الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة حقيقية من عُمق الإرهاب_الجزء الخامس

محمد صادق

2013 / 9 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


وبعد انتهاء الشريط السينمائي الذي كان يَمر أمام عينيي , وتأكدتُ إنني أتنظر لحظة الخلاص وذلك عن طريق ذبحي بالساطور , ولا زُلتُ أنا مشلول الأطراف كاملة , وكأنهُ تخدير كامل , وكما يرى المريضُ شبح الأطباء الذين يجرون له عملية جراحية , كنت أرى فقط خيالَ أشباح تتَحَرك , تركوني كما تركوا الأخرين على حالنا نَئنُّ من وطأة الآلام والعذابات لمدة بدت طويلة علينا , لم أكن أعرف الوقت ولم أكن أُفَرّقُ بين ليلٍ وَنهار , وكنت في أغلب الأوقات فاقد الوعي , لكن كانت هناك جلسات تعذيب قاسية جداً بين الفترة والأخرى وعددها خمسُ مرات , بعدد مرات آذانَ الصلاة في اليوم , فكلما يُؤذن المؤذن الله أكبر , يبدأ الضرب المبرح والمؤلم من جميع الإتجات الى أن ينتهي الآذان , بعدها تتَوقف الوحوش عن إفتراسها لأجسادنا الجريحة لحين انطلاق الآذان الذي يليه , وهكذا أصبحنا في هولكوست ومأسات وأسرى دون رحمة بين آذانٍ وآذان , اصبحنا عندما نسمع الله أكبر من المؤذن تَرتَعش أجسادنا ونحسُ بالعذاب والآلام حتى قبل بدء جلسة التعذيب , وكان التعذيب عبارة عن ضرب دون رحمة بأخمص الأسلحة الرشاشة الحديدية وعلى جميع ملمترات الجسد دون تفرقة , في الرأس , في الوجه , في العُنق , على الأكتاف , على الصدر والبطن وأسفله وجانبيه والظَهر , وعلى الركبتين والأطراف وبدايات الأرجل على الأظافر وسط صراخ وعويل في البداية لحين فقداننا الوعي حتى تَطفر رشاشات دم من أجزاء من أجسادنا , هذا كان حالنا حتى إقتَرَبَ وقت تنفيذ الحد علي وإقتربت نهايتي بهذا الشكل البَشع , في تلك اللحظات الحرجة جداً قاموا بنصب كامرة فيديو على مقربة من جسدي المُمَدَد وسط بُقَع دماء المُعَذَبين من أمثالي , وبدأت أرى أشباح تَتَراءى لي تتحرك وكأنها تَتَحَضَّر وتَتَهيأ للمشهد الأخير من حياتي , عندها إستسلمتُ وأقتَنَعتُ بإنني سأنتهي بعد دقائق , ومن شدة الخوف وَرُعب المشهد فقدتُ الحركة كاملة , وكنتُ أرى سواداً كقطعة قماش مُعَلَّقَةٌ على الحائط وأستطَعتُ أن أقرأ بعض الحروف ربما كانت ( وأرهبوهم ماأستطعتم ... والبقية لم تستطع عيناي رؤيتها لشدة الخوف والرعب وهول الحادثة ) .
عندها أجلسوني عنوة وهم مُمسكون بي كي لا أقع , وبدؤوا بقرأءة نص قرار الحَد , وعندما وصلوأ فقرة بواسطة إقامة الحَد , عندها قام المُمسكون بي وَطَرَحوني أرضاً كالنعجة وعلى أحد جانبي , وعند إنتهاء الخطاب وقرار الحُكُم من قبل الذباح نَفسَهُ , ناوَلَهُ أحدَهُم ألسكّين , وإذا بإنفجار قُنبلة دخانية على مَقرُبَة من مكاننا , وإذا بالدخان قد إمتلئ وساد أجواء المكان ودَّبَ الهَلَعُ والفوضى في المكان وبدأتُ أسمَع صوت إطلاقات نارية كثيفة صوب موقعنا , ويبدوا ان الذين حولي أخذوا أحتياطاتهم للذَود عن الموقع , لكن لكثرة عدد المُهاجمين وغَلَبة قوتهم النارية , سَيطَرَت القوة المهاجمة على المَوقع بعد أن قتلوا بعض المدافعين عن المَوقع , ويبدوا أنّ القوة المُهاجمة كان هدفها إنقاذي , ولكنني لم أكن أدري ماذا يحدَث حولي , فقط شَعَرتُ إنهم يَختَطفوني من المُختَطفين وبحنكة وخبرة أنقذوني من وسط هذا المشهد المُرَوع , وألبسوني مرة أخرى كيساً أسوداً على رأسي , كنتُ أحسبُ نفسي أنني إختُطِفتُ مرة أُخرى , طَرَحوني داخل صندوق سيارة وأغلقوه وسارت بنا العَرَبة مدة حسبتها إنها ما يُقارب الساعة أو ربما أقل , فجأةً توقَفَت العربة , وأنزلوني من صندوق السيارة ولازال الكيس الأسود يَكسو رأسي ووجهي , عندها أمَرَني أحدَهُم بالوقوف في مكاني وعدم نزع الكيس الأسود لمدة عشر دقائق , وحتى يَتَحَققوا من ذلك , طلبوا مني العَد من رقم 1 , الرقم 100 , وتم تنبيهي بأنه أي حركة غير طبيعية تَصدُر مني ومخالفة لأمرهم , سَيُطلِق القناص الخاص بهم النار وَيَقتَنصني , وقالوا لي بالحرف الواحد ( وقد أُعذِرَ مَن أَنذَر ) , ومن هَلَعي وخوفي وإرتجافي قمتُ بالعَد الى الرقم 500 وعلى مهل ورغم إنني كنتُ واقفاً كالمسمار الذي قد دُقَّ في الخشب لتَوّهِ , شَعرتُ قليلاً إنني في أمان , وأنهم قد إبتَعَدوا عني مسافة لايَروني , تَجَرأتُ ورفعتُ الكيس والغُمامة عن رأسي ووجهي , وبعد لحظات ظلام شعرتُ ب نور ضئيل يكبر رويداً رويداً , وإذا بصحراءٍ شاسعة قاحلةٍ تَتَراءى أمامي , بقيتُ لبرهة واقفاً جامداً خوفاً من القناص الذي أستحوذ على تفكيري , بعد صمتٍ رهيب وسكون بدأتُ بالإستدارة على مَهل , وقليلا قليلاً بدأتُ أرى شارعاً مُبَلَطاً قريبٌ جداً مني .
هنا ساتوقف عن سرد القصة كاملةً , لأنها تَستحق حلقةً أُخرى , وسبب توقفي هو إنهيارُ مُحَدثي المُختَطَف وبُكائهِ وكمية الدموع التي أراها على وجنتيه , ونزولا عند رغبته وحالهِ توقفتُ هنا , آملاً أن ألقاكُم في حلقةٍ أخرى .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا