الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضرار التدويل..!

سنان أحمد حقّي

2013 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


أضرار التدويل..!

ها هي الآن المشكلة أو المسالة السوريّة تدخل في فضاء آخر بعيد عن الفضاء الذي بدات به ، فبعد ان إنطلقت التظاهرات والإحتجاجات في درعا كانت المشكلة ما تزال تتضمن مطالب محدودة لا تتعدّى الحريّات الأساسيّة وقضايا الديمقراطيّة ولكن أنظروا الآن وبعد ان تم تدويل الموضوع إلى أين وصلنا؟
لقد تم الآن تماما تجاهل المطالب التي بدأ بها المتظاهرون وكذلك كل ما جرى من أحداث مختلفة بين كل الأطراف وأصبحت قضية سوريا اليوم هي قضيّة حيازة الأسلحة الكيمياويّة ولو تم التوصّل إلى حل حولها بين الكبار واخصّ الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن فإن المجتمع الدولي سيشعر بارتياح لسببين أولهما أنه تم وضع حدٍّ لحيازة أحد أسلحة الدمار الشامل في المنطقة والتي قد تكون في الماضي سببا في إحداث توازن في الردع الشامل وبذلك يتحقق ضمان أمن إسرائيل والثاني انه يكون الغربيون قد تفادوا مواجهة كانت قد تنشب بين الروس والصينيين من جهة وبين التحالف الغربي من جهة أخرى مع أن المواجهة العسكريّة غير محتملة ولكن عودة الحرب الباردة ستكون لها عواقب لا تقلّ تأثيرا عنها
هكذا نرى أن أي موضوع يُلقى إلى أيدي الكبار سرعان ما يتحوّل إلى التسخير المباشر للمصالح الكبرى ويخسر المتبارون الصغار جميع ما عملوا على التفكير بتحقيقه .
وليست المعارضة السوريّة هي الخاسرة وحدها بل أن الحكومة السوريّة ستجد بعد حين أنها سيتحتّم عليها دفع ثمن باهض ايضا عندما يتم عقد مؤتمر جنيف 2 إذ على من باع بالآجل أن يُطالب بالثمن ولن يكون ثمن وقف العدوان الأمريكي بخسا ولا بدون مقابل
إن بعض الدول بالمنطقة للأسف الشديد لا تعتمد الموضوعية في التعامل الإقليمي أي نعني لا تتعامل من خلال قدراتها وإمكانياتها العسكريّة والبشريّة الحقيقيّة بل تقوم ستراتيجياتها على التحالف مع الدول الكبرى والعظمى ، أي كمن يستأجر أحد الشقاة للدفاع عنه ولكن الشقاة المأجورين كما هو معلوم قد يُدفع لهم ما هو أكثر وحينذاك ينقلب السحر على الساحر كما يقولون ،لقد ذكرت في مناسبة سابقة وحديث في معرض التعليق على مقال لأحد الأخوة الأعزاء في موقع آخر ورويت حكاية كانت غالبا ما تحدث في مكان من منطقتنا :
كان هناك حوضٌ خصبٌ على جانبي نهر كبير وكانت تسكن هذا الحوض وتعمل فيه بضعة قبائل وعندما يحين موعد حصاد وقطاف المحصول كانت القبائل الكبرى تفتعل شجارا بينهما وحيث ان أحداها تقطن أعلى النهر في حين أن الأخرى تقطن اسفله فإنهما أي القبيلتان تبدآن بالإستعداد للقتال والحرب على بعضهما وتقرع طبول الحرب ويتجمع الرجال ويتأهّبون لذلك ومع إقتراب موسم القطاف تزحف كل قبيلة على الأخرى ويحتاج هذا الأمر إلى وقت وترتيبات تستلزم بعض التدابير وكلما زحفت القبائل لملاقاة بعضها من خلال البساتين المثمرة والأشجار كان رجال القبائل يُسارعون إلى قطاف ما يقع في منطقة نفوذهم من محصول على سبيل النهب والغصب والقبيلة المقابلة تفعل الشئ نفسه حتّى يلتقيا في منتصف الطريق ويكون عندها المحصول قد تم قطافه ونهبه بالتمام والكمال وحينذاك تُعلن القبيلتان عن قبول التحكيم وتلجآن إلى الحل السلمي فيدخل بينهما أهل ( الرحم ) كما يُقال ويحصل الإتفاق والوفاق ويحلّ السلام ويعود كل فريق إلى مكانه و الجميع يحمدون الله على نعمة السلام حيث كفى الله المؤمنين القتال ، إلاّ أصحاب البساتين الذين يكونوا قد فقدوا جميع محصول العام الذي عملوا على رعايته وخدمته فاصبحوا كمن عاد بخفّي حُنين ،
إن تدويل المشاكل الإقليمية لا يعود بالنفع العميم كما يظن بعضهم كما ان جعل البعض الآخر من أنفسهم راس حربة في إثارة النزاعات الإقليميّة بغير توفّر عناصر موضوعيّة وفعلية هو عين اللعب بالنار، ومن جانب آخر فإننا رأينا بام أعيننا أن التحريض وتوفير الأموال لا يخلق سوى لفيف من المرتزقة ولا يؤسس لثوار ذوي قضيّة حقيقيّة ،
إن سياسيين يعملون بهذه الطريقة هم أضلّ من السوقة الذين يقودونهم حتّى لو كانت لهم مطالب عادلة ومشروعة لأنه منهج يضعهم على جادة العصابات والميليشيات وليس الثوار وأصحاب القضايا المشروعة
كما أن دبلوماسيّة إثارة النزاعات بالواسطة لن تقف حائلا عن أن تصل سخونة الأجواء إلى مناطقهم ،
ومن يضع مقدراته بيد القوى الكبرى لا يعلم كيف ستؤول به الأحوال عندما ينتهي الإحتفال
وقد قال احد المناضلين القدامى وأظنه فهد وبما معناه : من يضع امواله في صندوق عند صيرفي كبير في الخارج مقابل أن يكون المفتاح معه فإنه لا يملك من أمواله شيئا قطّ
ومع هذا فإن مثل هذه المناسبات تجعل كثيرا من أصحاب الحقوق والمصالح الصغيرة ينتفعون بها إذ أن تلاقي الحراب يخلق حيّزا وفضاءً فاضيا يمكن المرور من خلاله مع أن مثل هذا المناورات تحتاج هي الأخرى إلى مناورين بارعين ومتمرسين حيث تتهيّأ فرص جديدة للتملّص من عدد من الإلتزامات المفروضة من قبل بعض الأطراف الدولية أو الإقليميّة، فالكبار أيضا ياتي عليهم وقت يحتاجون فيه للصغار، فللكبار همومهم كذلك
إن تراجع قوّة الإستمراريّة وعزم القصور الذاتي الذي تمتّعت به الولايات المتحدة لفترة ربع قرن كامل توشك ان تنتهي وأن روسيا التي إنتفعت الآن من نفس القوة والقدرة للإستمراريّة السوفيتية السابقة يمكن أن تجعل بعض الأوساط الإقليمية والمحليّة في بحبوحة جديدة وفضاء أوسع من الضيق الذي مرّ خلال ربع القرن الماضي
الأمور تتغيّر بسرعة وعلى السياسيين المخلصين أن ينتفعوا بالأحداث أقصى إنتفاع ممكن
ولكن ليس بشكل إنتهازي بل بإعادة الحسابات واتخاذ ستراتيجيات تناسب المرحلة المقبلة وأولها ترصين الجبهة الداخليّة وتاكيد دور بلادنا في المحتوى الإقليمي ولجم عناصر التحدّي والتدخّل في إطار تطبيع العلاقات الإقليمية والدوليّة وأهمها تطبيع العلاقات الأخوية مع الجوار في حدود الإحترام المتبادل
إننا ولا شك مقبلون على مرحلة جديدة
ولكن الأهم أن لا نلقي بمشاكلنا إلى أيدي الكبار فإنهم لا يحلونها قدر النظر إلى مصالحهم من خلالها ومن خلالنا
ولكن على الصغار الذين يملؤون المنطقة أن يكفّوا عن دور العمل بالوكالة عن ( معازيبهم !) والذي بلغ التمادي فيه حدودا ضارّةً لا تُطاق ولكي نوضح الصورة والمقاصد بأقوالنا هذه نذكّر بقصة رواها الأستاذ كاظم الحجاج قديما وهي : يُحكى أن منطقة شعبيّة كان فيها بعض الشقاة الذين إحتفظوا لهم بكلب حراسة شرس يُجلس عند الباب في الزقاق الضيّق وعندما يمرّ احد المارّة فإن هذا الكلب يتولاه ويمزّق ثيابه ويعضّه بل يُدميه وعندما يسمع اصحاب الكلب بالنباح يخرجون للرجل المستطرق ويتولونه مرةً اخرى ويضربونه ايضا وهم يقولون : كلب مسكين جالس عن الباب ، لماذا تؤذونه ، حرام ، حيوان أليف !
وفي الختام أقول هل هناك من إعتبر من أضرار التدويل؟
وللحديث صلة والسلام عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العدوان الأميركي !؟
فؤاد النمري ( 2013 / 9 / 12 - 19:30 )
تقول العدوان الأميركي
وأنت تعلم أن المعتدي لا يعتدي إلا ليحقق مصالح خاصة
فأية مصالح سيحققها الأمريكان من ضرب عصابات الأسد دون أن يطأ جنودهم تراب سوريا ؟
ولماذا يعارض الكونجرس تحقيق تلك المصالح؟
أياك يا وفيق أن تخطب خطاب المفلسين سياسياً
تحياتي

وللعلم فقط
ذهبت قبل بضع سنوات أبارك لصديق قومي بصدور جريدته القومية وعندما اختليت به وكان قبل أسابيع في زيارة لسوريا قص علي قصة غريبة وختم بالتأكيد على أنه لو أجري تصويت فيما يفضل الشعب السوري الاحتلال الأميركي أما نظام البعث لاختار 97.5% الاحتلال الأميركي وكانت الجيوش الأميركية على الحدود السورية العراقية


2 - الضربة الأمريكيّة 1
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 12 - 22:39 )
حضرة الأستاذ الكبير والعزيز فؤاد النمري المحترم
تحيّة معطّرة وبعد
أولا أعترف أنني كان من الواجب ان اضع كلمة -العدوان الأمريكي - بين شارتي إقتباس لأنه يُدعى هكذا في وسائل الإعلام المختلفة ، والمقصود هو الهجوم الأمريكي المتوقّع على سوريا أو الضربة الأمريكيّة.
امّا المصالح الأمريكية من وراء ضرب اسلحة الأسد فهي بالتأكيد تحطيم الأسلحة الكيمياويّة والمخزون الكيمياوي الذي يجري التحقيق في امر إستخدامه بحق المواطنين الأبرياء الأمر الذي نؤيّد بشدّة محاسبة مستخدميه بحق أبناء الشعب السوري
وثانيا أعتقد ان الكونغرس الأمريكي يُعارض الضربة الأمريكيّة لسببين أولهما التأكّد من عدم الإنجرار إلى تدخّل مباشر ميدانيا خصوصا عند النظر إلى التجارب السابقة
يتبع رجاء


3 - الضربة الأمريكية 2
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 12 - 22:40 )
في العراق وليبيا وما جرّتا من إضطراب وفوضى والثاني هو المناورة مع ردود الفعل الروسي وهذا حصل بالتالي عندما طلب الرئيس اوباما نفسه من الكونغرس أن يتريّث باتخاذ قرار بشأن الموضوع
ومن جانب آخر فإنني لا أدافع عن إستخدام الأسلحة الكيمياويّة ولكنني بالتأكيد أنظر إلى المطالب الأساسيّة التي بدأ بها المتظاهرون وكيف إنتهت إلى مشكلة أخرى مختلفة ولم يعد أحد ينظر إلى أي وضع سيؤول امر المتظاهرين ولا إلى شلال الدماء الذي نزف ومئات الآلاف من الأرواح وملايين المهجرين الذين تكاد تُختصر قضيتهم بقضية مخزون الأسلحة الكيمياويّة ، فهل هي مناورة دبلوماسيّة ؟ أم فشل سياسي؟
إنني لا ألقي او اوجه خطابا سياسيا بقدر وضعي تساؤلات مشروعة وأنا اعلم ان هناك غالبية سوريّة ترفض النظام الحالي وفي الحديث عن الأحداث الواقعيّة لا يتطلب الأمر
يتبع رجاء


4 - الضربة الأمريكية3
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 12 - 22:41 )
ان نعود للتحليلات الإقتصاديّة والأسباب الماديّة للنزاع بل أن تتبّع وقائع الصراع الواقعي هي التي تهيمن على الإهتمام كما في الحروب والصراعات والنزاعات المختلفة إذ أن تطوّر الواقع على الأرض هو الذي سيقودنا إلى تصوّر الوضع في قابل الأيام ومستقبلها، وأن تتابع الأحداث لا يعود لخطاب المفلسين أم غير المفلسين فهو أمر واقع نعتبره سياسيا من معطيات الواقع المطروح امامنا
النقطة المركزيّة في مقالي هذا هي ان تدويل القضية السورية جعلها قضيّة فيما بين بوتين وأوباما والموضوع هو المخزون الكيمياوي بدلا من مطالب المتظاهرين واستحقاقات دماء مئات الألوف من المواطنين وملايين المهجرين والنازحين والمآسي المتفاقمة التي لا تحصى
انا اؤيّد جدا محاسبة مستخدمي السلاح الكيمياوي ضد الشعب وأؤيّد المطالب
يتبع رجاء


5 - الضربة الأمريكية4
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 12 - 22:43 )
المشروعة للمواطنين في إطلاق الحريّات العامّة وانتهاج الديمقراطيّة في الحكم ومنها إختيار الرئيس الذي ينتخبه الشعب بالإقتراع الحر المباشر النزيه ولكن أكرر دعنا ننظر إلى اين وصلنا؟
وهل ستقود المقترحات الروسيّة إلى إيقاف معاناة الشعب السوري؟
وكيف سيكون الوضع في جنيف 2؟ بعد ان يتعزّز موقف حكومة الأسد جراء إيقاف الضربة الأمريكيّة ؟
في وضع لا يفكّر فيه الكبار إلاّ بمخزون الأسلحة الكيمياويّة وهو الأمر الذي قد يستغرق أمدا طويلا وبدون ضمانات ولا يختلف عن التعهدات الكوريّة
إن منهج روسيا في التشجيع على توسيع إنتشار أسلحة الدمار الشامل في مناطق متفرقة في العالم يمثّل الإهتمام الأمريكي الأول كما يبدو لنا الآن.
يتبع رجاء


6 - الضربة الأمريكيّة5
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 12 - 22:44 )
ومع انني سبق أن قلت في مناسبات سابقة أن الشراكة مع الولايات المتحدة أفضل ولكن التردّد بسبب ظهور الدب الروسي على الساحة مرة أخرى يبدو أنه يدفع الأمريكان لإعادة بعض الحسابات
تحيّاتي وتقديري


7 - الرفيق العزيز سنان
فؤاد النمري ( 2013 / 9 / 13 - 05:25 )
أود أخيراً أن أشكرك على كل الإيضاحات التي قدمتها
وبالمناسبة يمكنني أن أؤكد لشخصكم الكريم أن عصابة العسكر ورجلها خروشتشوف وبعد أن قامت بانقلاب على النظام الاشتراكي في مركزه موسكو حال رحيل ستالين في العام 1953 ترتب عليها أن تدعم انقلابها بانقلابين عسكريين ضد التوجهات الاشتراكية في العالم العربي فكان انقلاب الهواري بومدين ضد الاشتراكي الماركسي كما أعلن عن نفسه أحمد بن بللا عام 1965 وإنقلاب حافظ الأسد على مجموعة صلاح جديد بعد أن أعلنت عن تبنيها للإشتراكية العلمية في نوفمبر 1970
روسيا ما زالت تدافع عن نظام الأسد لأنه أساساً هو شروع الخابرات السوفياتية الروسية التي ما زالت تحكم

كان لبومدين وحافظ الأسد الكلمة العليا في الكرملين
ليس مثل عبد الناصر الذي بصق بوجه بريجينيف في شباط 1970 عندما قال له في اجتماع سري متسائلاً .. أليس عيباً عليكم أن تتركونا نحارب حروبكم وأنتم تتفرجون على هزيمتنا !!؟
ذلك ما سارع في نهاية القائد العالمي لحركة التحرر الوطني جمال عبد الناصر

كثيرون هم من يرفضون مثل هذه الحقائق دون أن يكون لديهم شواهد كما هي لدي

تحياتي الخالصة لشخص الرفيق العزيز سنان أحمد حقي


8 - تقدير وتثمين
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 9 / 13 - 07:08 )
حضرة الأستاذ الكبير والعزيز فؤاد النمري المحترم
تحيّة معطّرة وبعد
إنني سعيد جدا باهتمامكم ببعض ما أكتب من مقالات وبحواركم الراقي والمبدئي ، كما انني ايضا أعلم كثيرا من الملاحظات التي أشرتم إليها وبودّي ان يميّز القارئ الكريم بين المشروع الماركسي اللينيني المبدئي وبين مشاريع المخابرات التي نوّهتم عن جانب منها ففي هذا تفسير لكثير من التناقضات الجارية حاليا
أكرر شكري وعظيم تقديري

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح