الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عربدة أمريكية في المتوسط استعدادا لغزو سوريا

حزب الكادحين في تونس

2013 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تقرع هذه الأيام طبول الحرب ضدّ سوريا بدعوى تأديب نظام بشار الأسد على ما يقوم به من جرائم حرب ضدّ شعبه باستخدامه للأسلحة الكيمياويّة المحظورة دوليّا.
وتقود هذه الحملة الإمبرياليّة الأمريكيّة بدعم من الإمبرياليات الأوروبيّة خاصّة فرنسا وبريطانيا بينما تتسابق الأنظمة العربيّة العميلة وأساسا الخليجيّة منها للظفر بدور محوري في هذه الحملة ويشتد التنافس في هذا الإطار بين النظامين الرجعييْن في السعودية و قطر.
وفي الوقت الـــــذي تتصاعد فيه حــدّة التهديدات الأمريكيّة تعمــل " المعارضة " اليمينيّة الدينيّة منها أو الليبيراليّة المدعومة إعلاميّا بقناتي الجزيرة و العربية على فبركة بعض الأحداث المؤلمة مثل "المجازر الجماعية" في بعض المدن والأرياف وبثّ صور مرعبة عنها على أوسع نطاق لإقناع الرأي العام العالمي بدمويّة النظام السوري حتّى تحظى مخططات الإمبرياليين بالدعم والمساندة .
إنّ الدور الموكول "للمعارضة السوريّة المسلحة" هو ارتكاب المزيد من الجرائم الصادمة باستعمال الأسلحة المحظورة دوليّا على أن تتولّى القنوات الإعلامية الرجعية نسبتها إلى النظام السوري لتوفير الغطاء المطلوب للغزو المحتمل والذي يمثّل جزء ا من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يرتكز على تأجيج الصراعات الداخلية في الوطن العربي وتغذيّة النزاعات الطائفيّة والحروب الرجعيّة التي لا تمتّ لمصالح الكادحين بصلة علما انه تم الكشف في تركيا عن امتلاك مجموعة تنتمي لتنظيم القاعدة و منخرطة في الحرب في سوريا للغازات السامة .
إن هدف الإمبريالية العالمية خاصّة الأمريكيّة من تأجيج هذه الصراعات هو تفكيك الوطن العربي ومزيد تفتيته وتشتيت شعبه لأنّ وحدته تمثّل خطرا على وجودها و مصالحها كما أنّ الحروب التي شنّتها على بعض الأقطار العربية مثل العراق وليبيا كان هدفها الحقيقي تغيير رموز الأنظمة العربية التي تخشى خروجها من بيت الطاعة لاستبدالها برموز أخرى أكثر استعدادا لخدمة مشاريعها الآنيّة منها والمستقبليّة وإنهاك الأمة العربية والحدّ من قدراتها لضمان التفوّق العسكري الدائم للكيان الصهيوني ، إضافة لسعيها الدائم للسيطرة الكليّة على الثروات الطبيعيّة التي يحتويها الوطن العربي خاصة المواد البتروليّة والغاز .
إنّ الذريعة التي تتعلّل بها الإمبرياليّة وهى " حماية الشعب العربي في سوريا من غطرسة النظام البعثي وبطشه " انما تمثل ذريعة واهية لأنّ الترهيب والتشريد والتقتيل الحقيقي هو الذي يتعرّض له هذا الشعب يوميّا على يد العصابات الإرهابيـة الظلاميّة المنضوية في جبهة "النصرة" و"الجيش الحر" و غيرها من الأطراف الرجعية الذى وصل حد التطهير العرقي الذي يمارسه هؤلاء الإرهابيين الذين تجمعوا في سوريا من كلّ أنحاء العالم بدعم وتمويل من الأنظمة العربية العميلة خاصة النظامين القطري والسعودي وإسناد من الرجعية التركيّة و تخطيط من الإمبرياليّة العالميّة التي وفرت لهم السلاح فضلا عن الكيان الصهيوني الذي مدهم بدوره بالأسلحة المتطوّرة واحتضن جرحاهم كما مكّنهم أيضا من الدعم اللوجستي، فكل هذه الجرائم ظلت بعيدة عن عين الامبريالية التي لا ترى إلا ما تريد رؤيته و هو ما يتناقض مع زعمها حماية الشعب السوري الذي لا يصدقه احد و قد رأى العالم اجمع معنى تلك الحماية في العراق عندما عذب السجناء واغتصبوا في ابو غريب و غيرها من الأماكن و تم تحويل بلد باكمله الى محرقة طائفية لا تزال نيرانها تلتهم الكادحين وهو المصير نفسه الذى ينتظر سوريا في حال غزوهها من قبل الامريكيين .
لقد راهن البعض على روسيا والصين لكي تتصدّى للتهديدات الأمريكيّة وثمّنوا كثيرا مواقف الرئيس الروسي بوتين واعتبروه المنقذ للشعب العربي في سوريا وكاد الأمر يصل بهم إلى حدّ اعتباره "زعيما قوميّا" وفاتهم أنّ الإمبرياليين هم المتسببون الرئيسيوّن في كل المآسي التي حلّت بالعالم وأغلبّ الجرائم التي اقترفت في حقّ الشعوب والأمم المضطهدة.
فالإمبرياليون مهما كان لونهم لا يهتمون سوى بمصالحهم ومصالح حلفائهم وأنّ الخلاف الحالي بين روسيا وأمريكا بالإمكان تسويته في حال حصول اتّفاق بينهما يضمن لكلّ طرف مصالحه الإستراتيجيّة وحينها سيتمّ التضحيّة ببشّار مثلما تمت التضحية بالقذافي و صدّام .
إنّ أعداء الوطن والشعب الذين يناشدون الإمبرياليّة الأمريكيّة التدخّل في النزاع الدائر في سوريا هم في حقيقة أمرهم عملاء للقوى الاستعمارية فقد وجدوا لإسداء الخدمات لأسيادهم ، و هؤلاء الذين يتذرّعون اليوم للتغطية على عمالتهم وعدائهم للشعب بجرائم النظام السوري هم أنفسهم الذين كانوا لوقت قريب من أركان ذلك النظام و من بينهم قادة سياسيون وضباط كبار، أما أقرانهم الخليجيون فد دعموا لسنوات طويلة النظام السوري يوم كان متحالفا معهم ضد نظام صدام حسين إبان دخول قواته الكويت و قبل ذلك بسنوات دعموا الحملة ضد الثورة الفلسطينية و الحركة الوطنية اللبنانية وتدمير مخيم تل الزعتر و الكرنتينة وجسر الباشا و اغتيال كمال جنبلاط .
أما الامبرياليون الأمريكيون الذين يلبسون الآن ثوب الحمل وينددون باستعمال أسلحة الدمار الشامل فهم أنفسهم الذين أينما حلوا حلّ معهم الدّمار والخراب و يبقى التاريخ خير شاهد على ما اقترفوه من جرائم في حقّ الشعوب والأمم المضطهدة خاصة عند إلقائهم القنابل الذريّة على مدينتىي هيروشيما و ناكازاكي اليابانيتين سنة 1945 و ما نتج عنها من موت مئات الآلاف من البشر خلال ثوان معدودة إضافة لما لحق من نجا من الموت من تشوّهات خلقيّة وأمراض مستعصية، يضاف إلى ذلك استعمالهم للأسلحة الكيمياوية المحظورة دوليّا في تقتيل الشيوعيين الفيتناميين ورش الغابات بمواد لا تقتل البشر فقط بل الشجر أيضا. و لا يختلف حال الامبرياليين الفرنسيين عن حال أقرانهم الأمريكيين ففي الجزائر وحدها قتلوا مليونا و نصف مليون من البشر و خلال مجزرة سطيف بتاريخ 8 ماي 1945 قتلوا 45 ألفا في يوم واحد للبرهنة على "تحضرهم" و "إنسانيتهم" في مواجهة "همجية " السكان العزل .
وحتّى لا نوغل كثيرا في التاريخ الحديث لتعداد الجرائم الإمبريالية ، نعود قليلا إلى الوراء ونقارن وضع الشعب العربي في العراق قبل الغزو وبعده لنلاحظ أن وضعه في تدهور مستمرّ منذ احتلاله والسيطرة على ثرواته النفطيّة ومصادرة قوته اليومي إذ زحف الفقر على العديد من العائلات وعمّ البؤس أغلب الفئات وأصبحت العصابات الإجراميّة المتحكّم الفعلي في مفاصل الدولة فعمّت الفوضى وشملت كامل نواحي الحياة ممّا تسبّب في الحرمان من الخدمات الضروريّة مثل النور الكهربائي والغاز الطبيعي والمياه الصالحة للشرب وكذلك التعليم والنقل في بلد يملك ثروات نفطيّة هائلة .
تلك هي نتائج الغزو الإمبريالي للعراق، الذي جاء مبشّرا " بتوطيد أركان الديمقراطيّة المفقودة في ظلّ نظام عراقي فاشي " وتلك هي ملامح " الديمقراطيّة " التي أرسلتها الإمبرياليّة الأمريكيّة على متن حاملات طائراتها وعلى ظهور دبّاباتها ليحصد الكادحون العراقيون نتائجها دمارا وخرابا وبؤسا وشقاء .
وقد حل نفس الخراب بليبيا إثر غزوها فأصبحت مستودعا للأسلحة بجميع أنواعها وسوقا مفتوحة على مصراعيها لتجارتها ومقرّا رئيسيّا للعصابات الإجراميّة المسلّحة التي وصل بها الأمر إلى السيطرة على بعض الموانئ الخاصة بتصدير البترول والإشراف على بيعه لحسابها الخاص، فضلا عن تقسيم البلاد فعليا إلى مقاطعات يتحكم فيها أمراء الحرب الدينيون.
لقد أصبحت الأقطار العربية التي غزاها الامبرياليون الغربيون مرتعا للظلاميين الذين نهبوا الثروات و صادروا الحريات في المناطق التي استولوا عليها لتفقد المرأة حريّة التنقل والحق في الدراسة وغيرها من الحقوق و تموت الثقافة وينعدم العمل النقابي الخ فتلك هي بعض مظاهر و نتائج التدخّل الإمبريالي في الوطن العربي وهذا هو ما ينتظر الكادحين في سوريا من حملة " حماية المدنيين " .
وغنيّ عن البيان أن السبب الرئيسي للغزو المنتظر هو التخلّص من السلطة السورية الحالية لتعويضها بسلطة أخرى ربما تكون مزيجا بين الرجعية الدينية والرجعية الليبرالية مثلما هو عليه الحال في تونس وبثّ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد عبر تغذيّة الصراعات العرقيّة والدينيّة و القبليّة و تفكيك سوريا وتقسيمها لضمان أمن الكيان الصهيوني وتفوّقه العسكري فضلا عن نهب الثروات.
إنّ آخر ما تفكر فيه الإمبرياليّة التي تعربد أساطيلها في المتوسط استعدادا لغزو سوريا هو مصلحة الشعب العربي ، فكل ما تهتم به هو ضمان مصالحها وتدعيم تواجدها في منطقة ذات أهمية إستراتيجية كبرى ، ونفس هذه الإمبريالية التي تقدّم نفسها على أنّها " مهتمّة بحقوق الإنسان و الديمقراطيّة و حماية الشعوب من صلف حكّامها و الحريصة على دماء السوريين " لم تحرّك ساكنا تجاه الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين فقذ قصف المدارس والمستشفيات ودور العبادة واستعمل الأسلحة المحظورة دوليّا وقتل وشرّد مئات الآلاف و كل ما كانت الامبرياليات الغربية تفعله تجاه ذلك هو استعمال حق الفيتو لحمايته من أى عقاب .
ذلك هو جوهر الإمبريالية التي لا تعيش بدون حروب وهو ما يفرض على الكادحين الاستعداد لمقاومتها من خلال تحديد دقيق لأصدقائهم و أعدائهم والتعويل على قواهم الذاتيّة رئيسيا عوض انتظار النصر على يد دول امبريالية أخرى أو على يد سلطة بشار الأسد فعلى المدى الاستراتيجي لن يهزم الامبرياليون إلا على يد الكادحين وحدهم باعتماد أسلوب الحرب الشعبية طويلة الأمد مثلما تبينه التجارب الظافرة في الصين و فيتنام و غيرهما .
و هذا ما يفرض على الثوريين العرب استنهاض الجماهير ورصّ صفوفها للانخراط في الكفاح و الثورة حتى إنجاز مهمة التحرر الوطني الديمقراطي والتقدم في اتجاه الاشتراكية ، كما يفرض ذلك ربط الصلة بالحركات الثوريّة والقوى الديمقراطية في شتى البلدان للتحرك من أجل فضح المخططات الحقيقيّة للامبريالية و خوض نضال فعلى لإفشالها، وليس الكفاح من أجل قهر المعتدين على سورية غير معركة صغرى ضمن معركة أكبر تدور رحاها في الوطن العربي كله ضد الرجعية و الامبريالية و الصهيونية

صدر في جريدة طريق الثورة عدد سبتمبر 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح