الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور جديد لثورة قديمة

ابراهيم العزب

2013 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بسم الله الرحمن الرحيم
دستور جديد لثورة قديمة
القرار بتعديل دستور ما أو إلغاءه لا يتعلق في الحقيقة بإرادة سلطوية بحتة ، أو رؤية شخصية محضة وان ادعت هذه أو تلك الحكمة والألمعية ، ذلك أن للتحولات الاجتماعية قوانينها التي لا يتسنى الخروج عليها من دون ثمن مدفوع ، وإذا كانت الثورة هي التعبير الأكثر قطعا وجذرية عن التحولات الاجتماعية الحقيقية ، فان الوثيقة الدستورية هي العقد الاجتماعي المعبر عن التوازنات الاجتماعية التي خلفتها تلك التحولات في الواقع ، ومن ثم فان الأثر المباشر للثورة على الوثيقة الدستورية القائمة هو الإلغاء حتما ، فالثورة المنتصرة تصنع في العادة وثيقتها الدستورية الخاصة ، والخروج على تلك القاعدة يعنى في الغالب استمرار المجتمع ضمن حالة هلامية رجراجة غير متماسكة القوام ، وسريان روح ثورية هائمة في مفاصله تحول دون استقرار مكوناته وقواه عند أوضاع اجتماعية - جديدة - ولكنها معلومة ومحددة المعالم ، وبالجملة تسود حالة من عدم القدرة على الحسم الاجتماعي بما يؤدى إليه ذلك من اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية وفى كثير من الأحيان أمنية ،
ولعل ثورة يناير المصرية نموذج معبر عن تلك الحالة التي نصفها ، فعقب انجازها لمهمتها الأولى وإسقاط رأس النظام ، انصرف روادها إلى استراحة محارب قصيرة ، وهنا جرى اختطافها وارتهانها ، وانعطف مسار الثورة إلى حالة غير ثورية من التلفيق والرتق ، والوثيقة الدستورية الأولى بعد الثورة كانت تعديلا لبعض أحكام الدستور السابق ، ثم جرى نسخه في صورة إعلان دستوري ، وهكذا ، إلى أن كان الدستور المعطل الذي استنسخ هو أيضا دستور النظام البائد إلا قليلا وبقدر ما كان يلزم للتعبير عن الفصيل الذي وضعه ، ولكنه لم يعبر بأي حال عن الثورة أو مطالبها على الرغم من بعض الرتوش والمساحيق التي لم تستطع أن تخفى قبيحا أو تستر معيبا ، وهكذا ظلت مطالب ثورة يناير في العيش والحرية ، والعدالة الاجتماعية ، والكرامة الإنسانية ، والقضاء على الفساد بتطهير كثير من القطاعات الحيوية في البلاد ، ظلت جميعها خارج نطاق التفعيل الدستوري ، ومستبعدة من دائرة الإمكان أو التحقق
وإذا كان لكل ثورة مطالبها التي تعبر عنها وتحدد هويتها ، فان ثورة الثلاثين من يونيو قد أضافت مطلبا واحدا وفريدا إلى مطالب ثورة يناير وهو إسقاط حكم المرشد ، وهكذا فانه وباسترداد الثورة فعلا من بين أيدي مختطفيها فقد أصبحت استحقاقات يناير على المحك مباشرة ، وبات من المتعين على الإعلان الدستوري الذي تلا ثورة يونيو أن يقرر دون تردد أو مواربة إلغاء دستور 2012 ويكلف اللجنة التأسيسية بوضع دستور جديد للبلاد يحقق مطالب ثورتها القديمة مستجيبا لنداء ثورتها الثانية ، لكنه ومن أسف لم يفعل ، وعلى النقيض من ذلك عاد بالوثيقة الدستورية المرجوة إلى ذات الدائرة من التعديل والتلفيق والرتق ، الأمر الذي أثار – في إلحاح - تساؤلات عدة عما إذا كان هذا المسلك هو تعبير عن أن تناقضا ما قد نشأ بين ثورة وثورة ، أو أن تباينا ما قد وقع بين أهداف وأخرى ؟ أم أن الأمر لا يعدو في النهاية كونه مجرد خطأ فني يمكن تجاوزه بقليل من الخبرة والحنكة ؟ في أي الأحوال وأيا ما كانت وجهة النظر حول حقيقة الأمر ، فان اللجنة التأسيسية قد بدأت أعمالها بالفعل في ظل حالة من التفاؤل العام بقدرتها على تجاوز مثل هذه العقبات وصناعة دستور جديد يعبر في موضوعية عن مطالب الثورة وأهدافها ، ولكن هذا التفاؤل أو لنقل الدعم والتأييد مشروطان في الحقيقة بأن تكشف اللجنة عن تماسك خلف مطلب دستور جديد ، وأن تبدى تفهما حقيقيا لأبعاد المطالب الثورية المعلنة لثورة يناير وأهدافها فان تولت أو تنكبت الطريق فلا شك أن خبرة السنوات الثلاث السابقة ماثلة لكل من ألقى السمع وهو شهيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير