيه الشعور بالنقص قسريا وغير مفهوم مثل العدوان والاستعلاء ،والإسراف في تقدير الذات، والكذب والاستعراض ،والتطرف في كل شيء مما يولد عقدة النقص لدى الطفل إصابته بعاهة بدنية - الفشل المتكرر- تكليفه فوق طاقته - المقارنة بينه وبين أقرانه - إحباط حاجته لتوكيد ذاته ، فقد عرف الباحثين في الشأن النفسي ,ان العقدة النفسية هي مجموعة مركبة من ذكريات وأحداث مكبوتة مشحونة بشحنة انفعالية قوية من الذعر أو الكراهية أو الشعور الخفي بالذنب ,و تنشأ العقد عن : صدمة واحدة ،أو أحداث مؤلمة متكررة ،أو التربية غير الرشيدة في الطفولة التي تسرف في التأثيم أو في التدليل ,فالعقدة استعداد لا شعوري لا يشعر الفرد به وقد تكون ملابساته منسية نسيانا تاما أو جزئيا ،وإنما يشعر الفرد بأثرها على سلوكه الظاهر ومشاعره وتفكيره,وتسمى العقدة باسم الانفعال الغالب عليها مثل عقدة النقص أو عقدة الشعور بالذنب , فعلي لم يراوده اي شعور بالذنب او التقصير بل كان كريماً وسخياً حتى مع قاتله ،وخصومه الذين كان يدعو لهم بحسن العاقبة ,
انها مشكلة العقد الذاتية وجلها نقص وحرمان لعدم وصولهم لمرتبة الشرف مع الامتياز كما وصل اليها علي , فعلي لم يعير لهم اية اهمية فقد ترفع عنهم وسمى عن ممارساتهم الصبيانية الطفولية, التي ارادت طمس معالم نوره وظواهر ماقدمه للبشرية من ألق وإبداع على مختلف الصعد, لقد كانت العقد النفسية غير موجودة اطلاقاً في فكر الامام ولم تجد لها اي موطئ قدم في نفسه العملاقة , فقد تجاوز علي عقدة الرجال لانه صرع وقتل رجالات العرب وشجعانهم في وطيس اشد المعارك منذ ان كان فتى ,فبدر واحد وخيبر،وعمرو بن ود العامري ،ومرحب,وقول السماء عنه (لافتى الاعلي لاسيف الاذو الفقار) وهو من استفدى رسول الله بنفسه ونام في فراشه فهو اول فدائي في تاريخ الانسانية,كلها شواهد ودلائل تشير لمواقفه المتسامية في حب الله,والعلم الذي يتساقط ويفوح من جنبيه فقول الرسول (انا مدينة العلم وعلي بابها ومن اراد المدينة فليأتها من بابها ) وقول علي (سلوني عن طرق السماء، فإنّي أعلم بها من طرق الأرض، سلوني قبل أن تفقدوني، فإنّ بين جنبيَّ علوماً كثيرة كالبحار الزواخر) متجاوزاً مشكلة العشيرة فأبوه سيد البطحاء وكافل الرسول وناصره ،والمصاهرة والزواج ,فزواجه من سيدة نساء العالمين فلذة رسول الله فاطمة الزهراء ام ابيها وولديها ريحانة رسول الله الحسن والحسين عليهم السلام وقول الرسول عنهم (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ،والحسن والحسين امامان ان قاما أوقعدا ) بخلاف ما آلت اليه السلطة لأبن أكلت الأكباد ,حتى ان النبي قال فيه (أنت مني بمنزلة هارون من موسى،إلا أنه لا نبي بعدي) لقد ارتفع الامام من حالة انفردت بها نفسه لظاهرة متجددة تنير الفكر والطريق المظلم ,فلاعقدة في العلم والنسب والحسب,والشجاعة والإمامة والذرية,ولا السلطة والدنيا لانه ينظر اليها بأنها لاتساوي عنده شسع نعل،والنزاهة التي ارتأت ان يكون عنوانها مرادفاً بأسمه ,ورفضه مصافحة الخنوعين والخاضعين ،ومد يده لكل الذين يحملون عناوين الانسانية ,لقد اكتملت فيه اروع المثل العليا للقيم والفضائل الشامخة ,لقد آثر على نفسه الجوع والمتاعب والالام وعاش حياة التقشف حتى يسمع كل رعيته ان القائد يجب ان يعيش الحالة التي يعيشها شعبه ,لقد وقفوا ضده وان تغيرت اشكالهم وصورهم عبر العصورلكنهم متفقين بالعداء ,كل هذه الصفات تدفع بهم لمحاربته والوقوف بحزم ضد فكره المعطاء الذي يرسم حياة بعيدة عن الافق الضيقة تنعم في ظلها مكونات كثيرة يجمعهم, فبعد ماعرضته اجد ان الاجابة بدأت تفي بحقها للطالبين جواباً ,فعلي احببته من العاطفة وانتقلت للتمسك به رغم كل التحديات ,فعرفته فكراً وهاجاً وسلوكاً رائداً ونهجاً متحضراً لأنصهر وأنغمس في رؤاه ومداه الذي لايعرف حداً من الزمن لعطائه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص


.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة




.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر


.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ




.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا