الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلمُ أبي

سوسن الويسي

2013 / 9 / 9
الادب والفن


على صوت الخنزيرة وهدير الماء المتدفق حاملاً معه رائحة العشب المتعطش للحياة.كنتُ أصحو لأراه من نافذة الدار مشمراً عن ساعديه ليحفر أخاديداً لتوصل الماء الى الشتلات التي لم تنبت يوماً فتفرحهُ بعطائها بل ظلت صامدة امام طموحهِ اللامنتهي.
كنتث انظر اليه واعرف انهُ يتطلع في سراب .تلك الارض الجاحدة لطالما احبها لم تجُد عليهِ ولا بثمرة واحدة..
كم تكلمنا معهُ ان يترُك ذلك الامل ويلم شتات ما تبقى لديهِ ولكنهُ تشبث اكثر بتلك الارض التي لم نجني منها سوى الخراب
كنا نذهب مُكرهين وتعرفنا بمرور الايام على أُناس بُسطاء وطيبون.ولكن كان الاجدر بهم يرتقوا بنا لا ان يعيدونا الى ماض ٍ تعيس..
اُمي تلك المرأة المكافحة والزوجة الطيبة التي لم تنثني عن الوقوف لجانب أبي .ضحت بالكثير من اجله او رُبما كان يروق لها الحال لا اعرف لماذا لم تكن تتطلع الى واقع ٍ افضل بقت على حالها بتلك السحنات التي
مضى عليها زمن طويل.انا لا انتقد الواقع ولكني كنت فتاة اتطلع لتغيير ٍ جذري لم يحصل أبداً.
رغم اخفاقات تلك الايام كُنت ُ احبُ ابي وأعطف على أُمي التي كنت اتمنى لها حياةً افضل..
كُنتُ اُساعدهُ بالعمل بتلك الارض دون قناعة وكنت أُغني يكاعي الخضرة حضنيني بكل الشوك احضنيني ولكيت السمرة فلاحة ولكيت الحلوة فلاحة..ولكن الارض لم تكن خضرة ولم اكن انا فلاحة ولكننا نجبر احيانا على فعل اشياء لارضاء من نحب.
وذات يوم عاد ابي واخي من العمل متعبين مُثقلين بهموم الحياة واعباء عائلة كبيرة طلباتها لن تنتهي..بعد العشاء بدأوا يتناقشون بمشروع ٍ جديد سيدُر علينا الخير...كنتُ اسمعهم وابتسم .انزعج اخي من نضرتي وقال سوف ترون الارباح اصبروا فقط..مشوع تسمين العجول ..اشترى ابي العجول والاعلاف وانفق عليها اموالا طائلة وبعد ايام اُصيبت العجول الواحد
تلو الاخر بمرض خطير قضى عليها جميعاً..
اصاب الاحباط بيتنا وأصبنا جميعاً بخيبة امل..ولكن الغريب انهم لم يتوقفوا هنا بل سرعان ما اتوا بمشروع ٍ جديد أثار َ استيائنا جميعاً..
مشروع جديد لتربية الاسماك.حفر ابي حوضاً كبيراً واشترى اعلافا للسمك وانفق امولا كثيرة كالسابق واخذني معه لاجمع السمك من ماء الخنزيرة وجمعت السمك ووضعناه بالحوض وبعد مدة كبرت الاسماك وفرح ابي والمدهش اننا بعد ايام لم نجد السمك في الحوض بعدها عرفنا ان الطيور كانت تنزل تأكل الاسماك دون ان ننتبه...
لن اصف لكم حالنا ساترككم تتخيلون..
أاصبحت تلك الارض كالارضة تنخر بما لدينا من مال حتى قضت على كل شيء..حتى حلم ابي ذلك الرجل الطيب الحنون بدء يخفت .وفي غمرة هذه الاخفاقات المحزنة لم تزل المشاريع تتوالى الفاشل تلو الاخر وسط اقتراحات اخي وتاملات ابي ولا مبالاة امي وسُخريتي الدائمة..حتى اتى اليوم المشؤؤم تعرض ابي لحادث مؤسف كاد يودي بحياته ..رقد ابي طويلا وبعد مدة باع ابي تلك الارض الجاحدة لعطائه فرحنا كثيراً لاننا تخلصنا من هذا الكابوس وبعد سنين مات ابي ومات معه الحلم كان حاماً جامحاً مثل ابي رحمهم الله .
المحزن في الامر ان تلك الارض الناكرة تصارعت مع ابي وغلبته لكنها انحت امام مالكها الجديد واينعت واخضرت لم تكن من نصيب ابي..ابكي كثيراصعليه لأنني اراه بين الحين والاخر بالحلم يتجول في تلك الارض ويحفر بها كما كان وانضر اليه من بعيد وابكي عليه
مات ابي ومات معه حلمه ولكنني عندما اراه في المنام اعرف انه لا زال يحلم
رحم الله ابي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة