الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والفن..والوحوش

أماني فؤاد

2013 / 9 / 9
الادب والفن


الإنسان والفن.. والوحوش

يدور مقالي اليوم حول تساؤل يُطرح ثقافيا: هل الفن نخبوي ؟ هل يمكن أن يصل إلي جميع البشر بدرجة واحدة، أن يمتلكوا القدرة علي فهمه وإدراك أبعاده؟ أم أن هناك نخبة مثقفة من شأنها إدراك نسب عميقة من المستويات الفنية ، ثم تتدرج مستويات تلقيه فيما يشبه الطبقات..؟
من اليسير أن نتلبس رداء المثاليات المفرطة الأحلام، وتأخذنا الأمنيات التي تتغيا أن تصل الفنون جميعها إلي كل المستويات والطبقات البشرية، وأن ندعي أنه لا نخبوية في الفن.
بداية لا توجد في الحياة أحكام مطلقة، أي اننا لا نستطيع أن نطلق حكما قاطعا بقولنا: أن الفن نخبوي، أو أنه غير نخبوي ولجموع البشر.
نحن في الحالتين لا نتعمق القضية بصورة كاملة ..فهناك بعض الاحترازات من قبيل:
1ــ أي نوع من الفنون نتحدث عنها : الفنون التشكيلية ، الموسيقي، الأغنية، الفيلم، الأنواع الأدبية: الرواية، الشعر، القصة القصيرة ، المسرحية، وغيرها..، أستطيع أن أقول أن كل نوع من الفنون السابقة يختلف عن النوع الأخر في درجات تلقيه، ومستوي نخبويته، نسبة شيوعه، ودرجة و يسر تلقيه .
2 ــ كما أن كل نوع يحتوي مستويات داخل تصنيفه الخاص، أعني أن كل حقل فني يحتوي بداخله مستويات من التلقي، تجعل قمته الهرمية نخبوية، وقاعدته لجموع البشر في المستوي المتوسط ، والذائقة الفطرية..
3 ــ الأمر الذي يمكن الاتفاق عليه أن هناك قاعدة انطلاق تحتية عميقة، يغدو فيها الفن للجميع ، يتذوقه ويبدعه كل البشر، مهما اختلفت درجات ثقافتهم، فحين تمر علي دار أحد حجاج الفلاحين المصريين في الريف، ستجد جدران المنزل الخارجية قد تحولت للوحة تشكيلية، سجل عليها التشكيلي الفطري مراحل الرحلة حتي الوصول إلي الكعبة، ومع التطور المتلاحق قام بتحديث عناصر تلك الرحلة، منذ أن كانت الوسيلة الجمال والقوافل، مرورا بالسفن، ووصولا إلي الطائرات ، في إدراك فطري فني لعلاقة الفن بالحياة، و فلسفة عميقة تكمن في العقل الجمعي للبشر، فيه يعود الفن لفلسفة وجوده الأول.

فمنذ التصدي لدراسة الفنون ومراحل تطورها ، وبحث الوظيفة التي أداها الفن للبشر، اتضح للباحثين الدور الوظيفي النفعي غير المباشر للفنون منذ نشأتها ، فحين أراد الإنسان الأول أن يصطاد أحد الوحوش التي تخيفه، أو التي يريد لحمها لغذاءه، كان يرسمه علي جدران الكهف الذي يعيش فيه، ثم يرسم مدية وقد رشقها في قلبه، وهنا يحقق له خياله ما يأمله ويتغياه، فيسعد ويشعر أن نصف المسافة قد أنجزت للتغلب علي هذا الحيوان ، هذا بالإضافه إللي الطقس السحري الذي أعتقد فيه، فاستحضار الحيوان ورسمه بأبعاده يجسده، ووضع المدية في قلبه يهب الإنسان قوة سحرية ، ستستجيب الطبيعة أو الألهه حتما لرجاءه وتحقق له هدفه.
أعني أن الفن في نشأته لم يكن ترفا أو لذاته، بل كان ذا وظيفة، ولذا يعد الفن بداية حاجة وضرورة تشمل الجميع، ولا نخبويه بها..
لكن لو بفرض اننا أجرينا مسحا استطلاعيا عن فن البالية الراقص، أو فن الأوبرا، أو بعض مذاهب وتيارات الفنون التشكيلية والنحتية ، أوقصيدة النثر ما بعد الحداثية، لوجدنا أن هناك قطاعات عريضة لا تتذوقها ولا تتفاعل معها ، و هي بهذا فنون يمكن أن تدخل ضمن سياق النخبوية.
أعود مرة ثانية وألح على أن الفن منذ بدايته، وحتى لحظتنا الحاضرة يدفع بالروح الإنسانية إلى فهم مكوناتها، والتعالى على ضعفها، إلى تجاوز الممكن والتطلع إلى ما يمكن أن يكون، ينمى الأدب العوالم الداخلية للإنسان، يجعله يدرك الحب ومن خلاله ينفتح على الآخرين، يتفهمهم ويتعاطف معهم، ويتقبل اختلافهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تزالين رائعة
Nada ( 2013 / 9 / 10 - 07:12 )

لا تزالين رائعة اعتقد انالفن ليس نخبويا فى ذاته, لكن قد يختار صانعه ان يجعله كذلك, ان يستهدف به فئة معينة من الجمهور. او قد يكون صانعه اقل كفائة من ان يجعله مفهوما للجميع. تكمن سر عظمة بيتهوفن فى ان سيمفونياته كانت تمس الجميع ,بداية من نبلاء عصره و صفوة المجتمع و حتى الجنود الذين كانو يحاربون و المتسولين السكارى.

اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل