الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة الحالة المصرية 3

بدرالدين حسن علي

2013 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مناقشة للحالة المصرية 3

لماذا سقط الإخوان؟
إن سقوط الإخوان المسلمين او بمعنى آخر عزل الرئيس السابق محمد مرسي كان مفاجئا للبعض من أصحاب النظريات الجامدة والتي تنظر للأمور من جهة واحدة ، ولا تثق مطلقا في الحراك الشعبي ، كان سقوط الأخوان بمثابة نتيجة منطقية بسبب طبيعة تكوينهم السياسي والتنظيمي والأيديولوجي ، وذلك على عكس ما يروج له الإخوان من حديث عن المظلومية الأبدية التي تلحق بهم ، إضافةً إلى محاولة تصوير سقوطهم كنتيجة لمؤامرة فلولية وانقلاب عسكري أطاح بهم وليس الإرادة الشعبية كما الكثير من الترهات التي تروج لها وسائل الإعلام الأمريكية.
تنظيم الإخوان المسلمين عبارة عن طائفة دينية واجتماعية مغلقة تتبنى تصورات سلطوية حول الجماعة كراعية وحافظة للهوية الإسلامية ليس في مصر وحدها بل في العالم ، وهذا ما يمكن قراءته في الكثير من الكتب التي صدرت مؤخرا ، خاصة كتاب ثروت الخرباوي " سر المعبد " ، والتي تحتاج إلى التنزيل السلطوي عبر جهاز الدولة المركزية الحديثة لتضمن أداء دورها على أمثل وجه ، كما أن التنظيم يتبنى سياسات اقتصادية واجتماعية يمينية محافظة ، طبعا إلى جانب الأخطاء التي يمكن أن ترتكب ، ولذلك لا يمكن الإشارة لهم كقوة تغيير بأي معنى من المعاني.
وعلى الرغم من تحالفهم مراراً مع العديد من القوى الثورية عبر مراحل الثورة المختلفة وعلى سبيل المثال لا الحصر : أثناء إنتفاضة الـ18 يوماً التي أدت إلى تنحي مبارك وأثناء المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2012 ، إلا أن حركة الإخوان ظلت دائماً بعيدة عن كل آفاق التغيير الديمقراطي السياسي والاقتصادي، وتجلى هذا عبر عدة محطات مهمة من ضمنها: الدستور السلطوي العسكري، والسياسات والتشريعات التي أعدتها حكومة الرئيس مرسي ومجلس الشورى الإخواني والإستعجال في أخونة الدولة ، تلك السياسات والتشريعات المراد منها تقييد حرية التظاهر والجمعيات الأهلية والإعلام وتداول المعلومات والنقابات العمالية وملاحقة الناشطين السياسيين قضائياً وأمنياً ، إضافة إلى محاولة وضع أنصار الحركة والأتباع داخل مواقع السلطة التنفيذية والإدارية والقضائية أضف إلى كل ذلك مسألة توزيع ”الغنائم“ وهو ركن أساسي في منهج عمل أي طائفة سياسية واجتماعية ، و الاستمرار في سياسات رأسمالية المحاسيب والاقتراض والريع دون أدنى اكتراث بقضايا الإصلاح الإقتصادي ، ناهيك عن التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، وأخيراً ممارسات التحريض الطائفي والمذهبي والعنف ضد الخصوم السياسيين، والتي أوجدت حالة من الصراع والإقتتال السياسي والاستقطاب المستمر.
من جهة أخرى حاول الإخوان مسايرة قوى النظام القديم ومؤسساته ، ومن المثير للسخرية أن يتحدث الإخوان عن مخاطر حكم العسكر بينما شاركوا هم جنباً إلى جنب مع العسكر في تخطيط المرحلة الانتقالية ، بل إنهم قاموا بـ”شيطنة“ الحركات الاحتجاجية التي قامت ضد حكم المجلس العسكري ، حتى إنهم انحازوا للمجلس العسكري أثناء قمعه للثوار في مذابح ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، كلها وقعت بين سبتمبر وديسمبر2011، كما ضمن الإخوان للمؤسسة العسكرية كل ما تريده من إمتيازات وحصانة من مراقبة المؤسسات المدنية، ومواقع تتحكم في شؤون الأمن القومي والإستراتيجية وذلك من خلال الدستور العسكري- الإخواني، الذي شهد إختلالاً واضحاً في القوى والعلاقات المدنية العسكرية لصالح المؤسسة العسكرية.
رفض الإخوان أيضاً وبإصرار المضي قدماً في أي من مشاريع العدالة الانتقالية ومشاريع إعادة هيكلة أجهزة الشرطة ومحاسبتها، سواء كان ذلك في فترة مجلس الشعب المنحل أو في عهد حكم الرئيس مرسي ، بل على العكس من ذلك فقد قاموا بتكريم قيادات الشرطة والمجلس العسكري ومضاعفة ميزانية كلا المؤسستين ، وأخيراً حاولت حكومة الإخوان مراراً وتكراراً التصالح مع الرأسمالية الموروثة من عصر مبارك قانونياً وسياسياً.
وبالرغم من ذلك فقد فشلت محاولات الإخوان في بناء تحالف يميني اجتماعي حاكم، مما ساهم في فض الدولة القديمة من حولهم أمام الانتفاضة الشعبية التي شهدها الـ 30 من يونيو. ويعود هذا الفشل إلى عاملين. الأول: نقص الكفاءة لدى الأخوان، إضافة إلى قدراتهم الضعيفة على بناء التحالفات السياسية، حتى حول المسائل التي قد تكون هناك مساحات إتفاق حولها. على سبيل المثال، كتابة الدستور وتشكيل الحكومات والتحالفات الانتخابية. لكن العامل الأهم في كل ذلك هو أن تكوين الإخوان كطائفة دينية واجتماعية مغلقة، لا تفتح بابها للآخرين ”كزبائن“ محتملين، يثير الشك والريبة والتوجس عند الشركاء المحتملين داخل الدولة القديمة ، والمقصود بهؤلاء الشركاء، الجيش والشرطة والقضاء والبيروقراطية، وهي أجهزة محملة أصلاً بعداء قديم للإسلام السياسي ، كما أن هذه الأجهزة تتميز باختلاف كبير في تصوراتها مقارنة بالإخوان حول ”المصلحة الوطنية“ و”رؤية العالم“ و"الأمن القومي المصري". ولم يدخر الإخوان وسعاً في إثارة مخاوف مؤسسات الدولة القديمة وهي ترى مؤسسة الرئاسة تغض الطرف عن حوادث العنف والتخريب والإرهاب التي تقوم بها جماعات محسوبة على التيار الإسلامي -قاعدة التأييد الأساسية لسلطة الإخوان- في سيناء بالإضافة إلى العنف والتحريض الطائفي واستهداف الشيعة والإقباط على يد منتسبين إلى التيارات الإسلامية بشكل يهدد بإثارة عنف أهلي واسع وهو خط أحمر بالنسبة لمؤسسات الدولة القديمة ، وبهذا تفشل محاولة الإخوان بأن يصبحوا الطبقة السياسية الجديدة القادرة على توحيد تحالف مؤسسات الدولة الحاكمة ، بل تكون هذه المحاولات أقرب منها إلى محاولات استتباع هذه المؤسسات والسيطرة عليها بدلاً من أن تكون هناك تفاهمات مشتركة معها ، على سبيل المثال النزاع بين الإخوان والمؤسسة القضائية، وغني عن القول إن أجندة الإصلاح والتطهير الحكومي أصبحت غير مطروحة أصلاً ، فما نراه على الساحة ليس أكثر من محاولات إخوانية للتغيير، عبر اختراق المؤسسات القديمة أو خلق هياكل جديدة موازية ، وهو ما يراه الآخرون (عن حق) ليس أكثر من تمكين للإخوان ، ولهذا فقط انفضت الدولة القديمة من حول الإخوان ، ولا يأتي هذا الانقلاب بسبب كراهيتهم للمشروع الإخواني الإصلاحي التغييري، كما يدعي الإخوان، بل بسبب عجز الإخوان عن إعادة تأسيس الاستبداد بشكل كفء وفعال وبالتراضي مع الآخرين والشركاء المحتملين في الدولة القديمة وبرغم كل بروباجندا الإخوان حول "الدولة العميقة" المعادية لهم فقد خانهم التقدير في القراءة الصحيحة لموازين القوى بين الجانبين من ناحية ومتطلبات التعاون والشراكة مع هذه الدولة ، كما أنه قد ثبت أن مخاوف القوى المدنية من الدولة الإخوانية الدينية قد بالغت في تقدير قدرات جماعة الإخوان السياسية والمؤسسية والمادية والتنظيمية على إختطاف الدولة المصرية وأخونتها، كما أن هذه المخاوف لم تعِ قوة مؤسسات الدولة السلطوية المصرية وتشابك مصالحها وتربيطاتها العصية على الإختراق أو التطويع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا