الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل مخبري لطائفية الثورة في سوريا

احمد عسيلي

2013 / 9 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تحليل مخبري لطائفية الثورة في سوريا
تعاني معظم مصطلحات العلوم الاجتماعية و السياسية من حالة فضفاضة و غير محددة مما يسمح باستخدامها بشكل عشوائي و متناقض احيانا على عكس الكثير من المصطلحات العلمية ذات التعريف الدقيق الذي لا يسمح للمصطلح بالاستخدام الا ضمن شروط معروفة لجميع المختصين في نفس المجال العلمي....و منذ انطلاق الثورة السورية حاول النظام وصفها بكل الصفات ذات المعاني السيئة مستفيد من هذه الحالة غير اللاجمة لاستخدام المصطلح من ارهابية و تكفيرية و طائفية...و جرى لاحقا اختراع مصطلحات جديدة كمصطلح عرعوري اي يتبنى افكار العرعور ....بالطبع هناك العديد من الكلمات الاخرى التي دحلت قاموس اللغة السورية السائدة و المستمدة من الواقع الجديد الذي يعيشه الشعب السوري سواء التي استخدمها نظام الاسد ضد المعارضين او العكس....و ظهر اثر ذلك كم هائل من الكلمات التي اصبحت مميزة للحالة السورية مثل منحبكجي و شبيح و عميل صهويوامريكي و بندري و غير ذلك....و ما يهمني هنا هو محاولة تفسير او تشريح لاكثر التهم التي تبناها النظام و مجموعة المرددين لاقواله و بنى على هذه التهمة هويته و شعاراته....اي تهمة طائفية الثورة السورية و انها لم تقم من اجل الحرية و الكرامة بل قامت فقط لاستهداف الوجود العلوي في السلطة.....
و سأحاول ان احلل طائفية الثورة تحليل مشابه للاسلوب العلمي و تحديدا الطبي- كوني طبيب- عسى ان نساهم في تحديد استخدام الكلمات بالشكل العشوائي المعتاد
و للنطلق في هذا التحليل البسيط جدا و المختصر جدا من فرضية ربما لا يختلف احد عليها و هي تشبيه الطائفية التي تصيب المجتمعات بالمرض الفيروسي......وقد شبهتها بالمرض الفيروسي تحديدا لان الفيروس في معظمه كالطائفية كائن ضعيف جدا و يمكن القضاء عليه بسهولة الا اذا دخل الجسم من خلال ضعف البنية الجسدية او عدم توفير الحماية الكافية له.....و رغم ضعفه فانه اذا دخل الجسد يمكن ان يحطمه كله و يودي به الى الهلاك.....و هذا تماما حال الطائفية مع المجتمعات و الدول....فهي لا تصيب المجتمعات و الدول المتماسكة و القوية....و هي ضعيفة جدا و يمكن القضاء عليها بسهولة طالما لم تصب المجتمعات بعد....لكنها تدمر كل المجتمعات اذا اصابته و فتكت به
اذن يمكن القول ان هذا التشبيه له اساس علمي و اجتماعي......و السؤال....متى نقول عن حالة او عرض ما يصيب الجسد ان سببه فيروسي؟
نستطيع اعطاء هذا الحكم بتوفر شرطين
1- اصابة الجسد بهذا المرض لا تحدث الا بوجود هذا الفيروس
2- القضاء على هذا الفيروس سيؤدي حتما الى الشفاء من هذا المرض
هذا التلازم هو الذي يسمح لنا بالقول ان المرض سببه فيروسي و ان نحدد الفيروس المسؤول
و ابسط مثال على ذلك هو فيروس الزكام.....فكلنا يعرف اعراض الزكام و يستطيع بثقة ان يقول ان سبب هذه الاعراض هو وجود فيروس الزكام لدى المريض.....و ان القضاء على هذا الفيروس سيؤدي الى شفاء المريض
ولنعد الى سؤال المقالة الرئيسي........هل الثورة السورية ثورة طائفية؟؟؟؟ اي هل تحقق بها هذين الشرطين و هما
1- الثورة السورية سببها وجود اقلية حاكمة علوية في السلطة (اي السبب طائفي)
2- لو ان نظام الحكم لم يكن ذو صبغة علوية (اي لا يوجد سبب طائفي ) لما قامت الثورة
و كي نبين مدى صحة هاتين الفرضيتين اي وجود هذا التلازم و الذي يسمح لنا بالقول ان الثورة السورية ثورة طائفية يجب ان نتذكر الحقائق التالية
1- جاءت الثورة السورية ضمن ما اطلق عليه ثورات الربيع العربي و عقب ثورتي تونس و مصر....و بشعاراتها نفسها (الشعب يريد اسقاط النظام) و ضمن حالة عربية عامة لم تكن تستهدف اي طائفة او اثنية معينة.....بل جاءت هذه الموجة لبناء قيم المواطنة و حقوق الانسان......طبعا تعرض الكثير من هذه القيم للتراجع و الخفوت و هذه طبيعة كل الحركات الثورية في التاريخ في ان يلحقها ثورة مضادة....لكن ليس هذا موضوعنا و انما ما يهمنا هو الطابع الاساسي الذي جائت الثورة السورية في سياقه و اعطاها هويته....و هي الكرامة و الحرية....و اذا استحضرنا موجات الربيع العربي في اوائل عام 2011 نتذكر انه حتى الشباب اللبناني خرج ضمن سياق الربيع العربي مناديا بالغاء الطائفية السياسية ....اي ان الجو العام و الذي انطلقت منه الثورة السورية لم يكن جو طائفي ابدا
2- المناطق الاولى التي انطلقت منها شرارات الثورة و كانت فعالة جدا في الحراك الثوري كانت مناطق معروفة بولائها للنظام و قبولها سابقا لنظام الحكم بطبيعته الطائفية.....اي لم يكن لديهم اي حساسية للوجود العلوي في السلطة.....فمدينة درعا و هي مهد الثورة فيها العديد من الضباط و المسؤولين الذي خدموا في صفوف النظام.....و لم يكونوا هؤلاء المسؤولين منبوذين من مجتمعاتهم حتى انطلاق الثورة السورية.....كذلك مدينة الرستن و كفرنبل.....بل ان قرية الموحسن كانت معروفة سابقا بموسكو الصغرى نتيجة التواجد الشيوعي القوي فيها.....اي كان الجو العام في الموحسن و التي تعرضت لاعنف ضربات الجو من قبل النظام جو يساري و ليس اسلامي او سني متطرف....و من هذه المدن و البلدات خرجت الثورة السورية
هاتين الحقيتين تثبت ان الثورة لم تقم بدافع طائفي و انما بدافع البؤس و الفساد و تحكم اجهزة الامن بحياة السوريين
اما بخصوص الشرط الثاني فهو
- لو ان النظام لم يكن علويا لما قامت الثورة السورية
و طبعا هذا الشرط وضوحه صارخ جدا...لان كل الدول التي كانت تعيش شروط مشابهة للحالة السورية قد نشبت فيها ثورات دون اعتبار لاي ناحية طائفية......فكل الدول التي قامت بها الثورات كانت دول تستعد لتوريث الحكم ( احنا تورث و مشي الحال) و فيها طبقة حاكمة تسيطر على رقاب الناس منذ عشرات السنين و تتحكم بمصادر الثروة و الغنى و تحرم بها بقية المواطنين......و هي نفس الحالة السورية و بالتالي فمن المنطقي جدا ان تنطلق ثورة في وسوريا حتى لو كان النظام من الطائفة السنية كما كان مبارك و القذافي و بن علي
اذن و بناء على تسليمنا بأن الطائفية هي فيروس يصيب المجتمعات و حسب الشروط العلمية لاستخدام صفة المرض الفيروسي على الحالة المرضية......نستطيع القول و بكل ثقة ان الثورة السورية ليست ثورة طائفية.....
في النهاية علي ان اعترف ان هناك الكثر من الحقائق التي افترضت صحتها رغم اختلافي معها و منها مثلا ان النظام في يد الطائفة العلوية و هو كلام اعتقد ان به الكثير من سوء التقدير و رغم تحفظي على الكثير مما قلته لكن هدفي من هذه المقالة هو فقط تحديد لمصطلح الطائفية من اجل تحديد استخدامها ضد الثورة السورية...و بالتالي كان وجبا علي الاتفاق حول الكثير من النقاط التي يروجها مؤيدي الاسد كي نصل الى نتيجة حول استخدام هذا المصطلح فقط.....اما بقية الحقائق فاتمنى ان اناقشها لاحقا لانها ايضا على درجة كبيرة من الاهمية و قد تعرضت ايضا كمصطلح الطائفية لكثير من سوء الفهم........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي