الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الثورة ام كرب ما بعد الثورات .. مقاربة نفسية

مجيب العمري

2013 / 9 / 11
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ماذا جنت شعوب بني يعرب من ما يسمى بالثورة ؟ الاجابة غير موجودة خاصة بعد صعود تيار الاسلاميين الى سدة الحكم، فالاراء متباينة و ووجهات النظر متضاربة بين مطبل و مهلل للانظمة الجديدة و بين ممتعض نافر ناقم على ما يسمى بانظمة مابعد الثورة، او ما بعد الانتفاضة كما يحبذ اخرون القول.
لكن القاصد مثلا لسوق يومية او راكب لباص عمومي في مدينة من مدن تونس قادر على التفرس في ملامح المارين و المسافرين و المتسوقين فالاكتئاب الجماعي في تونس ما بعد الثورة ظاهر للعيان خاصة مع انتشار ماكنات عملاقة لصنع الاكتئاب الجماعي : من حوارات عقيمة في المنابر و التلافز و جدليات بين المواطن قد تصل حد التنافر و انتشار محركات للنفور الاجتماعي استغلت الحبر و الورق و حتى الميلتيمياديا و النات من اجل تمرير خطابات تحريضية من شانها زيادة حالات الاحتقان الجماعي و الغليان في المكون النفسي للتونسيين.
لذلك مع تواتر هذه الظروف النتيجة جاءت سريعا حيث اورد تقرير السعادة العالمية لعام 2013 الصادر عن معهد ايرث التابع لجامعة كولومبيا بمشاركة المبادرة العالمية التابعة للامم المتحدة والمعهد الكندي للبحوث المتقدمة ان تونس تتصدر قائمة الدول المغاربية الاقل سعادة و قد استخدم التقرير عدة معايير لقياس اكثر الشعوب سعادة وهي: حصة الفرد من اجمالي الناتج المحلي والدعم الاجتماعي للفرد والاسرة والعمر المتوقع عند الميلاد ومدركات الفساد والانفاق على الرعاية الصحية والتمتع بالصحة العقلية والامن الاقتصادي والشعور بالرضا والنجاح في العمل وسهولة الحصول على الخدمات الاساسية وارتفاع الدخل.
هكذا و بغض النظر عن مدى استجابة هذه الثورات لما طرحته من اهداف فان الاكيد ان اقطارها تعيش حالات من التقهقر النفسي المرضي تلحظها في الشارع تمظهراتها الاكيلينكية على مستوى التجمعات البشرية، بارز من تلك الوجوه البائسة العدوانية، و ابتذال اللسان في الشارع و انتشار الاشاعات و ارتفاع عدد المخالفات المرورية و الكتابة على الجدران و اتلاف الممتلكات العمومية، و فقدان للبهجة او مستوى معين للبهجة في الشوارع، في فقدان لكل التوازنات النفسية و العاطفية تجعل من المواطن كائنا سريع الانفجار.
تجمعات ما بعد الثورة تعيش حالة هستيريا جماعية زادت عليها خيبات الامل و تبخر الوعود و الاحلام و تدهور الوضعين الامني و الاقتصادي. صنع كائنات مصابة بالبارانويا و الخوف من الاخر و المستقبل و الحاضر.
الامني و الاقتصادي. صنع كائنات مصابة بالبارانويا و الخوف من الاخر و المستقبل و الحاضر.
يجب علينا الاعتراف اننا مجتمعات تعيش حالة انكماش نفسية مدمرة، على الاقل هذا ما تخبر به الارقام ففي تونس مثلا تقول مديرة قسم العيادات الخارجية بمستشفى الامراض النفسية بمنوبة ان عدد المقابلات مع الاطباء النفسانيين قد زاد سنة 2012 اي سنة بعد الثورة بنسبة 25 % ليصل لنسبة 150 الف مقابلة جلهم من الطبقة التي اصيبت بالانكماش تلك الطبقة الحيوية المتوسطة من المعلمين و المدرسين و اطارات الصحة و غيرهم. كما ان عدد هذه المقابلات قد زاد خاصة بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد المناضل اليساري المعروف بمناهضته للتيارات الاسلامية المتطرفة فيفري المنصرم، و الان و بعد حادثتي 25 جويلية و 29 جويلية و ذبح خيرة من جنود الوطن من قبل مجموعات اسلامية حسب ما افادت به وزارة الداخلية التونسية بطريقة مهينة و صور بشعة صادمة لكل التونسيين فان النتجية الحتمية هي بالضرورة كميات الخوف التي تملكتهم و ضربت لا وعيهم و احتلته في مقارنات لا ارادية لانفسهم كمدنيين ان وضعوا في نفس الوضعية التي وضع فيها العسكريون، تلك المقارنة المفزعة المرعبة تحتلهم رغما عنهم،و ترشحهم لمزيد من الاكتئاب و ارتفاع عدد المقابلات النفسية و تنامي اعداد مستهلكي مضادات الاكتئاب في تونس في اعداد مهولة و غير مسبوقة خاصة مع مجتمع عاش في هدوء نسبي لمدة طويلة ابان الحقبتين الدكتاتوريتين السالفتين.
على الجهات الحكومية ان تعلم ان مجتمعات ما عبد الثورات سائرة بخطى حثيثة نحو التهرم و الشيخوخة النفسية و حالات الهستيريا الجماعية، التي تصنع من الامن و الاقتصاد هواجسها الكبرى.
هذا الاكتئاب لم ينتج كل تمظهراته حاليا، الضريبة ستدفع على مدى السنوات القادمة هذا ان بقيت الامور على حالها فما بالك بوضعية قابلة للانفجار في اي لحظة و لعل ما يتبادر الى الذهن صورة المجتمع البوسني المصاب عميقا نفسانيا رغم اختلاف الظروف و الحيثيات ان اخترنا اكثر السيناريوات تشاؤما.
و رغم خطورة الموضوع على مجتمعاتنا تبقى المعضلة الاكبر متى ستنتبه وزارات الصحة لدينا الى ما يسمى بالصحة النفسية في وقت تحولت فيه بعض وزارات الصحة نفسها و وزراؤها الى مدرات لا متناهية للقلق و الترويع الاجتماعي في حكومات ما بعد الثورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا