الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لماذا لم تُشكِل الجمعية الوطنية العراقية لجنة دائمة للبيئة ؟
كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
2005 / 5 / 20
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
لا نعتقد بأن سياسياً وطنياً مهتماً بالقضايا التي تعاني منها غالبية الشعب العراقي، وحريصاً بحق، ويسعى جاهداً، بكل إمكاناته، لمعالجتها، لا يدرك خطورة المشاكل البيئية، وأولها التلوث الراهن بشتى أنواع الملوثات الخطيرة، المنتشرة في أرجاء العراق، وضرورة إيجاد الحلول الجادة والعاجلة لها.وهذا ينطبق على قسم كبير من أعضاء الجمعية الوطنية العراقية.. لكننا لسنا مقتنعين بان جميع المشرعين العراقيين الجدد في غنى عن التذكير بأن الملايين التي خرجت لإنتخابهم، متحدية الموت وجرائم الأرهابيين، تطمح، معولة على الجمعية الوطنية، وعلى الحكومة الإنتقالية الجديدة، بإيلاء أهمية إستثنائية لمهمة تحسين البيئة العراقية ومعالجة مشاكلها، وفي مقدمتها التلوث البيئي الراهن، ودرء مخاطره، وإعتبار ذلك مهمة اَنية ملحة، لا تقل عن مهمات مكافحة الأرهاب والجريمة المنظمة، وفرض الأمن، وتوفير الخدمات، وتحسين الواقع المعيشي والصحي للمواطنين..
ولعل ما يعزز فهمنا هذا، هو فشل الجمعية الوطنية في تشكيل لجنة دائمة للبيئة، ضمن اللجان الدائمة الـ 25، التي شكلتها. والمؤلم أنه لم يتقدم احد من أعضاء الجمعية الـ 275 لعضوية لجنة البيئة،الذي لم نجد له تبريراً ولا سبباً مشروعاً، بينما كانت المنافسة بينهم كبيرة على عضوية لجان أخرى، مثل: العلاقات الخارجية، والمالية، والعشائر، وغيرها.. فلماذا ؟!!
ألسنا محقين عندما نصف هذا الموقف، بصراحة، بإنه غير مسؤول، ولا يدلل على حرص تجاه قضايا الشعب الساخنة ؟
أعتقد أن الجواب: أجل ! ولذا أثار الإمتعاض والإستهجان أزاءه لدى الكثير من العراقيين!
والحق إن هذا الموقف اللامسؤول أعطى الحق لمن إتهم، ويتهم بعض السادة أعضاء الجمعية الوطنية الإنتقالية، الذين لم يتحمسوا لتشكيل اللجنة الدائمة للبيئة، بأنهم يعيشون في عالم اَخر، وبعيدين عن مشاكل العراق.. وإلا لما تجاهلوا الواقع البيئي الكارثي الراهن، الذي يعيشه شعبنا، وأول ضحاياه هم براعم حاضره ومستقبله!.. ولما أغمضوا أعينهم عن تركة ثقيلة جداً، وبالغة الخطورة، وهي مزمنة وعمرها عقود من الزمن، خلفها للشعب المقهور نظام البعث الفاشي المقبور، وسياساته الرعناء، وحروبه العدوانية العبثية، الداخلية والخارجية، وجرائمه النكراء، ومنها إهماله المتعمد للبيئة العراقية، وتركه لمشاكلها القاتلة دون معالجة، وهو المسؤول الأول والرئيس عن تفاقمها !..
أية مسؤولية هذه ان لا تحضى المعضلات البيئية في العراق، في العهد الجديد، ومن قبل مشرعيه الجدد، بما تستحق من إهتمام، وأقله تشكيل لجنة دائمة لها ضمن اللجان الدائمة للجمعية الوطنية، تأخذ على عاتقها دراسة الواقع البيئي الراهن، ووضع المعالجات الفاعلة لتحسينه، وحماية البيئة بتشريعات قانونية، يكفلها الدستور الدائم ؟.. وإلا ، فأين أصبحت الوعود للناخبين بمعالجة وحل كافة مشاكل المجتمع العراقي الراهنة؟..أم أنها كانت مجرد وعود إنتخابية ؟!!
حيال هذا، قد يكون من المفيد ان نذكر من يعنيهم الأمر بأن إعادة إعمار العراق، وعملية بنائه، وتنميته، التي وعدت جميع القوائم،أثناء الحملة الإنتخابية، بالعمل من أجلها، تتطلب قدرات بشرية هائلة،وهذه القدرات لا يمكن ان تتوفر، وتحقق المطلوب، في ظل إنتشار التلوث البيئي والعلل المرضية الناجمة عنه.فإذا كان الحق بالصحة يأتي بعد الحق بالحياة من حيث الأهمية في قائمة حقوق الإنسان الطويلة، فإنه لا يمكن ضمان الحياة والصحة، والحفاظ عليهما، في بيئة ملوثة، وإنما العكس- هما مرتبطان عضوياً ومشروطان بتوفر البيئة النظيفة والصحية. وعند توفر الصحة بعد ولادة الكائن الحي- الإنسان، وضمان نشأته نشئة سليمة، في بيئة صحية،عندئذ تتوفر أهم شروط التنمية البشرية، وقدراتها الخلاقة..
نشير الى هذه البديهيات والعراق الجريح ما أنفك ينفرد بمحنة لا نظير لها في دول العالم، ألا وهي إستمرار تعرض أبناءه وبناته الى الإشعاع منذ 14 عاماً ولحد اليوم. وهذا ما أكدته قياسات ودراسات إشعاعية علمية ميدانية، دولية وعراقية، أشرنا إليها سابقاً.وعدا هذا يعيش الشعب العراقي برمته، منذ ثلاثة عقود، في بيئة ملوثة بسموم مختلف الملوثات البيئية، وبدرجة خطيرة، بحيث لن تقتصر اَثارها على الجيل الحالي، بل وستنتقل الى الأجيال القادمة.. والقاصي والداني يشهد أطلال الخراب البيئي ومعالم التدهور الصحي القائم حالياً في العراق.
فلابد،أزاء هذا الواقع المزري، ان يدرك جميع المعنيين، وفي المقدمة حكام العراق الجدد، بأن من يريد الخير للشعب العراقي حقاً وفعلاً،وليس بالكلام فقط، عليه ان يسعى جدياً الى تضميد جراحه المثخنة، ويعجل بمعالجة مشاكله الراهنة،الآنية والملحة، وفي مقدمتها المعضلات البيئية الساخنة. وأول الخطوات على هذا الطريق هو تشكيل اللجنة الدائمة للبيئة في الجمعية الوطنية للنهوض بالمهمات المطلوبة منها. ولا ينبغي ان يغيب عن البال أن اللجنة لن تفلح بتحقيق مهماتها، بدون الإستعانة بالكوادر العلمية المتخصصة، من ذوي الكفاءة والخبرة في هذا المجال، من داخل الجمعية الوطنية- إن وجدوا- ومن خارجها، وبالإعتماد على وزارة البيئة ومؤسساتها وكوادرها العلمية المتخصصة، وبالتنسيق والتعاون مع وزارات: الصحة، العلوم والتكنولوجيا، الصناعة والمعادن،الزراعة،التعليم العالي والبحث العلمي، العدل، التربية، وبدعم الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني المعنية، ووسائل الإعلام العراقية، وغيرها. والجميع مدعو للمشاركة الفاعلة في دعم وإسناد جهود وزارة البيئة في دراسة المشاكل البيئية القائمة ووضع الحلول الناجعة لها،بعد توفير الميزانية المطلوبة، والمعدات والكوادر العلمية والفنية اللازمة لها، وإصدار قانون جديد للبيئة، وتضمين الدستور الدائم المرتقب نصوصاً تشريعية تضمن المحافظة على سلامة البيئة، وتحسينها بإضطراد، وتحقيق التنمية البشرية المستدامة، ومحاسبة المسيئين، والمخالفين، وكذلك المقصرين بحق البيئة، بإشراف ومراقبة السلطة التشريعية..
وكل هذا- برأينا- واجب أساسي من واجبات الجمعية الوطنية، والحكومة الإنتقالية،يتعين أن تقوما به حالاً، وهما ملزمتان به تجاه الناخبين، والمواطنين، والمجتمع العراقي، وليس منة منهما !
--------
*د. كاظم المقدادي- طبيب وباحث بشؤون البيئة،عراقي مقيم في السويد
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا