الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدخل العسكري الخارجي والتفكك الانفجاري للبنية الداخلية

محمد سيد رصاص

2013 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لم تتفكك البنية الداخلية اليابانية عقب استسلام اليابان العسكري في آب 1945 أمام القوة العسكرية الأميركية إثر ضربتي هيروشيما وناغازاكي النوويتين،بل حصل على العكس من ذلك توحد داخلي للمرور تحت سقف الدستور الياباني الجديد الذي فرضه وصاغه المحتل في يوم3أيار1947،رغم كونه ينزع من طوكيو حق اعلان وشن الحروب،قبل أن يتم على أساس هذا الدستور عقد المعاهدة الدفاعية مع واشنطن ومع ثمان واربعين دولة من التحالف الغربي في زمن الحرب الباردة بيوم 8أيلول1951،وهو ماأعقبها عملية استعادة "سيادة" الدولة اليابانية في 28نيسان1952.
حصل شيء معاكس في أفغانستان لماحصل في اليابان عقب غزو السوفيات العسكري في يوم27كانون أول1979:تفكك في بنية السلطة الحاكمة بعد قتل السوفيات للرئيس الأفغاني حفيظ الله أمين ،زعيم جناح(خلق- الشعب) في الحزب الشيوعي الحاكم قبل أن يجلبوا من براغ زعيم جناح (بارشام – الراية)بابراك كارمال وينصبوه رئيساً،ثم تفككاً وانفجاراً في البنية المجتمعية الأفغانية لم يستطع الانقلاب العسكري الشيوعي في 27نيسان1978إحداثهما رغم دخول بعض المنظمات الاسلامية في العمل المسلح ضد الشيوعيين على إثره،وقد أتاح التفكك الانفجاري للبنية الداخلية الأفغانية في مرحلة (مابعد27كانون أول1979)المجال لقيام تحالف واسع امتد من واشنطن إلى اسلام آباد والرياض، مع عشرات آلاف المتطوعين الاسلاميين، استند إلى بنية داخلية واسعة رافضة للغزو السوفياتي ،وهو ماساهم في جعل أفغانستان بين عامي1980و1989الأرض الميدانية المباشرة لكسر موسكو أمام واشنطن في الحرب الباردة(1947-1989).
في العراق المغزو والمحتل عام2003كانت الصورة أوضح:بنية مجتمعية متفككة، منذ انتفاضتي شهر آذار1991اللتان لاقتا تأييداً واسعاً من الشيعة في الجنوب والوسط ومن الأكراد في الشمال،كان موقفها من الغازي والمحتل بعد اثني عشر عاماً وفقاً لموقفها من السلطة الحاكمة لصدام حسين ومبنياً عليه،حيث وقفت غالبية كاسحة من الوسط السني العربي ضد الغزو والمحتل الأميركي فيما وقفت مع الأميركي غالبية كاسحة من الشيعة والأكراد. خلال عشرة سنوات من مرحلة مابعد سقوط بغداد بيوم9نيسان2003ازداد التفكك المجتمعي العراقي وفقاً لتلك اللوحة التي ظهرت الصورة الجنينية لها عام1991ثم أصبحت واضحة الملامح في أيام الغزو الأميركي لبلاد الرافدين لماانقسم العراقيون بين مؤيد ورافض للغزو وفقاً لانتماءاتهم الطائفية والاثنية(شيعة وأكراد- سنة عرب)،ولم يحصل تبدل في تلك اللوحة رغم ظواهر مثل(الصحوات)و(القائمة العراقية)التي حاول من خلالها بعض السنة العرب التقرب من الأميركي في مرحلة مابعد عام2007لكسر الثنائية الشيعية- الكردية التي أصبحت حاكمة في عراق مابعد9نيسان2003كماكان السنة العرب في الدولة العراقية الحديثة منذ تنصيب البريطانيين لفيصل بن الحسين ملكاً على العراق في آب1921.
إذا أردنا دراسة تلك الحالات الثلاث،نجد التالي: في يابان 1945-1952كان هناك توحد ياباني أمام الأميركي المحتل ارتأى الانحناء العسكري- السياسي مقابل مشروع العملقة الاقتصادية تحت ظل واشنطن تماماً كماكان موحداً أمام الأميركي في الحرب ضده منذ أيام الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور(7كانون أول1941).هذا هو السبب الذي منع تفجر البنية الداخلية اليابانية عقب الاحتلال العسكري الأميركي لليابان عام1945. أي أن التوحد الداخلي قبيل ومن ثم أثناء التدخل العسكري الخارجي هو الواقي من انفجار البنية الداخلية المجتمعية في مرحلة الغزو ومايعقبه من مرحلة احتلال. هذا الوضع الياباني لم يكن موجودا ً في أفغانستان 1979-1989ولكنه في الثمانينيات لم يأخذ طابعاً إثنياً بل سياسياً بين شيوعيين واسلاميين مع تحالفات خارجية لهما ضد بعضهما البعض،فيما في الغزو الأميركي لأفغانستان عام2001أخذ الانقسام والانفجار الداخلي الأفغاني أمام الغازي ثم أمام المحتل وطوال اثني عشر عاماً مضت منه طابعاً إثنياً هو نفسه الذي كان أمام حكم حركة طالبان في كابول بين عامي1996و2001بين قاعدة باشتونية موالية ومعارضة طاجيكية- أوزبكية- الهازارة الشيعة كانت تدعم (تحالف الشمال) ضد (طالبان)،ويلاحظ خلال اثني عشر عاماً مضت على غزو واحتلال أفغانستان منذ7تشرين أول2001أن تلك اللوحة الانقسامية المجتمعية في الضد والمع على أسس إثنية من حكم طالبان الذي استمر لخمس سنوات قد استمرت هي نفسها ولكن في شكل انفجاري في مرحلة الاحتلال الأميركي بعد أن عبرت عن نفسها في مرحلة الغزو الأميركي (تشرين وتشرين ثاني2001)بنفس الملامح التخطيطية الخرائطية التي كانتها ضد طالبان منذ حكمهم لكابول في أيلول1996. ماحصل أفغانياً جرى عراقياً أيضاً: الانقسام السياسي تجاه حكم صدام حسين بدأ يأخذ منذ آذار1991 ملامح طائفية- إثنية في المع(السنة العرب بغالبية كاسحة) والضد (شيعة وأكراد)،بخلاف ماكان عليه الوضع في عراق عبد الكريم قاسم لماأخذ الانقسام السياسي ملامح أيديولوجية بين شيوعيين وعروبيين، وقد انتقل هذا الانقسام العراقي الظاهرمنذ آذار1991 ليظهر بصورته نفسها أمام الأميركي الغازي والمحتل،ولكن مع أخذه في مرحلة مابعد 9نيسان 2003طابعاً انفجارياً للبنية المجتمعية كاد أن يصل في عامي2006و2007لمرحلة الحرب الأهلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة