الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات شكلية على الوثيقة الدستورية

ابراهيم العزب

2013 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


بسم الله لرحمن الرحيم
ملاحظات شكلية على الوثيقة الدستورية
قرر الإعلان الدستوري الصادر في مصر بتاريخ 8/7/2013 تعطيل العمل بدستور سنة 2012 المعمول به في حينه ، ثم انشأ بموجب المادتين 28 ، 29 منه لجنة لإدخال تعديلات على هذا الدستور المعطل ، وجعلها تنقسم إلى لجنتين أولاهما تتكون من عشرة أعضاء يختارون من جهات معينة واسماها لجنة الخبراء ، وأوكل إليها مراجعة الدستور المعطل وتحديد التعديلات المطلوب إدخالها عليه ، والثانية تتكون من خمسين عضوا ومهمتها مناقشة تلك التعديلات ثم رفعها إلى رئيس الجمهورية في صورتها النهائية تمهيدا لاتخاذ إجراءات إصدارها وفقا للقواعد المحددة بالمادة 30 من ذات الإعلان ، وبالفعل أصدر الرئيس القرارات الجمهورية اللازمة لتفعيل ذلك ، وانتهت لجنة العشرة من أعمالها ، وتحدد للجنة الخمسين موعدا لبدء أعمالها هو يوم الأحد الموافق 8/ 9 على أن تنهى أعمالها في موعد غايته ستين يوما من هذا التاريخ أي يوم الأربعاء الموافق 6/11 ، وقد انطوت هذه الإجراءات على مأخذ شكلية عدة من شأنها أن تؤثر على صحتها فضلا عما يترتب عليها من نتائج ، وقد حددناها في أربع نتولى تبيانها على نحو مبسط قدر ما نستطيع فيما يلي
أولا :- تشكيل لجنة الخبراء ، فقد تشكلت من عشرة أعضاء ، أربعة منهم من أساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية ، وستة من أعضاء الهيئات القضائية ، اثنين من القضاء العادي ، ومثلهم من القضاء الادارى ، ونفس العدد من القضاء الدستوري ، وبهذا تكون تلك اللجنة قد تشكلت في الحقيقة من السلطة القضائية ، وهى أحدى سلطات الدولة الثلاث ، والتي يمتنع عليها أن تتدخل في عمل السلطة التأسيسية باعتبار أن هذه الأخيرة هي أعلى سلطة في الدولة فضلا عن أنها تؤسس للسلطات الأخرى ومنها السلطة القضائية ، وهذا هو بالتمام ما قضت به المحكمة الدستورية في حكم أخير لها حين قضت بعدم دستورية قانون معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لصدوره من السلطة التشريعية ، ولا يقال هاهنا بأن هذه اللجنة غير ممثلة للسلطة القضائية وإنما هم مجموعة من خبراء الدستور ، أو أنها لا تتدخل في عمل لجنة الخمسين التي هي اللجنة التأسيسية الحقيقية ، فذلك مردود من ناحية أولى بأن القضاة في لجنة الخبراء هم ستة أعضاء من بين عشرة أي بنسبة ستين في المائة ولهذا مدلوله بالطبع فالأغلبية لا ترتبط بالخبرة فيما نعلم ، ومن ناحية ثانية فان المحاصصة لا تنسجم كذلك ومفهوم الخبرة ، فكل هيئة قضائية تمثل باثنين من أعضائها وان كان كل أعضائها خبراء دستوريون كالمحكمة الدستورية مثلا ، أو كانت ممن تعوزه الخبرة الدستورية كالقضاء العادي ومن ثم فالملحظ الأهم فيهم لم يكن مجرد الخبرة في ذاتها وإنما هم ممثلون لجهاتهم وهم أعضاء عاملون بها ويختارون بصفاتهم هذه ، ومن ناحية ثالثة فان هذه اللجنة هي التي تحدد الإطار الذي تعمل ضمنه لجنة الخمسين وادعاء خلاف ذلك يجعل الأمر جميعه مجرد عبث إذ ما
فائدة عمل لجنة العشرة إذا ؟ ولماذا كان انتظارها شهرا كاملا حتى تنتهي من عملها ؟ ألم يكن من الممكن - لو أن الأمر لم يكن كذلك في الحقيقة – أن تبدأ لجنة الخمسين عملها منذ اللحظة الأولى مباشرة وتحدد هي ما ينبغي تعديله وما لا ينبغي والى جوارها لجنة العشرة تعمل معها على التوازى وتقدم لها المشورة الفنية التي تطلبها لحظة بلحظة لتكون حقا مجرد لجنة خبراء ؟ الخلاصة إذا أن هذه لجنة قضائية وهى جزء أصيل من اللجنة التأسيسية ومن ثم فهي شريك أساسي - بصفتها هذه - في وضع الدستور الذي يصبح هكذا عرضة للبطلان منظورا إليه في ذات السياق الذي أصدرت فيه المحكمة الدستورية حكمها المشار إليه أنفــــــــا
ثانيا :- تبعية لجنة الخبراء للسلطة التنفيذية ، ونقصد بذلك تبعيتها لهذه السلطة على خلاف القانون ، فاللجنة عندما أنهت عملها سارعت إلى تسليم المسودة التي أعدتها إلى السيد رئيس الجمهورية ومن ثم فسوف يقوم الرئيس بإرسال تلك المسودة إلى لجنة الخمسين ، وهذا خروج صريح على نص وروح المادتين 29 ، 30 من الإعلان الدستوري فالأولى تقول ( تعرض اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة مقترح التعديلات الدستورية على لجنة تضم خمسين عضوا ) والثانية تقرر أن ( يعرض رئيس الجمهورية مشروع التعديلات الدستورية على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ وروده إليه ) ومن ثم فان الإعلان الدستوري قد أناط بلجنة الخبراء عرض نتائج عملها مباشرة على لجنة الخمسين وأراد أن تظل السلطة التنفيذية بمنأى عن العمل التأسيسي حتى يتم إعداد المشروع النهائي للدستور فترسله اللجنة التأسيسية إلى الرئيس ليقوم في شأنه بعمل تنفيذي فقط هو طرحه على الشعب للاستفتاء ، ومن ثم فلا توسط للرئيس بين عمل لجنتي العشرة والخمسين ، وهو ما خالفته لجنة العشرة بإرسالها نتاج عملها إلى السيد الرئيس مما يبطل المسودة لأنه لا يمكن لأحد أن يدعى بأنها أرسلت للسيد الرئيس لمجرد حفظها بخزينة الرئاسة مثلا ذلك أن لمجلس الشورى خزينة مثلها ويمكن كذلك حفظ هذه الوثائق الهامة بها ؟
ثالثا :- العبث بمواعيد خارطة الطريق ، ومناط ذلك أن الإعلان الدستوري قد حدد مواعيد معينة لكل إجراء من الإجراءات المكونة لخارطة الطريق ورتب كل منها على الأخر في توقيتات محددة بما يمكن معه احتساب المدة الإجمالية للمرحلة الانتقالية من حاصل جمع هذه المواعيد ، ومن ثم فان هذه المواعيد إلزامية ولا يجوز مخالفتها لأنها تتعلق باستحقاق أساسي وهو موعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية ، والقول بغير ذلك يعنى أن يفقد الإعلان الدستوري ذاته قيمته القانونية لعدم ضبطه للمدى الزمني الذي تستغرقه المرحلة الانتقالية ، فإذا كان الإعلان قد حدد موعدا لبدء عمل لجنة الخبراء هو خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الإعلان وموعدا لانتهائها هو ثلاثون يوما من تاريخ بدء عملها ووجهها إلى عرض نتاج عملها على لجنة الخمسين ولم يحدد لهذه الأخيرة موعدا لبدء عملها وإنما منحها أجلا لإنهاء عملها هو ستون يوما فان هذا يعنى أن عملها يبدأ بالضرورة من اليوم التالي لتاريخ انتهاء لجنة الخبراء من عملها فإذا كانت اللجنة قد أنهت عملها في التاسع عشر من أغسطس فقد كان من المتعين
أن تبدأ لجنة الخمسين عملها في العشرين منه ومن ثم فان تحديد تاريخ الثامن من سبتمبر لبدء عملها يكون قد وقع باطلا لمخالفته أحكام الإعلان الدستوري وتمديده للمرحلة الانتقالية دون سند قانوني 0
رابعا :- مشاركة لجنة الخبراء في مداولات لجنة الخمسين ، فقد أعلن قرار رئيس الجمهورية الصادر بتكوين لجنة الخمسين عن مشاركة لجنة الخبراء في المداولات لدى لجنة الخمسين دون أن يكون لها حق التصويت ، وقد برر ذلك بأن تعرض لجنة الخبراء وجهة النظر القانونية ، ولعل هذا المسلك قد جاء لعلاج حالة النقص الحاد في الأعضاء ذوى الخبرة القانونية بلجنة الخمسين ، إلا أن هذه معالجة باطلة ، ومن شأنها أن تبطل العمل جميعه وأن تلقى بظلال قاتمة على صدقيته ، لان هذا المسلك يعنى في المقام الأول أن تقوم لجنة الخبراء على تمرير وجهة نظرها في التعديلات التي أجرتها ، ليس بالضرورة عن طريق التصويت وإنما عن طريق الدفاع عنها وتبريرها وإقناع الأعضاء بها بل ومحاصرتهم فنيا باعتبار أنهم يفتقدون للخبرة الفنية وهؤلاء هم فقط الخبراء الفنيون اللذين يملكون بالطبع الرأي الاصوب من الناحية الفنية ، في حين أن وجهات النظر المخالفة والمعارضة والرافضة لما انتهت إليه لجنة الخبراء لن تملك نفس الفرصة للدفاع عن رؤاها ، فضلا عن أن أمين اللجنة هو مستشار الرئيس للشئون الدستورية وهو ما يعنى حجز مقعد للرئيس في مداولات اللجنة التأسيسية ، حتى وان لم يكن له حق في التصويت ، فكم صوت ممن لهم حق التصويت يمكن أن يعادل ما للرئيس من وزن معنوي ؟ إضافة إلى أن القرار قد أعطى اللجنة الحق في الاستعانة بمن ترى من الخبراء لصياغة المشروع النهائي ، ومن ثم فان الإبقاء على لجنة العشرة لم يكن بغرض الاستعانة بخبرتها في الصياغة الفنية – واضح أنها تفتقد لتلك الخبرة – وإنما لتعمل كلوبي ضاغط داخل لجنة الخمسين ، وهذا ما يؤكد تحليلنا السابق لتكوين اللجنة ويؤكد على ما انتهينا إليه من قيام خطر محدق بصحة الوثيقة الدستورية ذاتها ومهدد ببطلانها ، الأمر الذي نرجو ألا تنحدر إليه الإجراءات وأن يتم تداركها بجدية تتناسب وما لها من خطر بالغ على مستقبل البلاد0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة