الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة السورية المشكلة والحل

هيام محى الدين

2013 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عندما بدأت المظاهرات الشعبية السورية المطالبة بالديمقراطية والحرية وتغيير النظام في مارس 2011 ، ظن الكثيرون أن هناك إجماعاً شعبياً حاسماً كما حدث في تونس ومصر ، وأن الشعب السوري وجيشه سوف يتوحدان على مطلب واحد ويتحقق نفس سيناريو إسقاط النظام والانتخابات والدساتير الجديدة واستعد تيار الإسلام السياسي في سوريا بقيادة جماعة الإخوان هناك للوثوب على السلطة كما فعل في تونس ومصر ، وحشد قواه وتنظيماته وأعد سلاحه لضرب التيارات السياسية الأخرى في الوقت المناسب سائراً على نفس نهج جماعة الإخوان في مصر خاصة وأن تنظيم الإخوان في سوريا له ثارات قديمة مع نظام البعث السوري سالت فيها الدماء بقسوة شديدة فهم يحملون لنظام الأسد البعثي أضعاف ما حمله إخوانهم في مصر لنظام مبارك ، وكانت الصدمة القاسية لإخوان سوريا هي انحياز الجيش السوري لنظام الأسد واستماتته في الدفاع عنه ولا تتسع مساحة هذا المقال لمناقشة الأسباب التي أدت إلى تأييد الجيش السوري للنظام ووقوفه ضد الثورة ، ولكن ما يهمني هنا هو النتائج التي أسفر عنها دفاع الجيش عن النظام ، والتي أدت إلى تدخل القوى الإقليمية والعالمية في الشأن السوري بصورة أدت إلى تحويل المطالب الشعبية من خلال التظاهر إلى حرب أهلية باستخدام السلاح فمثلث الحلف الإيراني السوري مع حزب الله اللبناني يمثل كابوساً لإسرائيل والولايات المتحدة ، كما أن اعتناق هذا الحلف للمذهب الشيعي يهدد المملكة السعودية ودول الخليج العربي السنية المذهب والتي تعتبر إيران عدوا إقليمياً يجب قص حجمه وتقليم أظافره حتى لا تتكرر عملية غزو لإحدى دوله كما فعل صدام حسين سنة 1990 حين غزا الكويت فظهور قوة إقليمية مجاورة لدول الخليج خطر غير مضمون العواقب فالثراء الأسطوري لهذه الدول يجعلها كنزاً شديد الإغواء لهذه القوى ، كما أن مصالح روسيا مع المثلث الشيعي ومع سوريا بالذات يصعب التفريط فيها فالقاعدة الوحيدة للأسطول الروسي في البحر المتوسط هي ميناء طرطوس السوري وتكاد تكون منفذها الوحيد للمياه الدافئة ، فدخلت كل هذه القوى في الشأن السوري داعمة للأطراف المتصارعة بالتسليح والتأييد السياسي ، مما شكل قوة عسكرية مسلحة من المساعدات الأوربية والأمريكية عرفت باسم الجيش الحر تدعمه إلى جانب الولايات المتحدة وأوربا الغربية قوى إقليمية مثل تركيا وقطر ، واسهمت كل من السعودية والامارات والكويت لدعمه ماليا أيضا ، كما كثفت ايران وروسيا دعمها لنظام الأسد بالمال والسلاح وأسهم حزب الله بالمقاتلين في صف النظام ، وتحولت الأرض السورية من أقصاها إلى أقصاها إلى فوضى عارمة سقط فيها عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين في مآساة إنسانية بشعة ، لتحقيق أهداف وسياسات لقوى خارجية على حساب الدم العربي السوري ، واعتبرت الولايات المتحدة ما تحقق في سوريا جزءا هاما من خطتها عن الشرق الأوسط الجديد ونظرية الفوضى الخلاقة التي كان تيار الإسلام السياسي حجر الزاوية في تنفيذها في السودان وتونس ومصر وليبيا ، فتدخلت وسلحت وحركت خلفها ذيولها الأوربية في هجوم إعلامي كاسح استغل طغيان نظام الأسد وقسوته وقام بتشويه صورته وتكوين رأي عام عالمي مضاد له تمهيداً لضربة وتمكين حلفائه من الحكم في وسوريا واستعادة تدجينها لصالح الولايات المتحدة وتأميناً لإسرائيل من آخر جيش معاد لها في المنطقة بعد تحييد الجيش المصري بمعاهدة السلام وتدمير الجيش العراقي خلال حرب تحرير الكويت ، ويستخدمون دول المنطقة في تحقيق أهدافهم تحقيقاً لمصالح ضيقة ومخاوف مصطنعة.
وقد عجل سقوط الإخوان في مصر وعجز الولايات المتحدة عن كسر إرادة الشعب المصري بالتدخل العسكري لأمريكا في سوريا باندفاع لا ينظر للعواقب ، والروس يعلمون ضعف الموقف الأمريكي واندفاعه غير المحسوب ويستغلون ذلك ، كما يعلم ذلك الإيرانيون والسوريون أيضاً ومن هنا جاءت لهجة الخطاب الواثق لنظام الأسد على التهديدات الأمريكية ، والثبات الروسي في معارضة ضرب سوريا والتهديدات الإيرانية لأمريكا وإسرائيل مما يجعل تنفيذ ضربة أمريكية مؤثرة ومرجحة لكافة الجيش الحر ضرباً من الخيال ، وإذا حدثت فستكون لمجرد حفظ ماء الوجه.
ولا أرى مخرجاً لجميع الأطراف إلا يتقديم تنازلات جادة وموجعة تتمثل في.
أولاً: خروج الأسد ونظامه من الحكم وعلى حلفائه التضحية به وبحزب البعث أيضاً.
ثانياً: منع تيار الإسلام السياسي من ركوب الموجة والتسلق للحكم إرضاء لدول الخليج وتسكيناً لمخاوفها.
ثالثاً: تمكين التيار الوطني القومي غير البعثي من استعادة الحكم في سوريا والحفاظ على العلاقة الخاصة بروسيا.
رابعاً: إخراج تركيا وإيران معا من اللعبة الإقليمية حيث يمثل تدخلهما الغبي خطراً داهماً على استقرار المنطقة وهذا السيناريو سيكون مرضياً للأطراف الرئيسية في اللعبة ويعيد سوريا إلى أمتها العربية وصورتها الوطنية دون إضرار جسيم بمصالح القوى الكبرى [ أمريكا – روسيا – أوربا الغربية – الصين ] ودون تفجير المنطقة وأشباح مخيفة لحرب عالمية ثالثة ، فهل تلتقي الأطراف الفاعلة على هذا الحل أو قريباً منه حتى تنجوا المنطقة والعالم أجمع من خطر تدمير شامل.
هيام محي الدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي