الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمن القومي الامريكي ، والحرب على سوريا ! ماذا يعني ؟

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2013 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تتصدر عناوين وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة هذه الايام نبأ الضربة الامريكية الوشيكة على سوريا، بذريعة استخدام النظام السوري أسلحة كيمياوية ضد شعبه ومواطنيه العزل.
إن إستخدام هذه الاسلحة الفتاكة من قبل أية دولة أو أية جهة ولأي سبب كان، هي جريمة بحق الانسانية يجب أن لا تمر دون عقاب وردع ، كما سبق وأفلت منها النظام البعثي في العراق أثناء استخدامه لهذه الاسلحة ضد الشعب الكردي في مدينة حلبجة خلال الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي حيث كانت مصالح أمريكا آنذاك لا تقتضي معاقبة الجناة كما هو الحال اليوم !!
الاسلحة الكيمياوية التي ثَبُتَ استخدامها في سوريا ولم تُثبِت الجهة التي استخدمتها لحد الآن، لا يمكن تبرئة ساحة أية جهة من جهتي الصراع من إستخدامها لهذه الاسلحة ، فالنظام السوري ظل يمارس القتل بحق جماهير سوريا منذ أكثر من عامين، والمعارضة المسلحة السورية كذلك ،بشقيها الاسلامي الارهابي أو ما يسمى باليبرالي ،لا يُستبعد قيامهما بهذه المذبحة المروعة خدمة لأهدافهما، فسجل كلا الطرفين مليء بالتجاوز على أبسط حقوق الانسان.
ألازمة السورية الآن لم تَعد أزمة داخلية فحسب، بل أزمة إقليمية ودولية كذلك ، اللاعبون الأساسيون فيها على الصعيد الاقليمي ( تركيا – السعودية – قطر من جهة و إيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى ) أما الدوليون ( أمريكا وحليفاتها الغربية من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية ) بحيث باتت سوريا ميدانا مفتوحا للتصادم بين هذه الدول حيث تدفع الجماهير ثمن ذلك.
بعد أن هدد أوباما بالعقاب الصارم إذا ما تجاوز النظام السوري الخطوط الحمراء، أي باستخدامه الاسلحة الكيماوية ، وضع نفسه في موقف لايُحسَد عليه ! فالمآسي التي خلقتها أمريكا في أفغانستان والعراق بعد إندحارها المذل هناك، وما آلت اليه الاوضاع السياسية والامنية في هذين البلدين، من ثم التدخل العسكري في ليبيا ونتائجه ، دفعت بأقرب حلفاء أمريكا أي بريطانيا ،الى الخروج من سفينة التحالف، وتحت ضغط شعبي بالطبع ، مما دفع بالأخير الى البحث عن حليف وحلفاء آخرين ولا يزال البحث جارٍ حتى هذه اللحظة .
إن التغيير الحاصل في موازين القوى على الصعيد الدولي لا يحتاج الى جهد لمعرفته، فظهور قوى اقتصادية عملاقة كالصين والهند والبرازيل على سبيل المثال وما يرافق ذلك من تطور على الصعيد العسكري والسياسي وكذلك حلم روسيا باسترجاع موقعها السابق إبان العهد السوفيتي أصبح جليا للعيان، نفس التغيير على الصعيد الاقليمي بدأّ من تونس ومصر وليبيا واليمن ولبنان والعراق ، مع محاولات ايران لامتلاك السلاح النووي ومخاوف دول المنطقة وفي مقدمتها إسرائيل، أوجد حالة من الارتباك لدي أمريكا وحليفاتها بحيث أخل بالتوازن المطلوب لديهم وزعزع ثقة الحلفاء بأمريكا باعتبارها القوة الاولى المهيمنة عالميا على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري ، وفوق كل هذا وذاك ما تعانيه أمريكا من تدهور في الاوضاع الاقتصادية حاليا . إذاً لا بد لامريكا والحالة هذه من القيام بعمل يعيد لها اعتبارها اقليميا ودوليا ويعيد التوازن الى الميزان المختل وهذا هو بالضبط ما تقصده أمريكا من تهديد لامنها القومي. جاءت سوريا لتكون كبش الفداء لهذه السياسة الامريكية القذرة وبمباركة وتأييد معظم الدول العربية والمعارضة السورية ومن يسير معهم في الدرب ذاته دون أي إكتراث لما تخلفه هذه السياسة من تعميق لجراح الشعب في سوريا وما تلحقه من دمار في بلد هو مدمر أصلاً!! إن من يؤيد هذه الضربة وتلك السياسة يجد نفسه ،شاء أم أبى، في الخندق المعادي لأماني الشعب السوري الذي يتطلع الى إقامة دولة تسودها الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ، تلك الاهداف التي ضحى ويضحى من أجلها منذ أن بدأ انتفاضته ضد الحكم الدكتاتوري القائم في سوريا.
تريد أمريكا من هذه الضربة أن تُثبت من جديد بأنها شرطي العالم وإنها إذا أرادت فعل جريمة كهذه لا تحتاج حتى الى الامم المتحدة لتوفير الغطاء اللازم .
هدف أمريكا من هذه الضربة ، بالاضافة الى ردع النظام السوري وما تدعية كذباً وبهتاناً بانها تدافع عن "حقوق الانسان " هو توجيه رسالة قوية لايران بأن أمريكا يمكنها ان تَخنُق أحلام الجمهورية الاسلامية في امتلاك السلاح النووي وبالتالي تهديد أمن إسرائيل وحلفاء أمريكا في المنطقة.
أما الوجهة الاخرى لهذه السياسية فهي إضعاف النظام السوري عسكريا والحد من قدراته الجوية وهوما يوفر غطاء للمعارضة المسلحة ودعما مباشراً لها ومن ضمن هذه المعارضة الاسلاميون وهم الاقوى عسكريا بين فصائل المقاومة ما يؤدي بالتالي الى تقويتها عسكريا في منطقة مشتعلة أصلاً حيث الحرب الطائفية على الابواب ونُذر شرها بات لا يقبل الجدل، فإيران وحزب الله اللبناني والسلطة الطائفية في العراق والحراك الجماهيري ذي الصبغة الطائفية في البحرين والحوثيون في اليمن والشيعة في دول الخليج بالاخص في السعودية من جهة ، وتنظيمات القاعدة والسائرون في ركبها في المشرق العربي ومغربه وبمساندة مالية وسياسية من قطر والسعودية وتركيا من الجهة الاخرى جعلوا من المنطقة برميلا من البارود قابل للانفجار في أية لحظة .
بعيدا عن تفسير الوقائع بالمؤامرة ، فإن هذه الصورة توحي بأن أمريكا من مصلحتها إشعال حرب طائفية كهذه بأعتبار الاجنحة العسكرية ،على أقل تقدير، لطرفي النزاع هم من ألد أعدائها فما العيب في أن يتقاتل الأعداء!
هنا لا بد ولومن إشارة عابرة الى الغياب شبه التام للقوى اليسارية بمجملها لما يجري من أحداث في المنطقة وهو ما وفّر للقوى الرجعية أرضية خصبة يمكن من خلالها أن تلعب وفق متطلبات أهدافها والعبث بمصير الملايين من البشر وتلحق أفدح الأضرار حتى بالأجيال القادمة.
6 / سبتمبر / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا