الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التلويش السياسى

أمينة النقاش

2005 / 5 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


والتلويش هو الضرب في اتجاهات متعددة، تتسم بالاضطراب والعشوائية، ولا تتحسب للأهداف والنتائج. والتلويش هو السمة التي يبدو أنها تميز المشهد السياسي في مصر الآن علي الصعيدين الرسمي وغير الرسمي.

ولعل أسوأ ما في هذا المشهد هو الطريقة الغبية التي أدار بها الحزب الحاكم معركة تعديل المادة 76 من الدستور، والتي انتهت بإقرار مجلس الشعب بأغلبيته المصنوعة، لشروط تحكمية في المرشحين لرئاسة الجمهورية،. بما يضمن احتكاره الدائم لهذا المنصب، بعد أن رفض في عناد، كل الاقتراحات التي قدمتها أحزاب المعارضة وخبراء القانون الدستوري والقضاة، للتعديلات التي كان يمكن أن تتضمنها المادة 76 من الدستور، بما يسمح بإجراء انتخابات رئاسية تنافسية بشكل حقيقي. وجاءت توصيات الجمعية العمومية لنادي القضاة برفض المشاركة في الإشراف علي انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب في الخريف القادم، نتيجة منطقية لهذا التلويش الذي أسرف في تجاهل الحكومة وحزبها للشروط القانونية والدستورية التي اقترحها القضاة لكي يشرفوا علي الانتخابات العامة والرئاسية وفقا لما يحدده الدستور. وكان من بينها إجراء الانتخابات الرئاسية علي أكثر من يوم، لمعالجة الخلل الناجم عن نقص أعداد القضاة، وكثرة أعداد اللجان الانتخابية العامة والفرعية.

ومن النتائج المحتملة لمقاطعة القضاة للإشراف علي الانتخابات، أن يصبح من اليسير الطعن في عدم دستورية انتخابات الرئاسة القادمة، وهو الأمر الذي لا يحسب له التلويش الوطني الديمقراطي أي حساب.

وفي مجال التلويش أيضاً، نجح الحزب الحاكم في إقناع مجموعة من النواب بمجلس الشعب، بينهم حزبيون ومستقلون، في التقدم بمشروع قانون جديد، بتعديل قانون الشركات المساهمة، يقضي بحل جميع تلك الشركات، التي يثبت كما يقولون قيامها بنشاط سياسي، أو نشاط تختص به الجمعيات الأهلية. وأكدت الدكتورة أمينة الجندي وزيرة الشئون الاجتماعية، أنه في حالة إقرار التعديلات الجديدة، فإنه سيتم حل مركز ابن خلدون، باعتباره إحدي الجمعيات التي تعمل كشركة مساهمة. والعقلية التي أفرغت تعديل المادة 76 من مضمونه لتجهض محاولة إجراء انتخابات رئاسية تنافسية متكافئة، ليأتي التعديل مخيبا لكل الآمال، تقفز هذه العقلية نفسها لمحاصرة منظمات المجتمع المدني بأوضاع تشريعية جديدة تحت ذرائع شكلية، لم تكن مصادفة أن تأتي بعد أن طالبت معظم تلك المنظمات، وبينها مركز ابن خلدون بالإشراف الدولي علي الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر، يقوم به مراقبون تابعون لهيئة الأمم المتحدة.

المشترك بين التلويش هنا والتلويش هناك، هو النزوع الوطني الديمقراطي لشخصنة القوانين، فهذا تضييق في التعديل الدستوري لمحاصرة الإخوان، وتلك مادة في القانون لمنع أيمن نور من الترشيح، وذلك تشريع أعد بهدف صريح هو ملاحقة الدكتور سعد الدين إبراهيم ومركزه البحثي!

القوانين والدساتير تصاغ لمواجهة ظواهر لها صفة الثبات النسبي وليس لمحاربة الخصوم، وإصدار قانون لمواجهة شخص أو حالة طارئة يعقد النظام التشريعي، ويفقد فكرة القانون نفسها مصداقيتها واحترامها، ويخلق مشاكل في تطبيقها، ويفتح الباب للطعن في عدم دستوريتها، فضلا عن أنه يغري بالخروج عليها.

ويا أيها الحزب الحاكم كفاية تلويش!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24