الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيمياء العدوان

سعيدي المولودي

2013 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كيمياء العدوان
ليس غريبا أو استثنائيا ما تتداوله وتتناقله الآليات الإعلامية المتباينة اليوم، من أن أمريكا على شفا إعلان الحرب على سوريا، فذلك أمر طبيعي بالنظر إلى تاريخ أمريكا الدموي، وإسهاماتها العديدة في تدمير العالم وخراب الأمم، وما راكمته في هذا الباب من رصيد حروب وضحايا ومآسي هوجاء، فهي ذات عراقة مذهلة في رسم خرائط القتل وإشاعة الرعب واستباحة دماء الشعوب.والأصوات التي كانت ترفع في وجهها الأسود شعار "عدوة الشعوب" هي في الواقع مظهر التعبير القوي عن حقيقتها وجوهر مراميها الإستراتيجية السياسية والاقتصادية التي لا ترى طريقا لها غير العدوان وإغراق العالم في دوامات من الأهوال متجددة، واستنزاف طاقات وقدرات الشعوب التواقة للحرية والأمن والسلام، فأبرز أهداف أمريكا الراسخة: تحويل العالم إلى مقبرة وكل أقانيمه إلى أنقاض دارسات.
والوقائع المتتالية التي شهدها العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تعضد بسطوع الصورة الأبدية القاتمة لأمريكا كوحش أسطوري، يغطي على هدوء الكون الأعزل وسكينته وينشر ظله العائمُ حقول الرعب المستطير في كل زواياه وأركانه القريبة والقصية، وينقش ألوانا من الضراوات الفائرة بالقرب من العتبات والأبواب الندية، ويفتح النار في كل الاتجاهات ليجعل من كل الخلوات والمدائن الآهلة والفلوات
الخالدة فريسة مفتوحة على كل الآلام وقسوة الأوجاع.
كل قطرة دم تراق في هذا العالم تقف وراءها، أمامها، يد أمريكا المثقلة بالأحقاد والآثام والشرور الملطخة بالخطايا، المسكونة بالسعار والعار والرغبة السحيقة في القتل والسفاح وسفك الدماء، ونحن في غنى تماما عن استعراض حلقات وأشواط التاريخ الدموي الرهيب لها، فهو تاريخ عريق ولا أول له ولا آخر، ولن يكون الأسود "أوباما" أقل عدوانية أو شراسة من جورج بوش أو نجله الجلف، ومن سبقهم من حكام أمريكا الطغاة الدمويين.ومأساة/ملهاة العراق ما تزال مشاهدها شاخصة أمامنا، والذين ضحكوا من رعبها يتقدمون الآن ليسقطوا في قاع المرآة الخادعة ذاتها. لقد وقع العالم بقَضَضه والقضيض في رجفة الادعاءات الأمريكية السخيفة وخيالاتها الضريرة التي كانت السند الحاسم لغزو العراق، وقد أفصح الصبح وأشرقت شمس الطباع، ومع ذلك تعود أمريكا لنقطة الانطلاق ذاتها متمادية في غي هيجانها العاصف تلتف بملاءات مزاعم عمياء تتدفق معها شراستها من أجل غزو سوريا والانقضاض عليها، ومحوها من برج التضاريس وعش الأرض.
المفارقة المثيرة، الصادمة، هي أن أمريكا لا تألو جهودها في التغني بالفضائل والقيم الإنسانية الرائدة، وتقديم قرابين من أجل ألا يسقط وجهها، لكنها بالملموس لا تولي أي اعتبار، ولو عابر، لهذه القيم ، إذ هي على العكس من ذلك، تكرس باستمرار وبأشكال متقلبة ومتعددة حشودا من الرذائل و الممارسات الدنيئة واللاأخلاقية، وسجل التاريخ حافل بسيل من هذه النماذج، وهي أقوى برهان على إرادة المنطق الهمجي المتوحش واللاإنساني الذي تتسلح به أمريكا لتصنع مجدها الخائب، ولنتذكر، لعل الذكرى تنفع رهط المؤمنين من أهل النفط، ويلاتها وحروبها الغاشمة في كل أركان المعمور وآليات الدمار التي اعتمدتها من أجل أن تثأر لوحشيتها وتظهر أبدا أنها القوة التي لا تقهر، وأن كلمتها هي العلياء.
ورغم هذا، فإن أمريكا لاتعدم كلابا وفية تهتف بصوتها، وتحلم حلمها البغيض، وتراهن على هذيانها وجنونها، وتلبس درعها حتى آخر القطرات، وتعلن لها دورة القياد والولاء العقيم. وفي العالم العراء(بي) تقف إمارات النفط الجاهلة، المرقطة بصمغ الصحراء و معدن الغباء وراء كل العواء الأمريكي، وترصد تبعيتها السوداء لكل خططه المسعورة التي تستهدف نشر لحظات الموت الأليم، وتصفق بأياديها الميتة الباردة لكي تتقدم الجيوش الأمريكية وفلول المرتزقة القادمين من كل الأحداب والأصواب، لتزرع الرعب والقتل في أفواه الرمال وتشعل النار في كل الجريد.. هذا ما جناه النفط علينا: ملوك براميل بيادق يبنون تاريخهم الأسود على النهب والقتل والأطماع الرخيصة والعهارة السياسية وثقافة الحداد وقراءة الختمات على القبور.
مؤكد أن الدجل الأمريكي ينفذ إلى أعماق المغفلين وسماسرة الحروب والويلات، ويسيل لعاب الأنظمة العراء(بية) المغفلة التي تحيا على مياه النفط الرائقة وتنام على ظهر شعوب مقهورة ترسم طريقها في برية الأشواك، وتترقب الجنون الأمريكي الذي يرعى عالما من المجازر ويتقدم أتون الحرب.. حتى جامعة "الدمى العربية" بدت كما لو كانت تترقب الطريدة، وكأن أمريكا تصطاد وتعطي لصغارها الجبناء، التأمت في زريبة النفط لتحتفظ في جيوبها ببذرات الخيانات والخذلان، وعلت أصداء نباحها في قشات الخلاء لتعلن أنها ربيبة النزوات الأمريكية وأن الحرب طريقها إلى ميلاد ممالك من دفق نفطي، تولد من جماجم الموتى، وتتقدم نحو العماء، والمصير المجهول. وبصلافة غير منتظرة يؤكد "نبيلها" أنه لا يعرف غير النبل الأمريكي القذر ملاذا، ويضع يده المأجورة على الزناد الأسود المستورد المدسوس في لغته.
والجيَشانُ والاندفاع الفرنسي والإنجليزي، نحو الانخراط الطفولي الأعمى في طقوس عرس الدم الذي تعد له أمريكا، لا يبدو غريبا، لأن الطبيعة العدوانية الاستعمارية لفرنسا وبريطانيا مازالت تورق في تاريخهما المظلم، وفي مثل هذا العقد من القرن الماضي، وكأن التاريخ يعيد مخازيه ومآسيه،كان تواطؤهما الصارخ لتوزيع مناطق نفوذهما في العالم العراء(بي)، الغنيمة الهادئة، وكان لهما المراد، وهاهما تعانقان المنطق الاستعماري ذاته لتقطفا الثمار وتستعيدا عجاج الهيمنة والتحكم في خيرات الشعوب، وتتراءى الحرب لهما وكأنها عودة من مهرجان تسليات ومسليات، أو حفلة سمر ماجنة. وقد كشف "هولاند" الفرنسي بكل ضراوته عن حس استعماري نابوليوني متوقد، وعن حنين جارف للاستعباد واستعادة إمبراطوريات ما وراء البحار..أما الرجل المريض الذي كان مستنقع وقائع أوائل القرن العشرين فقد تعافى وأطل على الحياة مندفعا، متأبطا حشائشه المريرة، ليوهمنا المرجب الخبيث " أردوغان" أنه بدر التمام ، وتهتف له جوقة الشرف الضائع المستباح: أدام الله إجلال أردوغان العثماني.
***
من باب الفضول أو الصدفة أتفرس الملامح العميقة لأوباما، وأكاد أقرأ في قسماته ولونه الشبه القادم من ابن لادن.. فالهد يخلق من الشبه الإرهابي أربعين.والإرهابيون "جنود مجندة"، ولا فرق بين ابن لادن وأوباما،( فما تعارف منهما ائتلف وما تناكر اختلف.)
***
تغريني ذوائب هذه اللغة السامة الشفيفة: الحرب الإنسانية. أي إنسانية يمكن أن ترعاها أو تتحلى بها حرب كل وسائلها وكل غاياتها: توطين الفناء، وتعميم القتل والدمار وتسويق كل ألوان الخراب..
***
في صمت كاتم للأنفاس ستمضي الحرب للنهاية، كما لو كانت النار عند هاوية العشب، وسيرسل كل عربي ساقط "موزته" لتفتح مفاتنها لريح نكاح الجهاديين الأوباش، ويتربع المرتزقة المأجورون الأنذال على عرش الكعبة مدثرين بأجنحتها السوداء، حيث سيلقي أوباما خطبة الوداع.
سعيدي المولودي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-