الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-

جواد البشيتي

2013 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


"الأزمة السورية" هي الآن كالذي يُشَدُّ بقوَّة للسَّيْر في اتِّجاهٍ (أو مسارٍ) من اتِّجاهيْن متعاكسين: "اتِّجاه الضَّربة" و"اتِّجاه المبادرة".
وإنَّ غالبية خصوم ومناوئي ومعارضي بشار الأسد (وحكمه) يَقِفون (صراحةً أو ضِمْناً) مع "الضَّربة"، وضدَّ "المبادرة"؛ فلماذا؟
لأنَّهم يريدون "تغييراً على الأرض" يزيل، أو قد يزيل، من طريقهم إلى إطاحة حكم بشار (بالقوَّة) كثيراً من العقبات؛ و"الضربة"، لا "المبادرة"، هي التي تعدهم، على ما يحسبون، بهذا "التغيير".
والدليل على ذلك نَعْثُر عليه في إجابتهم، لو أجابوا، عن السؤال الآتي: أَيُّهما الأفضل لكم، نَزْع "أنياب الأسد الكيميائية"، أيْ تجريده من "ترسانته الكيميائية (والبيولوجية)"، من طريق "المبادرة (أو المُقْتَرح)" التي أعلنها لافروف، وما يمكن أنْ تتطوَّر إليه، في مجلس الأمن على وجه الخصوص، أم ضَرْب الأسد عسكرياً بما "يُعْجِزَه"، و"يردعه"، عن استخدام "ترسانته الكيميائية (التي بقيت في الحفظ والصَّوْن)" ضدكم، مرَّة أخرى؟ إجابتهم، التي أَفْتَرضها وأتوقَّعها، هي: "الضَّربة".
إنَّ "الضَّرْبة"، ومن الوجهة العسكرية الصَّرف، لن تكون بما يسمح للولايات المتحدة (أو غيرها) بالسَّيطرة (الآمنة) على "المخزون الكيميائي (لبشار)"؛ كما لن تكون بما يجعلها سبباً لكارثة كيميائية (كبرى). وهذا إنَّما يعني أنَّ "المخزون الكيميائي" يجب أنْ يظل بمنأى عن "الضَّربة"، وبمنأى عن أيْدٍ غير الأيدي التي تُمْسِك به الآن (أيدي حُكُم بشار).
و"الضَّرْبة"، إذا ما "نجحت (عسكرياً)"، يمكن أنْ تتمخَّض عن تدمير (وإعطاب) كل ما يَسْمَح تدميره بإعجاز بشار الأسد (عسكرياً) عن استخدام "ترسانته الكيميائية" ضدَّ شعبه، مرَّة أخرى. وهذا إنَّما يعني تدمير أسلحة ومعدات عسكرية، مِنْ شأن تدميرها، أنْ يُغَيِّر "الواقع العسكري الميداني" بما يُمكِّن مقاتلي المعارَضَة من جَنْيٍّ سريع لمكاسب عسكرية (ميدانية) مهمَّة، فيُطيحون بالقوَّة حُكْم بشار الأسد، أو يتهيَّأ لهم من الظروف والأسباب ما يفضي إلى مفاوضات، تنتهي، سريعاً، بـ "حلٍّ سياسي"، ينتهي فيه، وبه، هذا الحُكْم.
إنَّ مصلحتهم تقضي بتأييد ضَرْبة من هذا النوع؛ ضَرْبة تُبْقي على "الترسانة الكيميائية"؛ لكنَّها تُضْعِف القوى العسكرية لبشار، بما "يُعْجِزه"، و"يردعه"، عن استخدام هذه الترسانة، مرَّة أخرى، وبما يُحْدِث هذا التغيير في "الواقع العسكري الميداني"؛ و"النتيجة" ستكون أفضل لو زُوِّدت المعارَضَة أسلحة ومعدات عسكرية أكثر وأفضل نوعيةً.
"الضَّرْبة"، مع ما يمكن أنْ تتمخَّض عنه من "نتائج (سوريَّة داخلية، أو إقليمية، أو دولية)"، قد يَذْهَب كثيرٌ منها بما تَوقَّعته أطراف الأزمة، أو الصراع، وبما توقَّعته إدارة الرئيس أوباما على وجه الخصوص، كانت هي المسار الذي للمعارَضَة مصلحة حيوية في أنْ تسير الأمور فيه؛ لكنَّ المعارَضَة أخطأت الخطأ الذي طالما حذَّر لينين الثوار من الوقوع فيه، ألا وهو خطأ أنْ يَنْظُر الثوار إلى ما يرغبوا فيه، أو عنه، وإلى آرائهم ووجهات نظرهم ومواقفهم وتوقُّعاتهم..، على أنَّه، أو أنَّها، "الواقع الموضوعي (نفسه)". والثوار لا يُدْرِكون هذا "الخطأ"، ووقوعهم فيه، إلاَّ عندما يرون "النتائج (العملية الواقعية)" تَذْهَب بـ "توقُّعاتهم (كلياً، أو جزئياً)".
أمَّا السَّيْر في مسار "المبادرة" فهو سَيْر طويل، وطويل جدَّاً؛ ولا يعني بدء السَّيْر فيه، عملياً، إلاَّ بقاء بشار مُحْتَفِظاً بـ "مخزونه الكيميائي (والبيولوجي)"، كلياً، أو جزئياً، وزمناً طويلاً، ومُحْتَفِظاً، أيضاً، بسائر قواه العسكرية، ومنها تلك التي تُمكِّنه من استخدام السلاح الكيميائي مستقبلاً. ويعني أيضاً اكتساب بشار مزيداً من القوَّة العسكرية والسياسية، وتَعاظُم شأن ونفوذ حلفائه الإقليميين والدوليين، وازدياد الضعف العسكري والسياسي للمعارَضَة؛ فـ "الضَّربة"، وبدعوى "إقناع" بشار بنزع "ترسانته الكيميائية"، وبالمضي قُدُما في نزعها، ستُحْذَف من "جدول الأعمال"، والمعارَضَة لن تحصل على ما تحتاج إليه من سلاح.
ويكفي أنْ يرى بشار كل هذه "الثمار الطَّيبة" حتى تتضاءل، لا بَلْ تنعدم، لديه الحاجة إلى استعمال غاز السَّارين مرَّة أخرى؛ فـ "الغوطة"أعطت، أخيراً، تلك الثمار التي كان يأملها.
بشار لم يحفظ لأوباما ماء وجهه إذْ تجاوز خطه الأحمر وارتكب جريمته الكيميائية المروعة في غوطتي دمشق الشرقية والغربية، فسار، مُكْرَهاً، في مسار الضَّرْبة؛ وقد يعود أوباما إلى السَّيْر، مُكْرَهاً، في هذا المسار إذا لم يُعْطِه بوتين وبشار "إنجازاً" متَّصِلاً بـ "المبادرة" يحفظ له ماء وجهه.
إذا لبَّيا له هذه الحاجة، فلن يشق عليه، عندئذٍ، أنْ يَجِد "الطريقة المناسبة" لتخليه عن السَّيْر في "مسار الضَّربة"، وسَيْرِه حثيثاً في "مسار المبادرة"، مُضخِّماً هذا "الإنجاز"، ومُصوِّراً له على أنَّه ثمرة "التهديد بالضَّربة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر